لبنان: صعود صاروخي لدولار السوق السوداء من 42 لـ82 ألف ليرة في 2023

لبنان: صعود صاروخي لدولار السوق السوداء من 42 إلى 82 ألف ليرة في 2023

16 فبراير 2023
تطبيقات إلكترونية مجهولة المصدر تتحكم بالسوق السوداء لصرف العملة (فرانس برس)
+ الخط -

ضاعفت الليرة اللبنانية منذ بداية 2023، أي خلال شهر ونصف، الخسائر التي مُنيت بها على مدى 3 سنوات تقريباً، في مؤشر واضح على عُمق التدهور والانهيار الذي أصاب معيشة اللبنانيين ودفعهم إلى الشارع بقوة اليوم الخميس، وسط يأس واضح حيال عجز السلطات عن المعالجة.

وبمقارنة سعر صرف الدولار في السوق السوداء، يتبيّن أنه تجاوز عتبة 82 ألف ليرة  مساء اليوم الخميس، بعد أن سجل 42 ألفاً بداية العام الجاري.

تحديداً، في صباح 3 يناير/كانون الثاني الماضي، كان سعر الدولار يراوح ضمن هامش 41 ألفاً و900 ليرة للبيع، و42 ألفاً و200 ليرة للشراء، في حين أنه راوح مساء اليوم الخميس بين 82 ألفاً و82 ألفاً و500 ليرة، بحسب التطبيقات الهاتفية المسيطرة على تسعير السوق، وسط فوضى عارمة تغيب فيها عن هذه التطبيقات، أي سلطة رقابية ضابطة.

انعكاس هذا التغيّر الهائل في سعر صرف العملة اللبنانية، والذي أفقدها أكثر من 98% من قيمتها منذ اضطراب السوق أواخر عام 2019، دفع بالمواطنين تكراراً إلى الشارع غاضبين من تردي الأوضاع المعيشية وخسارة الليرة قيمتها الشرائية بمستويات دراماتيكية.

يُذكر أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بقي ثابتاً لسنوات عند سعر صرف 1507 ليرات مقابل الدولار الواحد منذ العام 1993، وقد بدأت الليرة تفقد قيمتها أمام الدولار منذ العام 2019 مع بوادر أزمة مالية تعصف في البلاد.

واحتجاجاً على إضراب المصارف وتدابيرها وغلاء المعيشة، شهدت شوارع بيروت اليوم تحركات احتجاجية نفذها المودعون أمام بعض المصارف في العاصمة بيروت وأحرقوا إطارات مطاطية عند أبوابها.

وشهدت مصارف في مناطق مختلفة احتجاجات نفّذها عدد من المودعين في إطار "يوم الغضب ضد المصارف" الذي دعت إليه جمعية "صرخة المودعين".

وكانت الجمعية دعت إلى تحرك قوي اليوم، وتمنت مشاركة جميع المودعين "لتوصيل رسالة قوية وحازمة لعصابة المصارف بأن أموالنا ثمنها دماء هل ستدفعون"، بحسب ما أعلنت على "تويتر".

وأفاد "فوج إطفاء" مدينة بيروت في بيانين أن عناصره "تمكنوا من إخماد حريق اندلع في مصرفين في مدينة بيروت هما (لبنان والمهجر وفرنسبنك)".

وأضاف البيانان أن "فرق الإطفاء في الفوج عملت على التدخل السريع والسيطرة على الحريق ومنع امتداده إلى باقي أرجاء المبنى والمباني المحيطة" .

وأقدم محتجون على إحراق إطاراتٍ أمام مصرف "فرنسبنك" في منطقة بدارو، فيما بادر آخرون إلى تكسير واجهات بنك عودة في المنطقة ذاتها.

كذلك، حطم محتجون آخرون الزجاج الخارجي لفرع "الاعتماد المصرفي" وبنك "بيروت والبلاد العربية"، ولاحقاً اقتحموا بنك "بيبلوس" وحاولوا تكسير الباب الرئيس".

وأفاد الشهود بأن المحتجين قطعوا الطريق الرئيس في مدينة صيدا جنوب لبنان، فيما تم تسجيل انتشار كثيف للجيش اللبناني في شوارع المدينة تحسّباً لتوسع المحتجين.

ومنذ سبتمبر/ أيلول الماضي، تتكرر الاقتحامات للمصارف إثر رفض المصارف منح المودعين أموالهم بالدولار، في إطار سياسة قاسية نتجت عن أزمة شح الدولار في البلاد.

ومنذ 2019 تفرض مصارف لبنان قيوداً على أموال المودعين بالعملة الأجنبية، كما تضع سقوفاً قاسية على سحب الأموال بالليرة اللبنانية، حيث يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدّت إلى انهيار قياسيّ بقيمة الليرة، فضلاً عن شح الوقود والأدوية وانهيار القدرة الشرائية.

وتأتي هذه التحركات وسط أزمة اقتصادية خانقة تشهدها البلاد تتزامن مع أزمة معيشية ونقص في الخدمات الأساسية وأولها الكهرباء والماء.

ونقلت "رويترز" عن متحدث باسم جمعية "صرخة المودعين" قوله إن 6 أفرع لبنوك على الأقل استهدفت مع وصول الليرة اللبنانية لانخفاض قياسي جديد اليوم الخميس، علماً أن الجمعية تمثل المودعين الذين لا يمكنهم الوصول لأموالهم في القطاع المصرفي.

واتخذ لبنان أول خطوة في طريق الحصول على حزمة إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان 2022، لكن وبعد ما يقرب من عام أخفق في تنفيذ إصلاحات مطلوبة لتحقيق هذا الهدف.

وخلال أسبوعين فقط، تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق السوداء من 60 ألفاً مقابل الدولار إلى أكثر من 82 ألفاً اليوم الخميس. وانعكس ذلك ارتفاعاً في أسعار المحروقات والمواد الغذائية، فيما توقفت متاجر عدة عن تسعير بضائعها، ما دفع بوزارة الاقتصاد والتجارة اليوم، إلى إطلاق آلية تقضي بتسعير سلع السوبرماركت بالدولار بدل الليرة.

وقد قارب سعر صفيحة البنزين (20 ليتراً) مليوناً وأربعمئة ألف ليرة (حوالى 19 دولاراً)، أي ما يعادل قرابة ثلث راتب جندي، في بلد بات فيه 80% من السكان تحت خط الفقر.

ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، بينها إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزيف الحاصل.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، فشل مجلس النواب 11 مرة في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة لا تزال مستحكمة حتى الآن.

المساهمون