بائع فاكهة غزة: جميع أبنائه بالتعليم الجامعي

بائع فاكهة غزة: جميع أبنائه بالتعليم الجامعي

16 مارس 2015
شعبان يرتب فاكهته لاستقبال الزبائن(العربي الجديد/عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يقف بائع الفاكهة الستيني عبد القادر أبو شعبان، في مدخل سوق الزاوية شرق مدينة غزة، أمام بسطته التي احتوت على مختلف أنواع الفواكه، يرتبها ويصففها بشكل يلفت نظر المارة إلى السوق والخارجين منه، والذين اعتادوا على نشاطه، وعلى جمال تنسيقه لبضاعته.

صوت مناداة بائع الفاكهة الملقب بأبو حسام الذي اتخذ من ميدان فلسطين مقراً لبسطته، لم يخفت رغم عمله الممتد منذ زمن، والتي عاصر خلالها مختلف الأوضاع التي مر فيها قطاع غزة، ليصبح شاهداً على حركتها التجارية منذ أربعة عقود.

بدأت قصة المُسن أبو حسام في العام 1967، عندما كان يذهب بسيارته إلى الأراضي المحتلة عام 1948، ويحضر مختلف أنواع الفواكه التي يتم زراعتها حسب الموسم، وبعد أن يصل إلى غزة، يتوجه لبسطته ويرتب الأصناف وصفّها بطريقة مميزة.

الحركة التجارية في ذلك الوقت كانت قوية ومنتعشة، بفضل سهولة الحركة، وتمكن التجار من دخول غزة والخروج منها بسلاسة، إضافة إلى عمل عشرات آلاف الأيدي العاملة داخل الأراضي المحتلة، ووجود دخل واف يمكنه من تسديد الاحتياجات كافة.

وعن ذلك يقول أبو حسام: "كنا نحضر الفواكه بشكل يومي، وكانت الأسعار مناسبة للجميع بسبب توفر المال في أيدي الجميع، لكن وبعد اشتعال شرارة الانتفاضة الأولى عام 1987 تغير كل شيء، وأغلقت المعابر، وشدد الاحتلال الإسرائيلي إجراءاته التعسفية والعدائية بحق الفلسطينيين".

ويضيف لـ "العربي الجديد": "على الرغم من تضييقات الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت، إلا أننا لم نتوقف عن العمل، وأصبحت أبحث عن مزارعين من داخل قطاع غزة كي أشتري منهم الفاكهة، وأستمر في عملي، وبالفعل وفرت مختلف أصناف الفاكهة المزروعة داخل القطاع".

ويتابع: "منذ ذلك الوقت اعتمدنا على البدائل في عملنا، وزاد الحصار الإسرائيلي من معاناتنا بعد أن أغلق المعابر، ومنع مواد البناء من دخول القطاع، ما ساهم بمضاعفة أعداد العاطلين عن العمل، وأدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق".

وعن مقارنة أسعار الفواكه في السابق، بالفترة الحالية، يقول بائع الفاكهة: "لا يمكننا القول بأن

سعر الفاكهة هو الذي يتحكم في عملية البيع والشراء، والمتحكم الأساسي في العملية التجارية هو وجود دخل للمواطنين، يمكنهم من شراء مستلزماتهم، وفي حال عدم وجود دخل، لا يمكنهم شراء شيء مهما رخص ثمنه".

التجاعيد التي كست وجه أبو حسام، اختصرت حكاية قطاع غزة، ورحلته مع الألم الذي بدأ منذ قدوم الاحتلال إلى فلسطين، وزاد نتيجة الممارسات العنصرية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، واقتصادهم، وحرية حركتهم.

الأوضاع الصعبة التي تمر بها غزة لم تمنعه من تعليم أبنائه وبناته السبع، في الجامعة، بمختلف التخصصات التي توزعت بين الخدمة الاجتماعية والصحافة والهندسة والمحاسبة، إيمانا منه بضرورة خلق أجيال واعية يمكنها الارتقاء بالواقع الفلسطيني.

ويقول: "زوجتي امرأة مدبرة ومقتصدة، لذلك كانت دائما تحاول مواءمة مصروفات البيت مع دخل العمل الذي أقوم به، وهذا من أهم الأسباب التي جعلتني قادراً على تجاوز العقبات التي تسبب بها ضعف الحركة التجارية، وسوء الأوضاع الاقتصادية".

ويوضح أبو حسام أن الأوضاع التي يمر بها قطاع غزة غير مسبوقة، في ظل تزايد عدد الفقراء ونسب العاطلين عن العمل، مقارنة بإغلاق المعابر المؤدية إلى القطاع وتوقف الاستيراد والتصدير، مبيناً أن هذه الأسباب ساهمت في خلق حالة من الإحباط العام.

ويتابع حديثه لـ "العربي الجديد": إضافة إلى كل تلك الأسباب، زاد قطع راتب عشرات آلاف الموظفين من سوء الواقع، هناك أسر مستورة لا يمكنها توفير لقمة العيش، وتعتمد اعتماداً كاملاً على المساعدات التي تقدم إليها من المؤسسات والجمعيات الخيرية".

ويوضح أن انتعاش الحركة التجارية يتم فور تسلم الموظفين رواتبهم، حينها تكتظ الشوارع والأسواق بالمارة والمشترين، ويقول: "لشوارع غزة نكهة أخرى عند صرف الرواتب، والجميع حينها يستفيد، ابتداء من السائقين، مروراً بالتجار وأصحاب المحال التجارية والبسطات".

ويضيف: "رغم الظروف الصعبة، إلا أنني بت مدمناً على العمل، أستيقظ يومياً لصلاة الفجر، ومن ثم أذهب لعملي، الذي ينتهي في الشتاء الساعة السابعة، وينتهي في الصيف عند منتصف الليل، سأستمر حتى آخر يوم في عمري ببيع الموز والتفاح والمانجا والفراولة".


اقرأ أيضاً: الإهمال يهدّد مشاريع التشغيل المؤقت في غزة

المساهمون