مزارعو المناطق الحدودية بغزة يقطفون الثمار مبكراً

مزارعو المناطق الحدودية بغزة يقطفون الثمار مبكراً

11 مايو 2015
المزارعون يطالبون المؤسسات الدولية بالتدخل لحمايتهم(العربي الجديد/عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

مكرهاً وكاتماً غيظه يحصد المزارع الفلسطيني إياد قديح (42 عاماً) محصول القمح والشعير، من أرضه الواقعة أقصى الحدود الشرقية لمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، خشية إقدام الاحتلال الإسرائيلي على تدمير المحصول بوسائل مختلفة مثلما فعل قبل سنوات.

ويتعمد الاحتلال بين الحين والآخر تجريف المحاصيل الزراعية على طول الحدود الشرقية للقطاع، أو إحراقها عبر إطلاق القذائف عليها، فضلاً عن قيام طائرات إسرائيلية صغيرة الحجم برش مبيدات كيميائية تُجفف الزرع ثم تحرقه، الأمر الذي يكبد المزارعين خسائر مالية كبيرة تفوق طاقتهم.

وقال قديح لـ "العربي الجديد" إنه بدأ منذ أيام بجني محصول القمح والشعير، رغم أن دورة

زراعتهما التي تصل لقرابة ستة أشهر لم تكتمل بعد، ولكن الخشية من إلقاء الاحتلال قنابل دخانية حارقة على أرضه التي تبعد عن الحدود نحو 400 متر، مثلما حدث في الأعوام الثلاثة الماضية، دفعه لذلك.

ويوضح المزارع قديح، الذي تبلغ مساحة أرضه ثمانية دونمات، أن جني المحصول قبل موعده، سيضعف من جودته النهائية، الأمر الذي يكبده خسائر مالية تتجاوز أكثر من (1200 دولار)، وسترتفع الخسائر إذا لم يحظ المحصول بإقبال التجار والمواطنين على الشراء.

وناشد قديح المؤسسات الدولية بالتدخل لحمايتهم من بطش الاحتلال وتعويضهم عن خسائرهم المتراكمة منذ سنوات، مبيناً أن مشاركة بعض المتضامنين الأجانب أو أعضاء الصليب الأحمر في عملية الحصاد سيوفر لهم الحماية، وبالتالي سيتأجل الحصاد لبضعة أيام لحين نضوج الزرع كلياً.

عوامل الخوف التي دفعت قديح إلى جني القمح قبل موعده بنحو 34 يوماً، هي ذاتها التي أجبرت المزارع عمار النجار على تشغيل عدد من العمال الشباب معه، لمساعدته في حصد محصول العدس والكوسا والقمح، من أرضه التي تبلغ مساحتها تسعة دونمات، خلال أقصر مدة زمنية ممكنة.

اقرأ أيضاً: مزارعو حدود غزة: صيد ثمين في شباك الاحتلال

وقال النجار (38عاماً) لـ "العربي الجديد" إن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد حرق الأراضي الزراعية الحدودية أو التوغل فيها بالدبابات والجرافات لتدميرها، قبل موعد الحصاد بأيام قليلة، بهدف رفع تكلفة الخسائر المالية وضرب الموسم الزراعي بشكل كامل.

وبين أن المزارع هو المتضرر الأكبر من سياسات الاحتلال الهمجية ولكنه ليس الوحيد، حيث يتضرر التاجر التي يعتمد على المزارع في البيع والشراء، وكذلك المواطن الذي يُجبر على شراء البضائع الناجية من الدمار بسعر أكبر من المعتاد، في ظل تردي الظروف الاقتصادية لسكان غزة.

وأشار النجار إلى أن الخشية من تدمير الاحتلال للمحصول تبقى حاضرة في قلب المزارع حتى بعد إتمام الحصد، بسبب احتمال قصف الاحتلال للمكان الذي يُجمع به المحصول، الأمر الذي يجبر المزارع على نقله داخل الأحياء السكنية عبر عربات تجرها الدواب.

بدوره، قال مدير دائرة الزراعة في خان يونس، كمال العقيل، إن "الاحتلال يهدف من وراء الاستهدافات المتكررة للمزارعين على طول المناطق الحدودية، إلى ترسيخ مفهوم المنطقة العازلة التي تقتحم الحدود الشرقية للقطاع بعمق يصل لـ 500 متر، وفي مناطق أخرى تتجاوز مسافة كيلومتر مربع".

وأضاف العقيل لـ "العربي الجديد" أن الأراضي الزراعية الحدودية تعد مصدر الدخل المالي

الوحيد لمئات العائلات الغزية، لذا يخاطرون بحياتهم من أجل الوصول لها بدلاً من طلب المعونة أو الغرق أكثر في مستنقع الفقر، مشددا على أن المنطقة لا تشكل أي تهديد أمني للاحتلال بسبب انكشافها أمام أبراج المراقبة.

ويواجه المزارعون في المناطق الحدودية لقطاع غزة عدة تحديات أبرزها، تهديد الاحتلال لحياتهم بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر ومتعمد، إضافة إلى تدميره شبكات الري وآبار المياه، فضلاً عن غياب البنية التحتية التي تسهل عمليات تنقل المزارعين.

وقالت مديرية الزراعة في مدينة خان يونس، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إنّ الاحتلال الإسرائيلي تعمد رش مبيدات أعشاب على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي تبعد نحو 300 - 500 متر، ليجعل من الشريط الحدودي منطقة قاحلة لا زرع فيها، بما يلبي أهدافا خاصة به.

وظهرت أضرار المبيدات، وقتها، بعد نحو ثلاثة أيام من الرش، وبدأت التأثيرات، الأكثر وضوحاً، تظهر في الأراضي الزراعية الحدودية في مدنية خانيونس، والتي تقدر بنحو 500 دونم.

(الدونم يساوي ألف متر)


اقرأ أيضاً: غزة: مزارعو النخيل يحلمون بمصنع

المساهمون