عمال مصريون في ليبيا: الحرب ولا البطالة

عمال مصريون في ليبيا: الحرب ولا البطالة

24 مايو 2014
الوضع الأمني في ليبيا طارد للعمالة (عبدالله دوما/فرانس برس/getty)
+ الخط -

ارتفعت حدّة المعارك في غير منطقة ليبية، فانتقلت معظم العمالة المصرية من منطقة بنغازي الليبية إلى مناطق درنة والبيضاء وطبرق، وسط إصرار معظم العمال على البقاء في ليبيا هرباً من البطالة في مصر.

وتشهد ليبيا اضطرابات دموية، بعد اشتباكات شهدتها مدينة بنغازي منذ أيام بين قوات تابعة للواء المتقاعد، خليفة حفتر، ومقاتلين من الثوار، يتبعون رئاسة الأركان في الجيش.

ويعيش العاملون المصريون في ليبيا معاناة شديدة نتيجة لسوء الوضع الأمني، واستهداف المصريين كرهائن مقابل الإفراج عن ليبيين مسجونين في مصر.

وتفتقر غالبية الأجهزة الحكومية في مصر إلى إحصاء دقيق عن عدد العمالة المصرية في ليبيا حالياً، إلا أن تقارير متخصصة تقدرهم بنحو 300 ألف شخص أو أكثر، بينما تقدر شعبة "إلحاق العمالة بالخارج" في مصر عدد العمال المصريين في ليبيا قبل ثورة 25 يناير 2011 بنحو مليوني عامل.

العيش في الحرب

وقال عدد من العمال المصريين في ليبيا في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع في ليبيا تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأدّت الحرب المشتعلة بين قوات حفتر والحكومة الليبية إلى توقف حركة العمل، وارتفاع أسعار السلع الغذائية.

هكذا دفعت الاشتباكات المسلّحة عدداً قليلاً من المصريين للعودة إلى القاهرة، فيما ينتظر معظم العمال هدوء الأوضاع للحصول على مستحقاتهم المالية، وأصرّ آخرون على البقاء هرباً من أزمة البطالة في مصر. هذا وقد غادر معظم العمال المصريين من المناطق الساخنة إلى المناطق الهادئة نسبياً.

وأعلنت الحكومة المصرية، يوم الخميس الماضي، حالة الطوارئ على حدودها مع ليبيا، مناشدة المواطنين عدم السفر إلى طرابلس، وسط نفي رسمي لوجود أيّ تدخل مصري في الأحداث الليبية.

وأصدر رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، تعليماته لتسهيل عودة المواطنين المصريين المقيمين في ليبيا إلى بلادهم. وشكّل مجموعة وزارية للانعقاد الدائم لحل مشاكل المصريين في ليبيا، ومراقبة الحدود حتى استقرار الأوضاع.

أوضاع سيئة

وقال أحد العمال العائدين من ليبيا إلى القاهرة سيد عبد الجابر لـ"العربي الجديد" إن أوضاع العمال المصريين في ليبيا سيئة، إلا أن قلّة الوظائف المتوفرة في مصر تدفع العمال الى تحمل هذه الأوضاع على أمل أن تتغيّر، في حين يفضّل آخرون العودة الى مصر خوفاً من اشتداد الأزمة الأمنية.

وقال عامل بناء مصري مقيم في ليبيا حالياً، محمد سيد علي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأوضاع هنا سيئة للغاية". وأضاف: "لا يمر يوم من دون عمليات قتل أو احتجاز أو اعتقال مصريين في ليبيا بلا أي ذنب، وسط عجز من جانب البعثات الدبلوماسية المصرية في طرابلس".

وقال إن "الحكومة الليبية لا تستطيع حمايتنا. ليبيا تعيش حالياً تحت رحمة الميليشيات المسلحة التي تفرض إرادتها وقراراتها، ليس فقط على العمال المصريين البسطاء بل على تفاصيل الحياة اليومية كلها".

وأوضح "العمال المصريون يعملون في ليبيا تحت حماية كفلائهم الليبيين، ويقيمون بجوار منازلهم"، لافتاً الى أن "كل عامل مصري يكون تحت حماية الليبي الذي يعمل معه نهاراً، أما ليلاً فكل عامل مسؤول عن نفسه".

وتابع "نحن مضطرون للعمل في ظل هذه الظروف السيئة، نظراً لعدم توفر فرص عمل في مصر. حتى مصر ليس فيها أمان، ربّ هنا ربّ هناك".

توتر وارتفاع للأسعار

وقال النجار المصري عزمي علي المقيم حالياً في منطقة المرج في ليبيا لـ"العربي الجديد" إن عدداً كبيراً من العمال المصريين (من أقاربه) قرروا الرحيل من بنغازي إلى المرج باعتبارها أكثر هدوءاً وأمناً.

وأضاف: "تجمّعنا أكثر من ٢٥٠ فرداً، أنا وأولاد عمومتي وأبناء مركز ملوي التابع لمحافظة المنيا، وقررنا الانتقال من بنغازي إلى المرج، ونعمل حالياً هنا، لكننا نعمل نصف يوم فقط حتى أذان العصر، وبعدها نترك العمل ونتجمع في مجموعات كبيرة ونعود الى منازلنا".

وأشار علي إلى أن أسعار السلع الغذائية بدأت في الارتفاع بعض الشيء، غير أنها ما زالت متوفرة في الأسواق التي تعمل هي الأخرى حتى منتصف النهار فقط. وأوضح أنه وأقاربه يقسمون أنفسهم إلى مجموعتين: "واحدة للعمل وأخرى للحراسة وإعداد وتوفير الأطعمة والغذاء".

عودة المزيد من المصريين

وعاد 54 مواطناً مصرياً كانوا يعملون في ليبيا عبر منفذ السلوم البري، وفقاً لموقع البوابة نيوز المصري، مع توقع عودة المزيد من المصريين.

وقالت "شعبة شركات إلحاق العمالة بالخارج" في مصر، إنها تمتنع حالياً عن تسفير عمالة مصرية إلى ليبيا، وفرضت عقوبات على الشركات التي تقوم بتسفير العمالة إلى هناك، باعتبارها إحدى المناطق الخطرة.

وأكد وكيل الشعبة، عبد الرحيم إبراهيم، في حديث هاتفي مع "العربي الجديد"، أن الشعبة طالبت وزارة الخارجية بسحب جميع العمالة المصرية من ليبيا، خصوصاً من مدينة بنغازي، لحين استقرار الأوضاع الأمنية هناك.                  

المساهمون