نزيف الاقتصاد العراقي يتواصل: التوترات تخنق الأسواق

نزيف الاقتصاد العراقي: التوترات تخنق الأسواق... ورؤوس أموال تهرب للدول المجاورة

03 فبراير 2020
التجار تكبّدوا خسائر باهظة بسبب تراجع المبيعات (حيدر كرالب/الأناضول)
+ الخط -
ألقت الأزمة الإيرانية الأميركية بظلالها على مجمل المشهد الاقتصادي العراقي، رغم المؤشرات الأخيرة على تراجع التوتر الذي باتت بغداد ساحته الرئيسة.
ورغم مرور أكثر من شهر على الأزمة، أكد مراقبون ومسؤولون عراقيون استمرار انكماش السوق وحركة التعاملات التجارية بشكل واضح، مقارنة بما قبل التوترات التي أعقبت اغتيال زعيم فيلق القدس، قاسم سليماني، قرب مطار بغداد، مطلع الشهر الماضي، ورد طهران بقصف قاعدتين عراقيتين تستضيفان قوات أميركية.

ويتأرجح سعر صرف الدينار العراقي بين 1221 و1222 ديناراً للدولار الواحد، بعد أن ارتفع إلى حدود 1228، عقب تهديدات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفرض عقوبات على بغداد، ردا على تصويت البرلمان لصالح قرار إخراج القوات الأجنبية من البلاد.
وحسب مصادر مصرفية في بغداد، فإن عددا غير قليل من أصحاب رؤوس الأموال والتجار نقلوا أموالهم إلى دول مجاورة، أبرزها الأردن وتركيا، تحسبا لأوضاع أمنية أكثر سوءاً في البلاد، فيما أقر مسؤول في وزارة التخطيط، بتراجع لا يقل عن 40 بالمائة في قطاع الاستثمار، فضلا عن انخفاض الشراء في سوق العقارات رغم هبوط أسعارها، وصولا إلى ركود واسع في أسواق السيارات والأثاث.

وأكد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن أول من يتأثر بالعامل الأمني هي رؤوس الأموال وحركة الاستثمارات"، لافتا إلى أن إقليم كردستان العراق (شمال) هذه المرة لم يكن بمعزل عن ذلك.
ونتيجة لذلك، عمدت عدد من الشركات إلى وقف عملها في العراق وتسريح أعداد كبيرة من العاملين، لا سيما في مناطق وسط وجنوب البلاد، حسب المسؤول.

وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، قال مدير شركة نبع الوطن لتجارة الأعلاف، جبار الصكر، إن "العراق تحوّل إلى ساحة للصراعات الدولية والإقليمية وأرضه باتت غير مهيأة للاستثمار، ما دفع العديد من أصحاب الشركات إلى إيقاف عمل شركاتهم أو نقلها للمناطق الشمالية والغربية التي تشهد أوضاعاً مستقرة بعد تحريرها من سيطرة تنظيم داعش".
وأضاف أن "بعض الشركات استغنت عن خدمة أعداد كبيرة من الأيدي العاملة العراقية نتيجة للانكماش الكبير والظروف الاستثنائية التي يعيشها العراق منذ أكثر من شهرين، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في ركود السوق العراقية بشكل ملحوظ".

وكان الرئيس الأميركي قد هدد، في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، بفرض عقوبات اقتصادية على العراق ليس لها مثيل، عقب إقرار البرلمان العراقي قانونا لإخراج القوات الأميركية، واستهداف مقر سفارة واشنطن في بغداد بعدد من الصواريخ أطلقتها مليشيات موالية لطهران.
ومن جهتهم، شكا عدد من أصحاب المحلات التجارية من ركود حركة البيع والشراء بسبب ارتفاع أسعار البضائع؛ نتيجة لانخفاض سعر الدينار العراقي أمام الدولار بسبب التوترات، في وقت غابت فيه السيولة النقدية لدى المواطن، في ظل انتشار البطالة إلى مستويات مخيفة.

وقال حسن الكرخي، صاحب أحد محلات بيع الأجهزة الكهربائية في سوق الشورجة الشهير وسط بغداد، لـ"العربي الجديد" إن حركة البيع والشراء تراجعت إلى أدنى مستوياتها مقارنة بما كانت عليه في الأشهر الماضية، عازياً سبب ذلك إلى "انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، نتيجة لحالة الفوضى والخوف الذي تسود الشارع العراقي". وأضاف أن "نسبة المبيعات تراجعت بحوالي 60% منذ بداية هذا العام، كما أن الأسواق باتت شبه خالية من المشترين، بسبب ضعف القوة الشرائية".


وأشار الكرخي إلى أن الركود الاقتصادي لم يقتصر على بيع الأجهزة الكهربائية فحسب، فقد انعكست الأحداث الأخيرة سلباً على السع الأخرى.
ومن جانبهم، عزا خبراء اقتصاد حالة الركود والانكماش في الأسواق إلى أسباب عدة، أبرزها غياب الاستقرار السياسي، والاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مناطق وسط وجنوب العراق، والمخاوف المستقبلية لدى المواطنين من تحول العراق إلى ساحة صراع وتصفية حسابات لدول أخرى.

وقال أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني، لـ"العربي الجديد" إن "العراق يعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي الذي انعكس سلباً على الملفين الأمني والاقتصادي؛ بسبب الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت مدن وسط وجنوب البلاد، مضافاً إليها الصراع الإيراني الأميركي الدائر على أراضينا". وأضاف أن "الفوضى في العراق والأزمات المتتالية باتت تشكل عامل طرد للاستثمارات المحلية والأجنبية".

ولفت المشهداني إلى أن الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق أدت إلى وجود حالة من الركود في جميع المجالات وتعطل جزء كبير جدا من ماكينة الاقتصاد.

المساهمون