قفزة إيرادات النفط تنقذ اقتصاد العراق من الانهيار

قفزة إيرادات النفط تنقذ اقتصاد العراق من الانهيار.. والصراعات تقلّص المكاسب

31 يوليو 2022
إيرادات صادرات النفط خلال الشهر الماضي بلغت 11.505 مليار دولار (أحمد الروبي/فرانس برس)
+ الخط -

جاءت قفزة أسعار النفط لتنقذ العراق من أزمات اقتصادية ومالية خانقة، وتخرجه من ورطة الاتجاه نحو الاقتراض واستنزاف الاحتياطي النقدي وتفاقم عجز الموازنة.

وبلغت إيرادات صادرات النفط العراقي، خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، نحو 11.505 مليار دولار، وفقاً لأرقام رسمية صدرت عن وزارة النفط في بغداد. وقالت الوزارة في بيان، إنّ إجمالي كمية الصادرات من النفط الخام للشهر ذاته بلغت أكثر من 101 مليون برميل.

وقال الباحث في الشأن الاقتصادي العراقي، حمزة الحردان، إن فرصة ارتفاع أسعار النفط تأتي للعراق مرة أخرى بعدما شهد العالم ارتفاعاً لأسعار النفط قبل عشر سنوات تقريباً، ولم تستفد البلاد منه بشكل حقيقي، معتمداً على اقتصاده الريعي (أموال النفط) في سد نفقاته التشغيلية والاستثمارية.

وقال الحردان لـ"العربي الجديد" إن على الحكومة العراقية استثمار فرصة ارتفاع أسعار النفط هذه المرة بالشكل الصحيح، لأنّ من المتوقع أن تصل إيرادات النفط لهذا العام إلى أكثر من 120 مليار دولار.

وأضاف أن هذه الزيادة في أسعار النفط يمكن أن تستمر، ما قد ينعكس بشكل إيجابي لتكون هناك نقطة تحول في الاقتصاد العراقي، من خلال عمليات الاستثمار الصحيح والسليم، وإقامة مشاريع مساندة للموازنة العراقية وعدم الاعتماد الكامل على القطاع النفطي.

وأوضح أن على الحكومة العراقية استثمار الفرص لتطوير القطاعات الاقتصادية والمنشآت الصناعية والزراعية، واستحداث مشاريع يمكن أن تكون رافداً أساسيا لتحويل الاقتصاد الوطني من ريعي إلى متنوع.

ولفت إلى أن هذه الزيادة فرصة مؤقتة بسبب العوامل والمتغيرات الدولية، واحتمالية انتهاء الأزمة الروسية الأوكرانية التي ستعقبها اتفاقات دولية لتخفيض أسعار النفط عالمياُ.

احتياطي نقدي قياسي
كشف رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، أنه خلال عامين من عمر الحكومة كان احتياطي البنك المركزي أقل من 50 مليار دولار، والآن وصل إلى 76 مليار دولار، وسيصل إلى 90 مليار دولار نهاية العام الحالي.

وأشار الكاظمي خلال مؤتمر صحافي، إلى أنّ رواتب الموظفين والمتقاعدين والمنافع وغيرها تبلغ 5 مليارات دولار شهرياً، وهناك مليارا دولار مصاريف تشغيلية، ليصبح المبلغ الإجمالي للمصروفات الشهرية 7 مليارات دولار، بمبلغ 84 مليار دولار سنوياً.

وأوضح الكاظمي أنّه لا توجد النية لدى الحكومة العراقية بالتوجه نحو تغيير سعر صرف الدينار.
ومن جهته بين الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، أن البنك المركزي يمتلك أنواعاً متعددة من الاحتياطيات، تبلغ قيمتها أكثر من 160 تريليون دينار، منها احتياطي استثماري تبلغ قيمته 60 تريليون دينار مستثمر في بنوك خارجية مقابل عائدات وفوائد.

وأضاف العبيدي في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ هناك احتياطات من الذهب تقدَّر بـ 140 طن بقيمة تريليوني دينار تقريباً، فضلاً عن وجود ديون داخلية لدى وزارة المالية للبنك المركزي تصل إلى 40 تريليون دينار، وأسهم ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية بقفزة في احتياطات العراق النقدية.

إمكانية مواجهة التحديات
أوضح عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، جمال كوجر، أنّ من السابق لأوانه أن نقول إن العراق قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، لأن العراق بلد ريعي يعتمد على إيرادات النفط، وأي تقلبات تحدث في بلدان العالم تساهم بإحداث شلل كبير في الاقتصاد المحلي، الذي يعتبر من الاقتصادات الهشة.

وبيّن كوجر من خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الدولة العراقية اليوم لا تمتلك دراسات اقتصادية متكاملة، وتأثيرات التضخم العالمي ستكون انعكاساتها كبيرة على الاقتصاد العراقي، لأن البلد يعتمد بالأساس على استيراد السلع والخدمات من الخارج ولا يوجد انتاج محلي، ما يعني أن السوق العراقية تتأثر سلباً بكل حالة تضخم تشهدها دول المنطقة والعالم.

وقال عضو اللجنة المالية إن قفزات أسعار النفط أنقذت الاقتصاد العراقي من الانهيار، وعندما انخفضت أسعار النفط ووصل سعر البرميل إلى 20 دولاراً تقريباً اتجهت الحكومة إلى أخذ مبالغ كبيرة من الاحتياطي النقدي، واعتمدت على الاقتراض الداخلي والخارجي، فضلاً عن تغيير سعر الصرف وتقديم موازنة تقشفية.

وأضاف أن الارتفاع الحاصل اليوم مكّن الاقتصاد العراقي من استعادة نشاطه النقدي ورفع معدلات الاحتياطي وسداد مبالغ كبيرة من الديون المترتبة بذمته داخلياً وخارجياً.

وأشار إلى أن الحكومة عليها الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط، وتخصص الفائض الحاصل لدعم الجانب الاستثماري، لأن الدولة ما زالت تصرف 75 بالمائة من موازنتها للجانب التشغيلي ونفقات ورواتب، وجميع هذه النفقات لا يوجد فيها مردود مالي.

وطالب الحكومة بالعمل على إقرار موازنة استثمارية وليست تشغيلية، لخلق مصادر تمويل جديدة، وتحويل الدولة العراقية من دولة ريعية إلى دولة متعددة الموارد.

وفي ظل التقاطعات داخل البرلمان لم تُقرّ الموازنة حتى الآن، التي تحدد بنود مصروفات الدولة خلال عام، وخاصة المخصصة للرواتب والدعم وسداد أعباء الديون، كذلك تحدد المستهدف من إيرادات الدولة.

وعلى الرغم من نجاح الحكومة في الحصول على نحو 18 مليار دولار ضمن قانون الأمن الطارئ الذي أقره البرلمان أخيراً لتأمين استيراد الطاقة وتمويل المشاريع الخدمية المهمة، وتمويل صندوق الرعاية الاجتماعية، إلّا أنّ مسؤولين يؤكدون استمرار حاجة البلاد للموازنة التي أعدت مسودتها بوقت سابق عند قرابة 90 مليار دولار.

المساهمون