محافظ جديد للمركزي التونسي وسط تحديات نقدية قاسية

محافظ جديد للمركزي التونسي وسط تحديات نقدية قاسية

15 فبراير 2024
المحافظ الجديد للمركزي التونسي سعيد النوري (العربي الجديد)
+ الخط -

عيّن الرئيس التونسي قيس سعيّد، اليوم الخميس، سعيد فتحي زهير النوري محافظاً للبنك المركزي التونسي خلفاً لمروان العباسي، الذي انتهت ولايته التي امتدت 6 سنوات على رأس المؤسسة المالية.

وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، إن النوري أدى اليمين في القصر الرئاسي.

وتبدأ ولاية النوري في ظرف اقتصادي ومالي صعب، حيث تعاني تونس من نقص في موارد تمويل الموازنة وتراجع الناتج المحلي الإجمالي إلى جانب تواصل ارتفاع التضخم. 

ويعود النوري إلى البنك المركزي التونس محافظاً بعد أن سبق أن شغل منصب عضو في مجلس إدارة البنك، وهو من مواليد سنة 1955، وأستاذ اقتصاد في الجامعة التونسية وحاصل على شهادة الدكتوراه في اقتصاد الطاقة. 

وبالإضافة إلى التعليم الجامعي، سبق للنوري أن عمل في مؤسسات عديدة، من بينها المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس التحاليل الاقتصادية، كما عمل مستشاراً لدى هيئة السوق المالية وعضواً للجنة السوق المالية لدى البنك المركزي التونسي، ومستشاراً لدى منظمة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. 

وللنوري العديد من المنشورات والبحوث العلمية حول الدعم الطاقي في تونس والسياسات الطاقية لدول المغرب العربي، كما تولى الإشراف على دراسات قطاعية في قطاعات الكيمياء والسيارات وتأهيل القطاع الصناعي. 

ويأتي تعيين محافظ جديد بعد أشهر من خلاف بين البنك والسلطات حول سياسات أسعار الفائدة والتمويل المباشر للخزانة من قبل البنك والجدل حول استقلاليته.

ويواجه المحافظ الجديد مهمة الحفاظ على استقلالية البنك المركزي التونسي وفقا لقانونه الأساسي المصادق عليه من قبل البرلمان عام 2016، بعد الدعوات المتكررة للحد من هذه الاستقلالية ومساهمة المركزي بشكل مباشر في تمويل الموازنة.  

وتمتد فترة ولاية المحافظ ست سنوات، ويمكن تجديدها، لكن سعيد اختار عدم التمديد للعباسي الذي كان يُنظر إليه على أنه من بين المسؤولين الذين قاوموا محاولة السلطات التأثير على سياسة البنك النقدية.

وعلى امتداد 5 سنوات، خاص المحافظ المغادر حربا ضد التضخم، الذي بلغ في فبراير/ شباط من سنة 2023 مستوى قياسيا لم تعرفه البلاد منذ 30 عاما بالوصول إلى حاجز 10.4%، قبل أن يتراجع حاليا إلى 7.8% بفعل السياسة التقييدية التي مارسها البنك ورفع نسبة الفائدة في فترات متواترة. 

ولم يستجب العباسي لطلبات بخفض سعر الفائدة. وتلقى انتقادات حتى من وزراء بعد رفع الفائدة.

وفي عام 2016، أقر البرلمان السابق قانونا يمنح البنك استقلالية كبيرة، لكن الرئيس انتقده وقال هذا الشهر إن ما يسمى باستقلالية البنك هي خطط مفروضة من الخارج.

ووافق البرلمان هذا الشهر على طلب حكومي للحصول على تمويل مباشر من البنك المركزي بقيمة سبعة مليارات دينار (2.25 مليار دولار)، في خطوة تهدف إلى سداد ديون خارجية عاجلة، بما في ذلك 850 مليون يورو مستحقة في 16 فبراير شباط.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وقال العباسي إن سداد قرض قدرة 850 مليون يورو سيؤدي إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي بما يعادل 14 يوما من الواردات، وسيكون له تأثير على سعر الصرف. وحذر سابقا في عام 2022 من أن مطالبة البنك المركزي بشراء سندات خزانة تنطوي على مخاطر، بما في ذلك ارتفاع التضخم وانخفاض الدينار التونسي.

وقال آنذاك إن هذه الخطوة ستؤدي إلى زيادة في التضخم بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وقد يصل إلى ثلاثة أرقام، وحذر من أن "السيناريو الفنزويلي قد يتكرر في تونس".

وفي سياق آخر، أعلن معهد الإحصاء الحكومي، اليوم الخميس، أن التقديرات الأولية لنمو اقتصاد تونس لكامل سنة 2023 ستكون في حدود 0.4% مسجلا انخفاضا في حجم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 0.2% خلال الربع الرابع من العام الماضي، وذلك مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022. 

وسجّلت مؤسسة الإحصاء تراجعا لحجم الطلب الداخلي، المتكوّن من نفقات الاستهلاك وتكوين رأس المال الخام، للمرة الثانية على التوالي بنسبة سنوية قُدِّرَت بـ0.2%. في المقابل، ساهم صافي المبادلات الخارجية للسلع والخدمات من جهته إيجابيا بـ0.2 نقطة، نتيجة لارتفاع حجم الصادرات بنسبة 8%. 

وعانت تونس، العام الماضي، من تداعيات الجفاف وتأثيرات التغيرات المناخية العنيفة على قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية، إلى جانب تدهور القدرة الإنفاقية لطيف واسع من التونسيين، ما تسبب في تعثر الطلب الداخلي. 

كما خسرت البلاد ما لا يقل عن 80% من محاصيل الحبوب نتيجة نقص الأمطار، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء وانفلات التضخم.

 وتوقّع تقرير المرصد الاقتصادي لتونس لخريف 2023، الصادر عن البنك الدولي، أن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي لتونس لعام 2023 إلى حوالي 1.2%، وبيّن التقرير أن تحقيق نسبة نمو تبلغ 3% في عام 2024 أمر يخضع للتطورات الناجمة عن كل من تواصل الجفاف، وظروف التمويل، ووتيرة الإصلاحات. 

المساهمون