وزير النقل بلبنان لـ"العربي الجديد": قد أعيد إعمار المرفأ بإيراداته

وزير النقل اللبناني لـ"العربي الجديد": إن كان الهدف أخذ المرفأ رهينة فسأعيد إعماره من إيراداته

ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
15 يوليو 2022
+ الخط -

 يعتبر وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال في لبنان علي حميّة أن الوعود الدولية لإعادة إعمار مرفأ بيروت "غير جدية"، وأنه قد يلجأ إلى القيام بهذه الخطوة من موارد المرفأ الخاصة في حال إبقائه رهن التجاذبات الدولية.

فيما يلي نص المقابلة:
 
*كيف تقيّمون حركة مرفأ بيروت بعد مرور سنتين على الانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس/آب 2020؟

حركة المرفأ ممتازة، كانت تعمل 3 رافعات من أصل 16 رافعة، واليوم وصلنا إلى 11 ونقترب من 12 رافعة. المرفأ يعمل بكامل حركته وتفعيل عمله هاجس أساسي لدينا لا رجعة عنه، حيث إن بيروت وليدة نشاط المرفأ. والمرفأ سيعمل مثلما كان في السابق، وينافس أقرانه على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. سنعيد إعماره لأنه مرفأ لكل اللبنانيين.

أنا اليوم وزير للأشغال وغداً قد لا أكون. لذلك أريد أن أطمئن اللبنانيين إلى أن مرفأ بيروت سيعمل كالسابق وسيعود إلى نشاطه، وأصبح الأمر مرتبطا بتطويره وإعادة إعماره حصراً، هذا هدفنا الأساس ونأمل أن يتحقق.

أطمئن اللبنانيين إلى أن مرفأ بيروت سيعمل كالسابق وسيعود إلى نشاطه

*ما هو موقفكم من التعاطي الخارجي مع ملف مرفأ بيروت خصوصاً من حيث الدعم والمساعدات؟

في هذا الموضوع أريد أن أطرح سؤالاً: هل المطلوب إبقاء المرفأ رهينة التجاذبات الدولية؟ إذ إن الزيارات كثيرة إلى المرفأ لكن أين الفعل؟ وأين المساعدات؟ أو أن كل التحركات ستبقى محصورة بالشعارات، ومئة ألف دولار من هنا وهناك لتركيب سكر أو نبريش مياه، "بلاهن أحسن" (من دونهم أفضل). ثانياً، ألاحظ انه لا يوجد أي دولة جدية في طرح مساعدتها للبنان في ملف المرفأ، ولا يوجد عروض جدية يحصل عليها لبنان من الدول الأخرى بما فيها فرنسا وغيرها، فالعرض الجدي يكون مبنياً على اتفاقات وأوراق رسمية.

إذا كان الهدف هو إبقاء المرفأ رهينة من دون دعمه، عندها سأقوم بإعادة إعماره من إيراداته الخاصة

أنا التقي بكل سفراء الدول من دون استثناء شرقاً وغرباً، وموضوع إعادة إعمار مرفأ بيروت مطروح على الجميع إن كان الدول أو الشركات التمويلية، وكذا هناك إمكانية لإعادة إعماره من إيراداته الخاصة. وبالتالي، إذا كان الهدف هو إبقاء المرفأ رهينة من دون دعمه، عندها سأقوم بإعادة إعماره من إيراداته الخاصة، ولن أتراجع، وبدلاً من أن أعمره خلال سنتين في حال حصوله على الدعم، عندها يمكن إعادة إعماره بخمس سنوات من موارده الذاتية.

*ولكن الدول المانحة والخارجية المعنية بالملف اللبناني تطلب من لبنان القيام بإصلاحات مقابل تقديم الدعم المالي، سواء لمرفأ بيروت أو بشكل عام، وتؤكد هذه الجهات أنه لا يوجد إصلاحات حتى الساعة، كيف تردّون على هذه المواقف؟

إصلاحات ماذا؟ فليذهبوا لإجراء إصلاحات في بلادهم. نحن في وزارة الأشغال العامة والنقل نقوم بالإصلاحات منذ اليوم الأول على تسلمي مهامي الوزارية في الحكومة اللبنانية (تشكلت في 10 سبتمبر/ أيلول 2021 برئاسة نجيب ميقاتي)، ليدلّنا أحد على ملف فساد واحد في الوزارة. ليدلنا أحد إذا ما كنّا نحابي أحداً؟ أو على ملف لا نقوم بإصلاحات فيه. هذه مجرد شعارات يتم إطلاقها، ولكن أين المساعدات على الأرض؟ وأين وقفت الدول مع لبنان عملياً؟ الحركة تقتصر فعلياً على زيارات وموظفين يأخذون الأموال وخبراء يأخذون المال من دون تقديم شيء.

