إسرائيل تستغلّ سوق غزة

05 ديسمبر 2014
شوارع غزة تتأهب لاستقبال سيارات الاحتلال المستعملة (getty)
+ الخط -
"الحاجة أم الاستغلال"، هذا هو المثل الشائع حالياً في قطاع غزة بدلاً من "الحاجة أم الاختراع"، بعد أن فقد القطاع كل أسباب النمو والاستقرار، وبالتحديد بعد العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف البشر والمنشآت والعقارات بأنواعها. وفي ظل زيادة حاجة غزة للكهرباء، والسيارات ومختلف السلع، فإن الاحتلال ينفذ لعبة تحقيق أكبر المكاسب من هذه القطاعات الثلاثة، كما يشدّد من حصاره لاقتناص جزء من أموال الإعمار عبر تصدير مواد البناء بأسعار مرتفعة.
وكشف مصدر في حكومة التوافق الوطني الفلسطينية عن موافقة إسرائيلية مبدئية على إدخال سيارات مستعملة من مناطق الاحتلال إلى قطاع غزة خلال الفترة المقبلة. وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، إن ما أعلنت عنه وسائل إعلام إسرائيلية خلال الأيام الماضية، حول السماح بإدخال السيارات الإسرائيلية المستعملة إلى قطاع غزة، صحيح، "والموضوع وصل إلى مراحل متقدمة". وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن اجتماعات فلسطينية إسرائيلية، أجريت مؤخراً بهذا الخصوص في وزارة المواصلات الإسرائيلية والشرطة، مشيرة إلى أنه سبق أن سمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال السيارات الجديدة للقطاع بثمن شامل للضرائب.
وأضاف المصدر أن عملية التصدير ستتم من خلال تجار سيارات إسرائيليين بالتعاون مع الشرطة وحكومة الاحتلال، وبين تجار سيارات فلسطينيين من غزة، الأمر الذي سيؤدي إلى حل أزمة نقص السيارات في الأسواق. إلا أن الباحث الاقتصادي، محمد قباجة، يرى أن في هذا الاتفاق (إن تم فعلاً) فائدة قصوى للجانب الإسرائيلي فقط، والذي سيمكن مواطني الاحتلال من التخلص من سياراتهم المستعملة، وبالأسعار التي يريدونها، وبالتالي يكون سوق سيارات الضفة وغزة هما المتضررين. وأضاف قباجة لـ"العربي الجديد" أن حكومة الاحتلال بهذا القرار، نجحت في فتح أسواق سيارات مستعملة لها، "ونحن نعلم مدى حاجة الغزيين إلى السيارات بسبب أزمة النقص التي تعاني منها هذه التجارة، منذ عام 2007". وتابع "إن سوق السيارات في إسرائيل منتعش، وسيؤدي إلى إيجاد أسواق جديدة للفائض من المستعملة إلى تحريك هذا القطاع في سوق الاحتلال. ويوجد أكثر من 37 وكيل سيارات معتمداً في مناطق الاحتلال، ونحو 7000 معرض للسيارات".
وبحسب ملحق "ذي ماركر" الاقتصادي الإسرائيلي، فإن مكتب منسق عام شؤون المناطق الفلسطينية في الحكومة الإسرائيلية، عقّب على النبأ قائلاً "تم إجراء تقييمات عدة للمسألة المذكورة، تقرر بعدها السير قدماً في بيع المركبات المستعملة من إسرائيل للقطاع وذلك على ضوء الفائدة المتبادلة للطرفين".
ومن جانب ثانٍ، زادت شركة كهرباء الاحتلال من كميات الكهرباء المصدّرة إلى غزة، مستغلة النقص الحاصل في إمدادات التيار الكهربائي بقطاع غزة، وعدم قدرة محطة التوليد على تلبية الاحتياجات المتزايدة، وقلة كمية الطاقة المصدرة من مصر، والتي لا تمثل سوى 9٪ من حاجة الغزيين الفعلية من الكهرباء.
وأكد كل من وزير الاقتصاد الوطني في حكومة التوافق، محمد مصطفى، ورئيس سلطة الطاقة عمر كتانة، الأحد الماضي، أن إسرائيل رفضت مقترحاً من بين خمسة مقترحات تقدمت بها السلطة الوطنية، لحل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة. وأبلغ الاحتلال الإسرائيلي السلطة رسمياً، برفض مقترح رسو سفينة توليد كهرباء تركية، قرب سواحل غزة لتزويدها بالكهرباء، بحجة ذرائع أمنية. أما نائب رئيس الوزراء لحكومة التوافق ووزير الاقتصاد محمد مصطفى، فقد صرح في تقرير صادر عن مكتبه، أن الجانب الإسرائيلي بصدد رفع كمية الطاقة التي يزودها إلى قطاع غزة من 120 إلى 160ميجاوات ، وهي نسبة تشكل نحو 35٪ من حاجة غزة الطبيعية من الطاقة.
يذكر أن الجانب المصري يزود غزة بنحو 32 ميجاوات من الطاقة، حيث كانت تبلغ في الفترة التي سبقت العدوان على غزة، نحو 27 ميجاوات، لكن تم رفعها خلال فترة العدوان لتستقر عند 32، بينما تولد محطة كهرباء غزة ما يتراوح بين 50 إلى 60 ميجاوات، بينما يحتاج القطاع إلى نحو 400 ميجاوات.
ويقول قباجة إن هذا الوضع سيمنح شركة كهرباء إسرائيل إمكانية التوسع بنطاق الخدمات التي تقدمها من الطاقة إلى الجانب الفلسطيني في قطاع غزة، وبالتالي يكون لديها ورقة ضغط سياسي، إلى جانب المكسب الاقتصادي. يذكر أن المقترحات لحل أزمة الكهرباء بحسب الوزير كتانة، تتضمن تزويد غزة بخط ضغط عالي إضافي، وطاقة متجددة.
وكانت السلطة الفلسطينية، قد وقعت مطلع العام الجاري، اتفاقية لاستيراد 4.75 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى الأراضي الفلسطينية، لمدة 20 عاماً، وبقيمة تتجاوز تكلفتها 1.2 مليار دولار أميركي.
كذلك استغل الاحتلال احتياج غزة من مواد البناء، للحصول على مكاسب إضافية، ويتم استيراد معظم احتياجات القطاع من الإسمنت من شركة تسمى (نيشر) الإسرائيلية، بينما يتم استيراد كميات قليلة من أسواق الأردن ومصر. وبحسب اتحاد المقاولين الفلسطينيين، فإن السلطة الفلسطينية تستورد 85٪ من حاجتها من الإسمنت، من الشركة الإسرائيلية، بحيث يمنع على أي جهة أخرى استيراد الإسمنت، باستثناء الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية. ووفقاً، لمصدر في اتحاد المقاولين الفلسطينيين، فإن وتيرة إنتاج الشركة الإسرائيلية، خلال الأسابيع الماضية ارتفعت، وسط توقعات بزيادة أسعاره، مع ارتفاع الحاجة له في غزة، وهذا يعني أن أموال المانحين لإعادة الإعمار، ستذهب نسبة لا بأس منها إلى شركات الاحتلال.
وكانت الدول العربية والغربية قد تعهدت بنحو 5.4 مليارات دولار، لفلسطين تخصص نصفها للإعمار، في مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقد في القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
المساهمون