هل "الورقة البيضاء" وراء تعافي الاقتصاد العراقي أم النفط؟

هل "الورقة البيضاء" وراء تعافي الاقتصاد العراقي أم النفط؟

04 يوليو 2022
قفزة كبيرة في إيرادات النفط بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً (فرانس برس)
+ الخط -

رغم المخاطر الأمنية والبيئية والانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد، شهد الاقتصاد العراقي تعافياً ملحوظاً، نتيجة لزيادة سعر النفط في الأسواق الدولية الذي ساهم بارتفاع الإيرادات الحكومية بنسبة إيجابية.
ووفقاً لتقارير البنك وصندوق النقد الدوليين، تبيّن أنّ العراق في مقدمة الدول الأسرع نمواً في الشرق الأوسط، وأيضاً في المراتب الأولى على مستوى العالم.
ورغم حديث رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عن إنقاذه لوضع اقتصاد العراق السيئ من خلال مشروع "الورقة البيضاء" الإصلاحية التي اعتمدتها حكومته العام الماضي، إلّا أنّ مراقبين مختصين في الاقتصاد يرون أنّ هذا التعافي جاء نتيجة لارتفاع أسعار النفط، وليس نتيجة خطط اقتصادية ذكية أو استراتيجية اتبعتها الحكومة.
والورقة البيضاء خريطة طريق شاملة تهدف إلى إصلاح الاقتصاد العراقي ومعالجة التحديات الخطيرة التي تواجهه والتي تراكمت على مدى السنوات الماضية بسبب السياسات الخاطئة وسوء الإدارة والفساد وغياب التخطيط، بالإضافة إلى الاعتماد شبه الكلي على النفط كمصدر أساسي لإيرادات الدولة.

ارتفاع الاحتياطي النقدي
والأسبوع الماضي أعلن رئيس الوزراء العراقي ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى 76 مليار دولار في البنك المركزي، مؤكداً أنّ الاحتياطي كان 50 مليار دولار عند تسلمه الحكومة قبل نحو 3 سنوات. واعتبر ذلك أنّه "أسرع نمو للاحتياطي النقدي في تاريخ العراق" كما توقع أن يبلغ الاحتياطي 90 مليار دولار نهاية العام الحالي".

لكنّ الخبير الاقتصادي المختص في إدارة الأزمات الاقتصادية علي جبار، قال لـ"العربي الجديد" إنّ "جميع المؤشرات العامة التي يجري تداولها تشير إلى تعافٍ واضح في حجم الإيرادات النقدية، نتيجة ارتفاع أسعار برميل النفط عالمياً، وليس نتيجة خطط أو استراتيجيات اقتصادية ذكية تتبعها الحكومة".
وأوضح أنّه "بعد أزمتي كورونا وانخفاض أسعار النفط وصلت معدلات الانكماش في عام 2020 إلى ما يقارب 11.3%، وتحسنت بمعدل 1.3% خلال عام 2021"، مؤكداً أنّ "الزيادة النقدية في إيرادات العراق عقب تخفيض قيمة الدينار مقابل الدولار بمعدل 23%، مع زيادة معدلات سعر البرميل في 2021 لمتوسط 68.3 دولاراً للبرميل، أسهمت في ارتفاع الإيرادات الحكومية بنسبة 78%".
وتابع أن نمو الناتج المحلي الإجمالي يقدر بنحو 33% بتأثير الزيادة النقدية الحاصلة نتيجة عائدات النفط وليس بتأثير نمو حركة الاقتصاد العراقي بشكل إيجابي، إضافة إلى توقع الانخفاض في نسبة الدين العام إلى معدل 54.8% العام الجاري مقارنة بعام 2020 التي كانت بمعدلات 64.7% من إجمالي الناتج العام".
وفي ما يخص النمو الاقتصادي العام لعام 2022 يتوقع الخبير الاقتصادي أنّ "نسبة النمو ستبلغ نحو 8.9%". وأكد أنّ "هذا النمو تحقق نتيجة تأثيرات معدلات تصدير النفط وأسعاره العالمية"، لافتاً إلى أنّ هذا النوع من النمو والزيادة جعل من مستقبل الاقتصاد مقيداً بضغوط الاقتصاد المحدودة في الإيرادات، وكذلك إدارة إيرادات الإنفاق سلباً بمعدلات موازنات تشغيلية سلبية تتجاوز الـ87% من الموازنات العامة.
وأشار إلى أنّ "الإيرادات النقدية التي تمولها عمليات بيع النفط الخام، ما زالت تهدر بشكل فوضوي من دون وضع استراتيجيات اقتصادية حكيمة في كيفية استثمارها لتحفيز القطاعات الخاملة داخل البلد، فضلاً عن الارتفاع الخطير في معدلات الهدر والسرقة في حركة الإنفاق الحكومي (غير المنتجة) التي تعتمدها الموازنات العامة، وكذلك شبه انعدام الإجراءات الرقابية الحقيقية".

وتابع الخبير حديثه قائلاً: "بالرغم من ارتفاع حجم الإيرادات وتعافي الاقتصاد، إلا أن معدلات الفقر في العراق تجاوزت عتبة الـ 31%، وهناك أكثر من 4.2 ملايين شخص يعيشون في خط الهامش، يقابله ارتفاع خطير في معدلات البطالة بين القوى العاملة تجاوز الـ 13%".

قفزة في الإيرادات النفطية
حسب الإحصائية النهائية الصادرة عن شركة تسويق النفط العراقية سومو، وفقاً لبيان وزارة النفط، فإن الصادرات والإيرادات المتحققة لشهر مايو/ أيار الماضي بلغت نحو 11 ملياراً و477 مليون دولار.
من جانبه، أكد عضو اللجنة المالية في البرلمان السابق، فلاح عبد الكريم، ما تحدث به الخبراء، قائلاً لـ"العربي الجديد" إن "التحسن الإيجابي في الاقتصاد جاء نتيجة لارتفاع أسعار النفط العالمي، وليس نتيجة الإجراءات الإصلاحية التي قامت بها الحكومات المتعاقبة".
وأضاف أنّ "العراق في ظل ارتفاع أسعار النفط بحاجة إلى خطة اقتصادية متكاملة لإنقاذ البلد من أزمات محتملة، ولا سيما أنّ أسعار النفط غير مستقرة نتيجة حالة الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي يعيشها العالم جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا".
وأشار عبد الكريم إلى أنّ أيّ تعافٍ في الاقتصاد لا يحقق للمواطن استقراره وعيشه بكرامة، لا يعتبر نمواً حقيقياً، وذلك لأنّ تحسن الأوضاع المعيشية للمواطنين يعتبر المؤشر والمقياس الأنسب لمعرفة المؤشرات الاقتصادية لأي بلد.