هل تواجه أسواق المال أزمة سيولة دولارية؟

هل تواجه أسواق المال أزمة سيولة دولارية؟

13 سبتمبر 2022
انهيار الين مقابل الدولار يدق جرس الإنذار في طوكيو (Getty)
+ الخط -

هل بات الاقتصاد العالمي على حافة أزمة سيولة خطيرة بسبب السياسات النقدية المتشددة التي تنفذها البنوك المركزية لمحاصرة التضخم؟

السؤال يتردد بين قيادات بنوك الاستثمار والشركات المالية ومؤسسات إدارة الأموال وسط الهروب المتواصل للثروات من أسواق المال والأصول الخطرة نحو الملاذات الآمنة، ما رفع الطلب على الدولار في أوروبا وآسيا. وباتت أزمة السيولة الدولارية لا تقتصر فقط على الأسواق الناشئة، وإنما امتدت لأسواق أوروبا التي تئن الآن تحت وطأة أزمة مشتريات الغاز والمشتقات البترولية، في وقت تتراجع فيه قيم عملات اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.
في هذا الشأن، يقول الرئيس التنفيذي لشركة "ريفر آست منجمنت" الأميركية، أيريك بيترز، إن العالم يقف على حافة أزمة سيولة خطيرة وإن ضغوط الطلب تتزايد على الدولار.
من جانبه، يقول مصرف "جي بي مورغان" الأميركي، إن حجم الاستثمارات الصافية التي هربت من سوق السندات بالأسواق الناشئة بلغ 50 مليار دولار في النصف الأول من العام، وهو أكبر معدل هروب منذ 17 عاماً.
وفي ذات الصدد، يرى الزميل بمعهد الاقتصاد الدولي بجامعة برينستون الأميركية، موريس أوبستفيلد، أن "الدولار القوي عادة يتزامن مع الفائدة المرتفعة ويقود تلقائياً إلى ضغوط على أسواق المال وهروب الاستثمارات من الأسواق العالمية إلى الأدوات الأميركية".
ويشير إلى أن هذه الظروف النقدية القاسية التي يعيشها العالم حالياً ربما تؤدي إلى تباطؤ في النمو وأزمات بجميع الاقتصادات العالمية.
وما يفاقم أزمة السيولة الدولارية الارتفاع الكبير في السندات العالمية التي أخذت بالعملة الأميركية وحاجة الدول والشركات العالمية للدولارات لتسديد أقساط وخدمة هذه الديون.
وحسب مصرف "أتش أس بي سي" البريطاني، فإن حجم سوق السندات الدولية ارتفع في نهاية العام الماضي 2021 إلى 119 تريليون دولار، وإن سوق السندات الأميركية ارتفع حجمها إلى 46 تريليون دولار.
ويلاحظ مصرفيون أن معظم هذه السندات تم اقتراضها بالدولار أو ما يطلق عليه "يورو بوندز". كما يضاف إلى ذلك أن الحرب الروسية في أوكرانيا وما تلاها من أزمة في إمدادات النفط والغاز الطبيعي إلى أوروبا رفعا من حاجة أوروبا للدولارات لشراء الطاقة خلال العام الجاري مقارنة بما كان الحال عليه قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث كانت أوروبا تدفع جزءا كبيرا من أثمان النفط والغاز الطبيعي الروسي باليورو.
من جانبه يقول المسؤول السابق ببنك اليابان المركزي، سيوري شيراي، في تعليق لمجلة فورشن الأميركية، إن الدولار القوي يرفع الطلب على أدوات المال الأميركية ويزيد من مخاطر الركود الاقتصادي العالمي. وما يفاقم أزمة السيولة العالمية، خاصة السيولة الدولارية، الأداء الضعيف لأسواق المال الأميركية والارتفاع السريع في معدل الفائدة الذي أدى إلى هروب الثروات من أسواق المال في أوروبا وآسيا، والبحث عن ملاذات آمنة لتجنب كارثة حدوث انهيار في البورصات.
ويضيف "تحدث أزمة السيولة النقدية عادة حينما يكون هنالك نقص بالدولارات المتاحة في السوق، سواء كانت هذه السيولة "كاش" في الحسابات المصرفية أوفي الأدوات القابلة للتسييل الفوري".

وفي ذات الصدد يرى تحليل اقتصادي منشور على موقع جامعة "باث" البريطانية، أن السياسة النقدية الحالية للبنوك المركزية العالمية التي تركز على مكافحة التضخم عبر الرفع السريع للفائدة على الأموال المقترضة ربما تقود تلقائياً إلى اضطراب في أسواق المال وبالتالي انهيار في أسعار الأسهم. وهذا الاحتمال يرعب المستثمرين ويدفعهم نحو سحب ثرواتهم من البورصات.
ووفق الدراسة فإن هنالك عدم يقين بشأن توجهات أسواق المال في الوقت الراهن بسبب سياسة أسعار الفائدة، وإن عدم اليقين يغذي النقص الكبير في السيولة المتاحة بالسوق، كما يجبر البنوك التجارية والشركات المالية على بيع أصولها في الأسهم لتلبية الطلب المتزايد على السيولة.
وهذا العامل، حسب التحليل بموقع جامعة باث البريطانية ربما يقود إلى زيادة كبيرة في كلف الاقتراض للشركات والمؤسسات، وتكون النتيجة مفاقمة النقص الحالي في السيولة المالية وتحويلها إلى أزمة دولارات.
يذكر أن مؤشر الدولار ارتفع بنسبة 10% مقابل عملات الاقتصادات الصناعية خلال العام الجاري حسب بيانات مجلة فورشن الأميركية وهو أعلى ارتفاع منذ العام 2002.
ولا تقتصر مخاطر السيولة الدولارية على الاقتصادات الناشئة وأوروبا وآسيا فقط، ولكنها تمتد إلى السوق الأميركية نفسها حيث باتت قطاعات رئيسية بالاقتصاد تعاني من الزيادة السريعة والكبيرة في معدل الفائدة. وعلى رأس هذه القطاعات سوق المساكن.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وشهدت أميركا خلال الربع الثاني تدهوراً كبيرا في الطلب على شراء المساكن والحصول على قروض جديدة. كما شهدت سوق بطاقات الائتمان كذلك أزمة بسبب الارتفاع الكبير على قروض البطاقات، حيث ارتفعت الفائدة البنكية على بطاقات الائتمان إلى 18.03% في المتوسط، وهي بالتالي أعلى بنسبة 2.25% مقارنة بما كانت عليه قبل 6 شهور. ويعد الاقتراض عبر بطاقات الائتمان من أهم محركات النمو في مبيعات متاجر القطع بالسوق الأميركي. ويعتمد النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة على القوة الشرائية المحلية أكثر من اعتماده على الصادرات.

المساهمون