أين العالم الغربي والشرقي من مساعدة لبنان؟ فليدلني أي أحد على جهة داعمة لهذا الملف أقلّه من تاريخ تسلمي الوزارة. موضوع التحجج بالإصلاحات مجرد شعارات، وكأن بلادهم صالحة وبلادنا غير صالحة. كلنا نشبه بعضنا لكنّ هناك فرقا في موازين القوى. من يريد مساعدة لبنان فليساعده بالأفعال وليس الأقوال. من جهة ثانية، ومن تاريخ وقوع الانفجار في 4 آب/ أغسطس، لم يبقَ رئيس دولة إلا وأتى إلى مرفأ بيروت وقرأ الفاتحة وصلّب (رسم إشارة الصليب على صدره)، ووعد بإعادة إعمار المرفأ والوقوف إلى جانب لبنان، لكن أين الفعل على الأرض؟

*ولكن بحسب الجهات المانحة والداعمة فإن التجارب الدولية والعربية السابقة مع لبنان لم تكن مشجعة في إطار المساعدات في ظلّ هدر الأموال وصرفها في غير مكانها، وهو ما ترتكز عليه الدول لعدم تقديم الدعم المباشر للدولة قبل القيام بالإصلاحات، أليس كذلك؟

ألم تر الدول الأموال التي تدخل إلى لبنان وتخرج منه؟ ألا تعرف أين هي هذه الأموال؟ هم يعرفون. كل الدول لديها أنظمة مصرفية تمكّنها من معرفة كيف تدخل الأموال ومن يخرجها وإلى أين. هم يعلمون من أخرج المال ومن أخذ مليارات الدولارات من البلد. وبالتالي لن نبقي مرفأ بيروت ولا لبنان رهينة التجاذبات السياسية والإقليمية والعالمية، وكل ما نقوم به هو وفق القانون.

*هل أصبح مرفأ بيروت آمناً وسط مخاوف لبنانية تعود في كل فترة إلى الواجهة من إمكان حصول حدث أمني في ظل الغموض الذي يحيط المكان وحركته؟

مرفأ بيروت آمن، والصلاحيات موزعة على الجهات المعنية وعلى الأجهزة الأمنية. وزير الأشغال هو جزء من الدولة، هو ليس دولة في وزير. أنا مسؤولٌ عمّا يتعلق بوزارة الأشغال العامة والنقل، والتعاون يتم مع الوزارات الأخرى ضمن إطار مجلس الوزراء لنحافظ على البلد. *كيف تقيّمون حركة مطار رفيق الحريري الدولي في ظل الإقبال الكثيف على لبنان في موسم الصيف، وما هي أبرز المشاكل التي تواجهكم؟ حركة المطار ممتازة ولو من اللحم الحيّ رغم الوضع المالي ووضع الخزينة العامة السيئ، مع الإشارة إلى أن المطار أكثر مرفق يستعمل قطعاً إلكترونية تتطلب دفع الدولار النقدي، عدا عن الإنفاق على توفير المازوت وغيره.

لن نبقي مرفأ بيروت ولا لبنان رهينة التجاذبات السياسية والإقليمية والعالمية، وكل ما نقوم به هو وفق القانون

وبالتالي الحركة ممتازة وإيجابية من حيث الوافدون. وعملياً نحن نحاول قدر الإمكان ورغم الظروف الاقتصادية والمالية التي تعاني منها الدولة اللبنانية أن نخدم هذا العدد الكبير من الوافدين إلى البلد. ففي 7 يوليو/تموز الجاري فقط وصل 20 ألف وافد، وهي حركة لم يشهدها لبنان من قبل. أما على صعيد المشاكل فإن أبرزها مرتبط بالطاقة واستبدال قطع الغيار في المطار، وهي عملية تتطلب دفع الدولار النقدي، ولكن الوضع يسير بشكل جيد حتى الآن.

*هل ستلجأ الدولة اللبنانية إلى رفع الرسوم خصوصاً المستوفاة من شركات الطيران، إذ يوجد الكثير من الانتقادات التي تتعلق بالإبقاء على استيفاء الرسوم من الشركات بسعر الصرف الرسمي (1507 ليرات)، ألا تهدر هذه العملية الكثير من الدولارات؟

على المطالبين بذلك أن يسمحوا لنا بإدارة الملف. منذ 6 أشهر وضعنا على جدول أعمال مجلس الوزراء وفي موازنة 2022 موضوع استيفاء الرسوم بالدولار، والوزارة اقترحت ذلك وتمت الموافقة على الاقتراح من قبل الحكومة، وأصبح الاقتراح أمام مجلس النواب. كلفة الدخول إلى صالون الشرف في المطار لم تعد بقيمة 500 ألف ليرة وأصبحت بقيمة 100 دولار، وفق الاقتراح. الجدول رقم 9 (في الموازنة العامة المرتبط برسوم المطارات) أصبح بالدولار وبدلاً من 249 مليار ليرة لبنانية أصبح إجمالي الرسوم المقدرة 165 مليون دولار.

