هل تدفع أمازون ثمن انشغال جيف بيزوس برفاهية الفضاء والماء؟

هل تدفع أمازون ثمن انشغال جيف بيزوس برفاهية الفضاء والماء؟

20 مارس 2022
جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون (فرانس برس)
+ الخط -

وفقاً لتقليد يعود إلى بدايات برنامج الفضاء الأميركي، يقوم رواد الفضاء بكتابة رسائل شخصية لأحبائهم، لتُسلَّم فقط إذا لم يعودوا من رحلتهم المحفوفة بالمخاطر. لذلك، كتب جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون الأميركية، الذي يقدس مثل هذه الطقوس، وداعاً صادقاً لصديقته لورين سانشيز، عشية رحلته التاريخية على متن صاروخ "بلو أوريجن" في الصيف الماضي.

لكن يبدو أن هذه اللفتة لم تكن مجرد لفتة عابرة، بل تشير إلى حالة مزاجية تمتد لترافق ثاني أغنى شخص في العالم، إذ يبدو الآن، أنّ بيزوس يقضي معظم وقته في التركيز على حياة الرفاهية مع سانشيز، وشركة الفضاء الخاصة به، وصندوقه الخيري المعني بقضايا المناخ البالغة قيمته 10 مليارات دولار.

والمثير للاستغراب، أنّه يخصص القليل من وقته لعملاق التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية، فقد تولى إدارة "أمازون" لمدة 27 عاماً، وهي التي تبلغ قيمتها السوقية 1.4 تريليون دولار.

قال بيزوس في المؤتمر الصحافي، الذي أعقب عودته سالماً إلى الأرض في يوليو/تموز 2021: "سأقسّم وقتي بين بلو أوريجن وصندوق بيزوس إيرث. ستكون هناك أمور أخرى لأقوم بها، لكنني لا أعرف ما هي بعد. فأنا لا أجيد القيام بالقليل من الأمور وحسب"، متجاهلاً "أمازون" بشكل واضح، إذ لا يزال رئيس مجلس إدارة عملاق التجزئة الأشهر في العالم.

تحوّل مذهل في حياة بيزوس

مرّ بيزوس بتحوّل مذهل في حياته الشخصية والمهنية على حد سواء. قبل عقدين من الزمان، كان مغترباً في "وول ستريت"، يرتدي بنطاله الكاكي وتميزه ضحكته العالية. كان هوسه بالتفاصيل الدقيقة لمتجره على الإنترنت قد أبقاه بعيداً عن الأنظار إلى حد كبير، باستثناء إعلان منتجه في بعض الأحيان.

أما الآن، فيشكل مؤسس "أمازون" الدعامة الأساسية لوسائل الإعلام، ويسعده عرض مغامراته على "إنستغرام" من قبيل تجوله في منزله الجديد البالغة قيمته 78 مليون دولار في جزيرة ماوي (ثاني أكبر جزر هاواي) مع الممثل ومنتج الأفلام الأميركية الشهير ليوناردو دي كابريو.

تسارع التطور الدرامي في حياة بيزوس بعدما عززت "أمازون" هيمنتها على قطاع البيع بالتجزئة عبر الإنترنت. فقد ابتكرت الشركة بعض المنتجات التي غيّرت وجه الصناعة، مثل "كيندل" و"أليكسا"، وحافظت على نمو بعض قطاعاتها مثل "أمازون ماركت بليس" و"أمازون لوجيستكس".

وعادة ما يشرف بيزوس على التخطيط لهذه المبادرات، إذ غالباً ما يدير بنفسه كل صغيرة وكبيرة تتعلق بها. لكن على الرغم من دفعها نمو الشركة، إلا أن مثل تلك المبادرات خلقت مشكلات غير متوقعة للجميع، بمن فيهم العملاء، والموظفون، والبائعون المستقلون عبر الإنترنت، وتجار التجزئة التقليديون الذين ارتبط مصيرهم بـ"أمازون".

أدى النجاح الهائل الذي حققه بيزوس إلى ارتقائه لمنزلة رفيعة في عالم الأعمال، وتعاظم ثروته الشخصية التي تقدَّر حالياً بنحو 160 مليار دولار، وفقاً لـ"مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات".

في بداية "أمازون"، ركز بيزوس على قيم مثل التواضع والاعتدال في الإنفاق، ورسّخ تلك القيم في مبادئ القيادة التي تعليها الشركة، والتي كان مطلوباً من الموظفين اتباعها إلى حد التقديس تقريباً. لكن في الآونة الأخيرة، كان مؤسس عملاق التجزئة الأميركي أكثر انشغالاً ببناء يخت بقيمة 500 مليون دولار، الذي قد يتطلب تفكيك جسر هولندي تاريخي حتى يصل إلى عرض البحر، الأمر الذي يُعَدّ إفراطاً في تدليل الذات، وفق "بلومبيرغ".

وول ستريت قلقة

بعد تبجيله عملياً لسنوات، أصبح بيزوس مثار سخرية بصورة معتادة. فلم يسخر مقدمو البرامج الحوارية التي تذاع في وقت متأخر من الليل من تصميم صاروخ "نيو شيبرد" المثير للجدل وحسب، بل سخروا أيضاً من أمور مثل تنسيق ملابسه.

في غضون ذلك، يبدو أنّ "وول ستريت" أصبحت قلقة بشأن نمو "أمازون" وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد أخبر المستثمر الناشط، دانيال لوب، عملاء صندوق التحوط الخاص به، في الشهر الماضي، أنّه يعتقد أن "أمازون" يمكن أن تتجزأ أنشطتها لينفصل قطاع التجارة الإلكترونية عن خدمة الحوسبة السحابية، وهذا المشروع لم يكن متصوَّراً خلال الخمسة عشر عاماً الماضية التي تولى فيها بيزوس منصب الرئيس التنفيذي، عندما كان محاطاً بهالة المجد الذي لا يقهر بفضل سنوات من القرارات الحكيمة والاختراعات الرائعة.

المساهمون