كورونا تنعش المساكن العالمية ... ومخاوف من حدوث فقاعة

كورونا تنعش المساكن العالمية ... ومخاوف من حدوث فقاعة

30 مارس 2021
مشتريات المساكن في بريطانيا ارتفعت بنسبة 50% خلال فبراير الماضي
+ الخط -

أدهشت فورة أسعار العقارات في الدول الغربية خلال العام الماضي والأشهر الأولى من العام الجاري العديد من الخبراء، إذ إنها حدثت في وقت يئن فيه العالم تحت ضربات جائحة كورونا وتداعيات الإغلاق السلبية على النمو الاقتصادي العالمي، خاصة في منطقة اليورو التي لا تزال تعاني من تشديد إجراءات إغلاق النشاط الاقتصادي.

وتشير البيانات المتخصصة إلى أن أسعار العقارات ترتفع حتى في دول مثل إيطاليا وفرنسا واليونان، التي عانت من الانهيار الكبير في السياحة. وحسب بيانات موقع "غلوبال بروبرتي غايد" الذي يراقب سوق العقارات، ارتفعت أسعار المساكن في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة بنسبة 5.75% خلال العام الماضي، 2020، رغم الانكماش الاقتصادي الكبير الذي شهدته دول المنطقة.
وفي الولايات المتحدة ساهمت حزمة الإنعاش الاقتصادي التي أقرها الرئيس جو بايدن والبالغة 1.9 تريليون دولار وتوجهه نحو ضخ 3 تريليونات دولار أخرى في البنى التحتية، في رفع معنويات المستهلكين وفتحت شهيتهم لشراء المساكن الجديدة أو الانتقال وإعادة تدوير القرض العقاري. وتشير بيانات مؤسسة الإقراض الفيدرالية الأميركية "فريدي ماك" إلى أن مبيعات المنازل المسكونة ارتفعت بنسبة 5.6% في العام الماضي إلى 5.64 ملايين مسكن.
وفي هذا الصدد، تقول شركة "كور لوجيك" لإدارة العقارات في أميركا، في تقرير الأسبوع الماضي، إن أسعار المساكن التي لا تزال عليها قروض عقارية في أميركا ارتفعت بنسبة 16.2% خلال العام الماضي، لتبلغ قيمتها نحو 1.5 تريليون دولار.
وتشهد الولايات المتحدة في الوقت الراهن فورة عقارية غير مسبوقة، وترتفع المبيعات خلال الأشهر الأولى من العام بنسبة كبيرة باتت ترعب مجلس الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، الذي يتخوف من التضخم المتسارع.
ولا يستبعد محللون ماليون حدوث فقاعة عقارية لاحقاً في الولايات المتحدة، إذ تواصل النمو القوي في الوظائف وسوق المال الأميركي.
ويذكر أن الفقاعة العقارية التي حدثت في العام 2007 كانت السبب الرئيسي وراء أزمة المال العالمية التي كادت أن تؤدي لإفلاس القطاع المصرفي الأميركي. ويرى محللون أن احتمال حدوث فقاعة عقارية في الدول الغربية أصبح يقلق الحكومات والبنوك المركزية، إذ إن انفجار مثل هذه الفقاعة لاحقاً قد يهدد بعمليات إفلاس واسعة للشركات والبنوك والمواطنين.
ويقول محللون بمصرف "آي أن جي" الهولندي إن هذه الارتفاع المتواصل بالسوق العقارية يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية، وهي: التمويل الرخيص في الاقتصادات الغربية، خاصة في أوروبا، التي تراجع فيها سعر الفائدة إلى أقل من صفر، وأموال التحفيز الضخمة التي ضختها الحكومات والبنوك المركزية خلال العام الماضي والتي قدرت بأكثر من 18 تريليون دولار، والوفورات لدى المواطنين والأثرياء من عمليات الإغلاق وتقييد الحركة التي أدت لتقليل الصرف الاستهلاكي وارتفاع حسابات التوفير، كما أن العديد من الحكومات الغربية ضخت أموالاً مباشرة في جيوب المواطنين، مثلما حدث في الولايات المتحدة.

في أوروبا، حذر البنك المركزي الدنماركي من مخاطر الارتفاع الكبير في حجم القروض الإسكانية بالبلاد على دورة الانتعاش الاقتصادي المتوقع بعد نهاية جائحة كورونا.
وفي بريطانيا، يشير تحليل بمجلة "انفسترز كرونيكال"، الأسبوع الماضي، إلى النمو السريع في السوق العقاري البريطاني. ويرى التحليل أن مشتريات المساكن البريطانية ارتفعت بنسبة 50% في شهر فبراير/ شباط الماضي، بسبب نهاية الإعفاء من "دمغة القروض الإسكانية". ولكن التحليل المتخصص يرى أن السوق العقاري البريطاني يتجه للنمو بنسبة 10% خلال العام الجاري.
وحسب بيانات وكالة "زوبلا" البريطانية لإدارة العقارات، سجلت أسعار المساكن أعلى ارتفاعاتها في مدن الأقاليم، مثل مانشستر وليدز وليفربول. وفي هذا الشأن، توقعت وكالة سافيل العقارية أن تنمو أسعار العقارات البريطانية في المتوسط بنسبة 7.3% خلال العام الجاري، 2021.
وفي ألمانيا، يشير مكتب الإحصاءات في برلين إلى أن أسعار المساكن ارتفعت بنسبة 7.8% في الربع الثالث من العام الماضي، 2020، وهو أعلى معدل نمو لها منذ العام 2016. ويرى مصرف "آي أن جي" الهولندي، في تقريره بمنتصف الشهر الجاري، أن أسعار المساكن في ألمانيا تتجه للنمو بنسبة أكبر خلال العام الجاري مستفيدة من الوفورات في الحسابات المصرفية وتراكم ثروات الأغنياء، وذلك على الرغم من انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 10% في العام الماضي.
وفي فرنسا ارتفعت أسعار المساكن بنسبة راوحت بين 4 إلى 5% خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن تنمو بنسبة تراوح بين 1.5 و2.0% خلال العام الجاري بسبب الموجة الثالثة من الجائحة.
 

وحتى إيطاليا التي ضربتها جائحة كورونا بعنف وخسرت معظم عائدات السياحة، فإن أسعار المساكن ارتفعت في المتوسط بنسبة 1.5% خلال العام الماضي. ومن المتوقع أن تساهم خطط الحكومة الإيطالية الخاصة بدعم التوظيف ومنع الشركات من تطبيق سياسات الإعفاء والتقاعد الإجباري في دعم سوق العقارات بالبلاد خلال العام الجاري. وفي إسبانيا، التي تأثر قطاعها العقاري بخروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، تشير بيانات "يورو ستات" إلى أن أسعار العقارات ارتفعت فيها بنسبة 2% خلال العام الماضي. وعادة ما ترتفع مشتريات البريطانيين في المنتجعات الإسبانية بسبب الجو الدافئ ويختارها البريطانيون من كبار السن كمكان مفضل للتقاعد.

المساهمون