مخاوف من تصنيف سلبي جديد للاقتصاد التونسي

مخاوف من تصنيف سلبي جديد للاقتصاد التونسي

07 أكتوبر 2021
مؤشرات سلبية لمختلف القطاعات بسبب عدم الاستقرار (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تخشى الدوائر الاقتصادية من تصنيف سلبي جديد لتونس من قبل وكالات التقييم الدولية، مع تواصل غموض المرحلة الاقتصادية والسياسية التي دخلتها البلاد، وغياب أي مؤشرات عن إيجاد حلول لأزمة المالية العمومية.

ولا يخفي المهتمون بالشأن الاقتصادي القلق من اقتراب تونس من تصنيف سلبي جديد قد تعلن عنه وكالتا التصنيف "موديز" و"ستاندرد أند بورز" اللتان رجّحتا في وقت سابق أن يكون مستوى النمو الاقتصادي في البلاد الأضعف في المنطقة المغاربية.

ويمثّل الهبوط بالتصنيف السيادي لتونس إلى B3 سلبي حاجزاً جديداً أمام السلطات لتعبئة موارد مالية من السوق الدولية، فيما تحتاج تونس إلى ما لا يقل عن 9 مليارات دينار لسداد عجز موازنة 2020.

وبسبب الأزمة السياسية في البلاد وإقرار الرئيس قيس سعيد تدابير استثنائية بتجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتعيين وزيرة مكلفة بتسيير وزارة المالية بالنيابة، تم تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول اتفاق مالي جديد كانت تونس تنوي الحصول من خلاله على تمويلات بقيمة 4 مليارات دولار، إلى جانب الحصول على الضوء الأخضر من مؤسسات التمويل الدولية للخروج على السوق المالية بأريحية.

وأصبح ترقب تصنيف سلبي جديد لاقتصاد تونس أمراً شبه محسوم بحسب تأكيد المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن دوائر من البنك المركزي التونسي أكدت أن وكالات التصنيف الائتماني ستحط من تصنيف البلاد بسبب استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية.

وأضاف الطاهري أن تواصل ضبابية المشهد السياسي وغياب الحكومة يزيد من الضغوط على تونس، فيما تنتظر مؤسسات الإقراض الدولية مخاطباً حكومياً رسمياً من أجل مواصلة التفاوض حول إمكانيات تعاون مع مالي ينقذ البلاد من أزمتها المالية، وفق قوله.

تتوالى المطالب الخارجية والداخلية بضرورة تشكيل حكومة في تونس، تكون مهمتها الأساسية إنقاذ الاقتصاد وإخراج البلاد من نفق الإفلاس أو السيناريو اللبناني، بينما يتمسك الرئيس التونسي بإحكام قبضته على السلطات.

الخبير المالي خالد النوري يقول لـ"العربي الجديد" إن مؤسسات التصنيف الدولية ستجد العديد من المؤيدات لقرار خفض تصنيف تونس الذي يرجح صدوره الشهر المقبل بسبب تأخر نشر البنك المركزي لتقريره السنوي، وغياب الشفافية اللازمة في الكشف عن المعطيات الأساسية حول الاقتصاد التونسي.

وأفاد، في ذات السياق، بأن تأخر صدور التقرير السنوي للبنك المركزي الذي كان يفترض أن يصدر في أغسطس/ آب الماضي يحجب عن وكالات التصنيف معايير مهمة يمكن اعتمادها بشأن تصنيف تونس المرتقب.

وأضاف أن المالية العمومية تسيّر حالياً خارج المعايير الدولية، في غياب قانون مالية تكميلي للسنة الحالية بسبب تأخر تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أن كل هذه العوامل مجتمعة تنبئ بتصنيف سلبي جديد ستكون تبعاته ثقيلة مستقبلاً.

وفي يوليو/ تموز الماضي خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تصنيف تونس طويل الأجل لمصدر العملات الأجنبية، من (B) إلى (B-)، مع نظرة مستقبلية سلبية.

وقالت الوكالة في بيان إن "خفض التصنيف والتوقعات السلبية يعكس زيادة مخاطر السيولة المالية، مع المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي".

واعتبرت "إن عدم وضوح المشهد السياسي والمعارضة الاجتماعية يحدان من قدرة الحكومة على سنّ تدابير قوية لضبط أوضاع المالية العمومية".

ورجّح الخبير الاقتصادي، أرام بلحاج، أن تواجه تونس ضغوطاً في السوق الدولية في حال صدور سلبي، متوقعاً أن يقابل كل خروج للدولة التونسية إلى السوق المالية العالمية في المستقبل لتعبئة الموارد نسب فائدة تفوق 11 بالمائة، إن وافق الدائنون على إقراض تونس.

وذكر بالحاج في تصريح لـ"العربي الجديد" أن آخر خروج للدولة التونسية إلى السوق المالية العالمية كان في 2019 حينما تمكنت من تعبئة 700 مليون يورو، تُسدد على 7 سنوات بنسبة فائدة قدّرت 6.375 بالمائة.

وفي يوليو/ تموز الماضي قال تقرير أصدرته "ستاندرد أند بورز" بشأن الوضع الاقتصادي في تونس إن مستوى النمو في البلاد لن يكون كافياً لمواجهة معدل البطالة المرتفع وتدهور مستوى المعيشة، ما يؤدي إلى تأجيج استياء اجتماعي جديد، مرجحة أن تشهد البلاد أبطأ انتعاش بين بلدان شمال أفريقيا.

وقالت الوكالة "إنّ العجز المرتفع لموازنة تونس أدى إلى وضع الدين العام على مسار غير مستدام، فيما يمكن أن يؤدي عدم الاستقرار السياسي الحالي إلى تعريض صفقة مع صندوق النقد الدولي للخطر ويفرض تحديات كبيرة"، واعتبرت أنّ الاضطرابات السياسية الأخيرة خلقت في تونس بيئة متعثرة.

المساهمون