أزمة مواصلات تشل شوارع بغداد

أزمة مواصلات تشل شوارع بغداد

02 فبراير 2015
معاناة يومية للعراقيين من الزحام في شوارع بغداد(فرانس برس)
+ الخط -
يشارك العاملون في القطاع الحكومي بالعراق نظراءهم في القطاع الخاص نفس الهمّ اليومي، بمواجهة أزمة مواصلات طاحنة تشهدها العاصمة بغداد، فالزحام يعطل الجميع عن الوصول إلى أعمالهم حيث إن كل الشوارع تقريبا، أصبحت مكتظة بالسيارات ووسائل المواصلات المختلفة، وحتى نهوض البعض مبكراً منذ ساعات الفجر الأولى لا يساعده في الوصول إلى مبتغاه.
وفيما تصاعدت شكاوى المواطنين من إهمال المسؤولين لحل هذه الأزمة في ظل انشغالهم بالاضطرابات الأمنية، أكد مسؤولون حكوميون أن سبب الأزمة الرئيسي يرجع إلى كثرة السيارات التي جعلت العاصمة أشبه بمستعمرة للسيارات.
وفي هذا الإطار يؤكد الخبير الاقتصادي عبد العزيز الأنباري لـ "العربي الجديد"، أن عدد السيارات في العاصمة وحدها يتجاوز أكثر من مليوني سيارة، ويعيش فيها أكثر من تسعة ملايين مواطن وهذا يولد ضغطا على الشوارع، وعدم وجود آلية قانونية لتنظيم ومراقبة سوق السيارات، ساهم بأن يكون العراق أكبر مخزن للسيارات التي لا تنطبق عليها الشروط الدولية".
وأشار إلى انتشار السيارات التي تدخل عبر أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي، ولكن أكثر السيارات في شوارع العاصمة من طراز "سايبا" الإيرانية؛ والتي يطلق عليها اسم الصفوية كونها مصنوعة في إيران.
ويقول أحد سائقي الأجرة في بغداد عمر عبد الجبار، لـ "العربي الجديد"، إن "موضوع الزحام في العاصمة بغداد يكاد يكون واحدا من أهم المواضيع التي غابت عن المشهد الصحافي العراقي، لأنه مشغول بما يحدث من تداعيات الأحداث الأمنية، وما يجري من حرب بين الحكومة وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، لافتاً إلى أن "العمل في شوارع بغداد بات مشهداً معقداً؛ لأنه مرتبط بالزحام وكثرة السيارات في العاصمة وتحتاج إلى أكثر من ساعتين للخروج من أي منطقة في قلب العاصمة، مثل مناطق العلاوي والنهضة والكرادة وشارع الجمهورية.
ويضيف عبد الجبار باللكنة العراقية الدارجة "عمي خربت" (انتشر الخراب)، لأن الناس كثرت والسيارات زادت والشوارع كما هي بدون تطوير، ما يعني زيادة حالات الاختناق المروري، مبيناً أن الشوارع باتت جزءا من عمله اليومي؛ وهو يحفظ كل رقعة جغرافية بشوارع العاصمة بغداد، وهو يقف في صفوف السيارات بإشارة المرور والتي تستمر لساعة وساعتين، ونحن حين ندخل تلك الشوارع نطفئ السيارات ونشعل الراديو لنسمع القرآن الكريم أو الأغاني، حتى يتم فتح الطرق.
من جهته يقول الموظف الحكومي في وزارة البلديات والأشغال العامة حسين قاسم، لـ "العربي الجديد"، إن الزحام هو العنوان اليومي والسمة المهمة للموظف الحكومي في العاصمة بغداد، لأن ساعات العمل محددة من الساعة الثامنة وحتى الساعة الثالثة، وهذه الأوقات تعتبر ساعات الذروة بالنسبة للزحام، وإذا أردت الذهاب إلى موقع العمل فعليك الخروج قبل الموعد بساعتين، للوصول في الوقت المحدد، معللاً أسباب الزحام إلى كثرة السيارات وعدم تطوير البنية التحتية، وإنشاء شبكة طرقات جديدة لغرض إيجاد بدائل لما يجري في العاصمة من اختناقات مرورية.
وأشار إلى أن الأزمة دفعت الكثيرين إلى اللجوء إلى رياضة المشي، بعد الوصول إلى أقرب نقطة دالة لموقع العمل وقطع البقية سيراً على الأقدام أو استخدام الدراجات الهوائية.
ويقول أحد العاملين في مديرية المرور العامة العميد علي العبودي لـ "العربي الجديد"، إن "حل موضوع الزحام يعتبر مهاما مشتركة بين المرور وأمانة العاصمة؛ لأن عمل المرور هو تنظيم السير وليس إنشاء الشوارع وفتح الطرقات"، مبيناً أن وزارة الداخلية قامت بتسيير السيارات عن طريق النظام الفردي والزوجي لغرض تقليل الضغوطات على الشوارع، والحد من ظاهرة الزحام وكذلك وجود مئات نقاط التفتيش في عموم العاصمة لغرض تدقيق، وتفتيش في هويات المدنيين ضمن إجراءات أمنية تتخذها الأجهزة المختصة في حفظ الملف الأمني في بغداد".
وفي هذا الإطار يقول الخبير الأمني العراقي محمود صافي أحمد، لـ "العربي الجديد"، إن "الاضطرابات الأمنية ودخول البلاد في حرب مع داعش، سبب يضاف إلى معاناة المواطن في العاصمة بغداد والتضييق على مساحة الحركة في الشارع، حيث تم إغلاق بعض الطرق الرئيسية في العاصمة بغداد، انعكس على تقييد حركة السيارات والتي تسبب خسائر للعاملين في عدة مجالات، تضاف إلى هموم ومعاناة اقتصادية على حياة المواطن العراقي".
من جهته يقول المتحدث الرسمي باسم أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة، إن "موضوع الزحام في العاصمة يمثل أولوية كبيرة من اهتمام العاصمة وأمانتها حيث نبحث عن حلول واقعية لمشكلة الاختناق، مشيراً إلى أنه تم إنشاء جسور في مناطق الكاظمية والشعب والشارقة والشباب والقحطان، ولدينا خطة لإنشاء جسور بساحة اللقاء والعلاوي والمستنصرية والخلفاء ونفق باب المعظم والتي تساهم بتقليل الزحام في شوارع العاصمة بغداد".
وشدد أن" الأمانة لديها نحو 25 طريقا مسدودا لأسباب أمنية أمام حركة السيارات، في مختلف قواطع البلديات داخل أمانة بغداد، ويجري العمل حاليا على فتح بعض الشوارع".
وتابع أن "الأوضاع الأمنية غير المستقرة تساهم في جعل العاصمة مقصداً للكثير من العوائل النازحة، والتي جاءت من محافظات نينوى وصلاح الدين؛ وهذا الأمر يزيد نسبة المساحات والخدمات في العاصمة بغداد".
من جهته يقول عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي، "إن أمانة بغداد وقعت اتفاقاً قبل عامين مع شركة استشارات فرنسية تدعى شركة "سسترا" لإنشاء مشروع المترو، بكلفة ثلاثة مليارات دولار، ولو تم تنفيذه سيقلل من الزحام في العاصمة بشكل كبير".
ويضيف الربيعي، "إننا نعمل على وضع تصميم جديد للعاصمة بعد كثرة الأحياء العشوائية للمساهمة في حل الأزمة".

المساهمون