وبحسب الاقتراح حوّلنا رسم المسافرين المغادرين من 50 ألف ليرة إلى 35 دولاراً أميركياً، وجزء من الاستثمارات أيضاً أصبح بالدولار، ولكن كل ذلك يحتاج إلى إقرار من قبل مجلس النواب. نحن قمنا بالمطلوب منا كوزارة على أكمل ما يرام وفق القانون ومن دون المساس بجيوب المواطنين.

*ما هو وضع الموظفين في الوزارة في ظل الإضرابات التي تطاول القطاع العام وهل من مطالبات بزيادة الرواتب؟

المطلوب تفعيل المرافق العامة وزيادة إيرادات الخزينة العامة وبالتالي زيادة رواتب الموظفين من خلال تفعيل المرافق وليس من خلال اللجوء إلى الاستدانة.

*إهراءات (صوامع) مرفأ بيروت تشهد حرائق بشكل مستمر منذ أيام من دون إطفائها، لماذا؟

الحريق يعود إلى عوامل طبيعية وطريقة تكديس 8 أمتار من القمح والذرة بصوامع على الجهة الشمالية من المرفأ، الأمر الذي يؤدي إلى اشتعالها، بالإضافة إلى ذلك إن المياه لا تطفئ الحريق، كما أنه عند تشكيل الحكومة وتسلمي الوزارة ورد إلي من المجلس الأعلى للدفاع كتاب رسمي بمنع الاقتراب من محيط الأهراءات " الصوامع" حفاظاً على السلامة العامة وأرسلت إلى إدارة المرفأ وفق الأصول أن هناك 150 متراً حزام أمان ممنوع الاقتراب منها نهائياً. أما الحل بحسب الخبراء فترك القمح ليحترق أو كسر الصومع لسحب القمح لكن بهذه الحالة نعود للعملية نفسها بأن لا أحد يمكنه الوصول إلى المبنى وأنا لن أعطي موافقة لأي أحد ضمن صلاحياتي بأن يقترب.

الحكومة اتخذت قراراً بهدم إهراءات القمح قبل أشهر ولكن لم يتخذ القرار بعد بالتنفيذ

*أين أصبحت عملية هدم الأهراءات التي أقرها مجلس الوزراء والتي يرفضها أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت؟

حول هدم الأهراءات، الحكومة اتخذت قراراً بالهدم قبل أشهر ولكن لم يتخذ القرار بعد بالتنفيذ، وكلجنة وزارية وصل إلينا كتاب من المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت في 8/12/2021 بأنه لا داعي للإبقاء على المبنى لأننا أصبحنا بمرحلة متقدمة من التحقيقات وتالياً لم يعد المكان هناك مسرحاً للتحقيق، إضافة إلى التقرير الفني من خبراء محليين ودوليين بأن الأهراءات آيلة للسقوط وقد اتخذت توصيات ضمن اللجنة الوزارية رفعت لمجلس الوزراء بهدمها، وبالتالي إما نأخذ بالقرارات القضائية أو لا نأخذ بها، ونحن قرارنا مستند إلى ركيزتين، القانون والسلامة العامة.

ذات صلة

الصورة
أمام مركز مصرف لبنان في بيروت (حسين بيضون)

اقتصاد

نفّذت جمعية "صرخة المودعين" في لبنان اعتصاماً، صباح اليوم الخميس، أمام مقرّ المصرف المركزي في بيروت "ضدّ التعاميم الظالمة للمودعين"، رُفِعَت خلاله لافتات تدعو إلى ردِّ ودائع الناس المحتجزة في المصارف منذ نحو أربع سنوات.
الصورة

اقتصاد

عجز البرلمان اللبناني عن عقد جلسة تشريعية اليوم الخميس، بعد تعذر تأمين النصاب القانوني مع حضور 53 نائباً فقط من أصل 128 نائباً، في مشهدٍ أثار امتعاض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي يعتبر أن هناك ضرورة ملحة لإقرار قوانين متصلة بخطة التعافي.
الصورة
أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (العربي الجديد)

سياسة

خرج أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، بعد ظهر اليوم الجمعة، في وقفة طالبوا خلالها باستئناف التحقيقات ومعرفة تفاصيل الجريمة التي أودت بحياة 220 شخصاً، في 4 أغسطس/ آب من عام 2020.
الصورة

مجتمع

منذ ثلاث سنوات، جمعت وليام نون وماريا فارس مأساة خسارة أعز الناس جراء انفجار مرفأ بيروت المروع. وبعد أسابيع، سيجمعهما زواج يكلّل حباً وُلد من رحم الأحزان، ويكرس عهدهما بالنضال حتى تحقيق العدالة لضحايا الكارثة.

المساهمون