ما مدى فداحة الأزمة الاقتصادية في مصر قبيل انتخابات الرئاسة؟

ما مدى فداحة الأزمة الاقتصادية في مصر قبيل انتخابات الرئاسة؟

09 ديسمبر 2023
تتفاقم الأزمة الاقتصادية وتزداد معدلات الفقر مع تراجع الجنيه وارتفاع التضخم (أسوشييتد برس)
+ الخط -

تُجري مصر انتخابات الرئاسة في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول، ومن المتوقع أن يحصل الرئيس عبد الفتاح السيسي على فترة ولاية ثالثة، وسط أزمة اقتصادية أدت إلى تراجع الجنيه المصري ونضوب العملة الأجنبية وارتفاع التضخم. 

* ما سبب المتاعب الاقتصادية في مصر؟

بعض الأسباب يعود إلى عقود مضت، مثل ضعف التنمية الصناعية نتيجة سوء التخطيط والبيروقراطية الشديدة، وسياسات التصدير التي خلقت عجزاً تجارياً مزمناً.

وأدى تقييم الجنيه بأكثر من قيمته الحقيقية وضعف حقوق الملكية والمؤسسات وهيمنة الدولة والجيش، إلى عرقلت الاستثمار والمنافسة.

وسبّبت فورة الاقتراض في عهد السيسي تراكم ديون خارجية ثقيلة على مصر. ويتجنب الدائنون الأجانب أدوات الدين المصرية، ما دفع الحكومة إلى تمويل العجز المتزايد من طريق الاقتراض محلياً، رغم ارتفاع أسعار الفائدة، ما يؤدي إلى عجز أكبر.

وأدى هذا، بالإضافة إلى التوسع في المعروض النقدي، إلى انخفاض قيمة العملة وارتفاع التضخم.

وتسعى الحكومة للسيطرة على العجز من خلال رفع أسعار السلع والخدمات المدعمة، لكن التضخم قضى على جزء كبير من المكاسب.

كذلك فإن الاستثمار الأجنبي، خارج قطاع النفط والغاز، ضئيل. وانخفضت تحويلات المصريين بالخارج في 2022-2023 بنسبة 30% إلى 22 مليار دولار، مع نأي العاملين في الخارج عن التحويل بسعر الصرف الرسمي المبالغ في تقديره.

وتلعب زيادة رسوم عبور قناة السويس وعائدات السياحة دوراً مهماً، لكن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المجاور تهدد بإبطاء نمو السياحة.

وكثيراً ما يلقي السيسي بالمسؤولية في الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها مصر على الاضطرابات التي أعقبت الثورة الشعبية في 2011، وكذلك على النمو السكاني السريع.

وقدر البنك الدولي النمو السكاني السنوي عند 1.7% في عام 2021. وأشارت السلطات أيضاً إلى صدمات خارجية مثل جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا. 

* إلى أي مدى ساءت الأمور؟

ينمو الاقتصاد باطراد، ولكن بوتيرة بطيئة. ووفقاً للبنك المركزي، نما الاقتصاد 3.9% على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2022، وكذلك الربع الأول من عام 2023، انخفاضاً من 6.7% في السنة المالية 2021-2022.

وأدى ارتفاع عدد السكان إلى إضعاف النمو، ويقول الكثير من المصريين إن مستوى معيشتهم تدهور.

وأدى النقص الحاد في الدولار إلى كبح الواردات، وسبّب تراكم البضائع في الموانئ، وسط قيود على خطابات الاعتماد مع تداعيات على الصناعة المحلية.

وارتفعت أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية بوتيرة أسرع بكثير من معدل التضخم في المدن المصرية، الذي تسارع إلى معدل قياسي بلغ 38% في سبتمبر/ أيلول.

وانخفض الجنيه بمقدار النصف مقابل الدولار منذ مارس/ آذار 2022. وعلى الرغم من التخفيضات المتكررة في قيمة العملة، يبلغ سعر الدولار حوالى 49 جنيهاً مصرياً في السوق السوداء مقارنة بسعر رسمي يبلغ 31 جنيهاً.

وجدول سداد مدفوعات الديون الخارجية ثقيل، وهناك 42.26 مليار دولار تستحق في عام 2024 وحده، منها 4.89 مليارات لصندوق النقد الدولي.

وأدى ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الديون. وتفيد بيانات وزارة المالية بأنّ مدفوعات الفائدة ابتلعت أكثر من 45% من إجمالي الإيرادات في العام المنتهي في آخر يونيو/ حزيران.

وصنفت البيانات الرسمية نحو 30% من السكان على أنهم فقراء قبل جائحة كوفيد-19، ويقول محللون إن الأعداد ارتفعت منذ ذلك الحين.

وتشير التقديرات إلى أنّ ما يصل إلى 60% من مواطني مصر البالغ عددهم 104 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو بالقرب منه.

وتراجعت البطالة إلى ما يزيد قليلاً على 7%، لكن المشاركة في سوق العمل انخفضت أيضاً بشكل مطرد في العقد المنتهي عام 2020. وبعض جوانب نظام التعليم الحكومي في حالة انهيار. ويسعى الكثيرون من الخريجين للعمل في الخارج إذا أتيحت لهم الفرصة. 

* كيف تُنفق الأموال؟

إلى جانب الإنفاق على المصروفات العادية، أنفقت مصر الكثير على البنية التحتية في عهد السيسي. ويشمل ذلك الإسكان وعدداً من المدن الجديدة وشق طرق سريعة. وأبرز المشروعات الضخمة إقامة العاصمة الإدارية الجديدة في الصحراء شرقيّ القاهرة بتكلفة 58 مليار دولار.

كذلك ارتفعت واردات مصر من الأسلحة خلال العقد المنصرم، ما جعلها ثالث أكبر مستورد على مستوى العالم، وفقاً لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

ويقول المسؤولون إنهم زادوا الإنفاق على البرامج الاجتماعية للفقراء، بما في ذلك برنامج منح نقدية يغطي نحو 5 ملايين أسرة، لكن البعض يقولون إن المزايا الاجتماعية غير كافية لحماية مستويات المعيشة. 

* ما الدعم الذي يمكن لمصر التعويل عليه؟

تنظر الدول الغربية والخليجية على نطاق واسع إلى مصر في عهد السيسي باعتبارها العمود الفقري للأمن في المنطقة المضطربة.

وتلقت القاهرة ودائع واستثمارات بمليارات الدولارات من حلفائها في الخليج، مثل السعودية والإمارات، بعد الصدمة التي أحدثها الغزو الروسي لأوكرانيا.

لكن دول الخليج العربية شددت شروطها لضخ أموال جديدة، وتبحث بشكل متزايد عن استثمارات تدرّ عائداً. وعلى الرغم من أنهم أبدوا تضامنهم مع مصر منذ اندلاع أزمة غزة، لم تُعلَن أي مساعدات جديدة.

ويجري صندوق النقد محادثات مع مصر لتوسيع حزمة دعم مالي مدتها أربع سنوات بقيمة 3 مليارات دولار وُقِّع عليها في ديسمبر/ كانون الأول 2022. وكان الصندوق قد أوقف تقديم الدفعات بعد تخلّف مصر عن تنفيذ تعهداتها باعتماد سعر صرف مرن وتقليص دور الدولة والجيش في الاقتصاد. 

(رويترز)

المساهمون