لا وظائف جديدة في تونس: طابور البطالة يتمدد

لا وظائف جديدة في تونس: طابور البطالة يتمدد

19 فبراير 2024
293 احتجاجاً تعلق بمطالب اجتماعية مثل التوظيف وصرف الأجور (Getty)
+ الخط -

لا يخدم نمو الاقتصاد التونسي طالبي العمل، إذ تنحسر من عام إلى آخر فرص النفاذ إلى سوق العمل مع تواصل هبوط نسب النمو وإغلاق السلطة أبواب التوظيف الحكومي بهدف خفض كتلة الرواتب.

وسنوياً يفد إلى سوق العمل التونسية ما لا يقل عن 55 ألف طالب عمل جديد، ما يتطلب تحقيق نسب نمو لا تقل عن 5 في المائة من أجل استيعاب طالبي الوظائف الجدد ونزول نسب البطالة إلى معدلات أدنى.

وارتفع عدد العاطلين عن العمل في الربع الرابع من سنة 2023 إلى نحو 667.5 ألفاً مقابل 638.1 ألفاً في الربع الثالث من السنة نفسها، أي بزيادة قدرها 29.4 ألف عاطل جديد.

وقال معهد الإحصاء الحكومي في أحدث البيانات التي نشرها إنه "بهذه الزيادة، ارتفعت نسبة البطالة خلال الربع الأخير من السنة الماضية لتبلغ 16.4% مقابل 15.8% في الربع الثالث من سنة 2023 و15.2% في الربع الرابع من سنة 2022،

كما ارتفعت نسبة البطالة بين الرجال لتبلغ 13.8% مقابل 13.4% خلال الثلاثي الثالث، وبالنسبة للنساء ارتفعت نسبة البطالة لتبلغ 22.2% خلال الثلاثي الرابع من سنة 2023 مقابل 21.7% في الثلاثي الثالث من السنة نفسها.

في المقابل، تقول بيانات مؤسسة الإحصاء إن نسبة النمو لعام 2023 لم تزد عن 0.4% رغم توقعات البنك الدولي أن تصل إلى حدود 1.2%.

وتوقّع تقرير المرصد الاقتصادي لتونس لخريف 2023، الصادر عن البنك الدولي أن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي لتونس لعام 2023، إلى حوالي 1.2%، وبيّن التقرير أن تحقيق نسبة نمو تبلغ 3% في عام 2024، أمر يخضع للتطورات الناجمة عن كل من تواصل الجفاف، وظروف التمويل، ووتيرة الإصلاحات.

ويرى وزير التشغيل السابق فوزي بن عبد الرحمن أن البطالة في تونس تتحول إلى مشكلة هيكلية يستعصي تفكيكها نتيجة تعثّر محركات التشغيل الثلاثة، وهي التوظيف في القطاع الحكومي والتشغيل في القطاع الخاص وتأسيس المشاريع الخاصة.

ويقول بن عبد الرحمن في تصريح لـ"العربي الجديد" إن سوق العمل التونسية تقوم على التكامل بين المحركات الثلاثة التي يفترض أن توفر سنوياً ما لا يقل عن 30 ألف وظيفة، غير أن تعثرها نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد شلَّت جزءاً مهمّاً منها.

وتسمح كل نقطة نمو إضافية للاقتصاد بإحداث نحو 10 آلاف وظيفة جديدة سنوياً وفق بيانات رسمية. وخلال السنوات الثلاث الماضية لم تتخط نسبة النمو 4.3% كأحسن نسبة سنوية سُجلت في 2021، بينما لم تتجاوز مستوى 2.4% في 2022، في حين سجل الاقتصاد انكماشاً حاداً بنسبة 8.8% بسبب جائحة كورونا في 2020.

وأشار وزير التشغيل السابق إلى تشغيل نحو 55 ألف وافد جديد سنوياً إلى سوق العمل يتطلب تحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 4 أو 5% حتى يتمكن القطاع الخاص من تحقيق دوره في توفير فرص عمل.

وتابع: "يختص القطاع الخاص في توفير فرص عمل لفائدة الحاصلين على مؤهلات علمية متوسطة، بينما كان القطاع الحكومي المشغل الأوّل لخريجي الجامعات، وكلاهما حالياً في حالة تعثّر.

وأشار المتحدث إلى أن القطاع الحكومي أوصد منذ سنوات باب التوظيف بسبب ارتفاع كتلة الرواتب مع حرم آلاف خريجي الجامعات من الحصول على فرص عمل، وضاعف نسب البطالة في صفوفهم لتصل إلى 30%.

ويرجح بن عبد الرحمن أن يكون عدد طالبي العمل في تونس أكبر بكثير مما يُعلن في الإحصائيات الرسمية، ذلك أن نحو مليون تونسي ممن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و35 عاماً خارج دورة الدراسة والتدريب والتشغيل.

ويقول: البرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي تطرحه السلطة لا يقدم حلولاً لمشكلات ضعف النمو في البلاد، مؤكداً أن تونس تعتمد على "برنامج تقشف"، ولا تمتلك مواصفات برنامج اقتصادي خالق للثروة.

ومنذ ما لا يقل عن 6 سنوات أوصدت سلطات تونس باب التوظيف في القطاع الحكومي لتحقيق مطالب صندوق النقد الدولي بخفض كتلة الرواتب من 15 إلى 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتصر السلطة التي لا تسمح بإجراء تعيينات جديدة في القطاع الوظيفي على أنها لا تنفذ سياسات الصندوق ولا تقبل إملاءاته.

تسمح كل نقطة نمو إضافية للاقتصاد بإحداث نحو 10 آلاف وظيفة جديدة سنوياً وفق بيانات رسمية


غير أن مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، قالت مؤخراً في مقابلة تلفزيونية إنها "التقت رئيس الحكومة أحمد الحرشاني، وناقشا انفتاح تونس للاعتماد على نصيحة الصندوق".

وينصح صندوق النقد الدولي سلطات تونس بتقليص عدد الوظائف في القطاع الحكومي، وتنفيذ برنامج للتسريح الطوعي للموظفين ما دون سن التقاعد القانونية.

يقول المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لـ"العربي الجديد" إن "الأزمات السياسية والاقتصادية في تونس تفاقم مشكلات البطالة، وترفع مستويات الحراك الاجتماعي والاحتجاجات المطالبة بالشغل، إذ لا يزال العاطلون عن العمل في صدارة الفاعلين صلب الحراك الاجتماعي المسجل على امتداد عام 2023".

ويضيف بن عمر: "تتراكم مشكلات العاطلين عن العمل في ظل عدم وجود سياسات اقتصادية واضحة وخطط تنمية ومشاريع خالقة للثروة، ولا سيما داخل المحافظات الأقل تنمية على الشريط الغربي للبلاد".

ووفق التقرير السنوي لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتعلق بالحركات الاجتماعية، فإن "293 احتجاجاً نفذه طالبو العمل سنة 2023، فقد تعلق العديد من تحركاتهم بمطالب مشروعة أقرها الدستور، مثل العمل اللائق، وصرف الأجور، إضافة إلى مطالب التوظيف، إذ لا يزال المعطلون عن العمل يخوضون معارك من أجل حق التشغيل".

المساهمون