قطر 2021... إنجازات اقتصادية مدعومة بالمصالحة وانحسار كورونا

قطر 2021... إنجازات اقتصادية مدعومة بالمصالحة وانحسار كورونا

01 يناير 2022
تستقبل قطر عام 2022 بإصرار على جعله عاماً استثنائياً في مختلف المجالات (Getty)
+ الخط -

شكلت المصالحة الخليجية بين قطر وأربع دول عربية، بعد قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت في مدينة "العلا" السعودية يوم 5 يناير/ كانون الثاني 2021، دافعا قويا للاقتصاد والتبادل التجاري والأنشطة السياحية مع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

كما عزز تخفيف القيود المفروضة على أنشطة الأعمال وحرية التنقل منذ منتصف عام 2021، ثقة المُستهلك والنشاط التجاري في اكتساب المزيد من الزخم، الأمر الذي ساهم في تحفيز نمو القطاع غير النفطي.

في هذا الإطار، تقول وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، في تقرير حديث، إن "الاقتصاد القطري قوي، حيث توازي أصول صندوق الثروة السيادي القطري (جهاز قطر للاستثمار) البالغة 295 مليار دولار 200% من الناتج المحلي الإجمالي، بما يمثل مظلة حماية من الصدمات المالية المحتملة، ويعزز استقرار الاقتصاد في الأجل المتوسط".

وقد حقق الميزان التجاري السلعي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فائضا مقداره 24.5 مليار ريال (6.7 مليارات دولار)، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 15.5 مليار ريال، وبنسبة 170.6% مقارنة بالشهر المماثل من العام 2020، وقفز 3.3 مليارات ريال بنسبة 15.8% مقارنةً بشهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في ظل ارتفاع الصادرات القطرية، التي تشمل ذات المنشأ المحلي وإعادة التصدير، بنسبة 16.6% إلى 34.3 مليار ريال على أساس سنوي، و13.9% مقارنة بشهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفقا لبيانات جهاز التخطيط والإحصاء القطري. ويرى رئيس مجلس إدارة جمعية المحاسبين القانونيين القطرية، الخبير الاقتصادي هاشم السيد، في حديث لـ"العربي الجديد" أن القطاعات الاقتصادية والتجارية اكتسبت المزيد من الثقة مع زيادة معدل التطعيم ضد فيروس كورونا وتخفيف القيود المفروضة على أنشطة الأعمال وحرية التنقل منذ منتصف 2021، ما ساهم في تعزيز نمو القطاع غير النفطي، إذ بلغ مؤشر مديري المشتريات 58.2 نقطة في أغسطس/ آب الماضي، فيما من المقدر أن يكون الإنفاق الاستهلاكي قد قفز 5% بنهاية 2021.

موازنة قطر 2021 تظهر تعافياً واضحاً

وأظهرت موازنة 2021 تعافياً من تداعيات تفشي كورونا، وزيادة الإنفاق على المشاريع الرئيسية استعدادا لتنظيم كأس العالم 2022. فقد تحولت إلى فائض خلال الأشهر التسعة الأولى من 2021، بقيمة 4.9 مليارات ريال، مقارنة بعجز بلغ 4.1 مليارات ريال في الفترة المماثلة من 2020.

وبحسب وزارة المالية، سجلت الموازنة إيرادات بقيمة 47 مليار ريال في الربع الثالث، بنمو سنوي نسبته 20.6%، كما نمت قيمة الإيرادات النفطية 34.6% إلى 41.2 مليار ريال مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط والغاز، وسجلت الإيرادات غير النفطية 5.7 مليارات ريال في الربع الثالث.

ويعتبر الخبير الاقتصادي نفسه أن الدليل الأكبر على استمرار الانتعاش الاقتصادي هو تأكيد المضي قدماً في مشروع رفع السعة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال، والذي من شأنه أن يرفع الإنتاج بنسبة بين 40% و50% على الأقل بحلول عام 2026، بعدما وقّعت قطر العديد من التعاقدات التي تعزز مكانتها كأكبر مصدّر للغاز الطبيعي المُسال في العالم.

هذا بالتوازي مع زيادة اعتماد الاقتصادات العالمية بشكل أكبر على الغاز الطبيعي المسال، بعدما ظل النفط على الدوام في تأرجح مستمر بسبب كورونا وبعض التوترات السياسية والصراعات في بعض مناطق الإنتاج أو الزيادة في نسبة التأمين البحري وخطوط نقل النفط.

توسيع مشاريع الغاز المُسال في قطر عام 2021

وقد واصلت "قطر للبترول" التي تغير اسمها وأصبحت "قطر للطاقة"، مشاريعها لزيادة الطاقة الإنتاجية من الغاز المسال، ووقّعت الشركة خلال 2021، اتفاقات لبناء أكثر من 100 ناقلة جديدة للغاز بقيمة 100 مليار دولار، كما وقّعت عقدا للمرحلة الأولى من مشروعها لتوسعة حقل الشمال التي سترفع إنتاج الغاز الطبيعي المسال إلى 110 ملايين طن سنويا بحلول عام 2025، أي بزيادة سنوية تُقدر بنحو 43%، وباستثمارات تناهز 105 مليارات ريال.

كما أبرمت اتفاقيات حول الاستكشاف البحري والتنقيب في العديد من المناطق الحيوية حول العالم، منها السواحل الكندية والقبرصية والبرازيلية والمصرية وشواطئ جنوب أفريقيا، إلى جانب اتفاقيات لتزويد عدد من الدول بالغاز، ومنها الصين وباكستان وبنغلادش وكوريا الجنوبية.

تعزيز الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في قطر

على صعيد هذه الاستراتيجية، قفز حجم الإنتاج المحلي للخضراوات من نحو 66 ألف طن إلى أكثر من 100 ألف، بما ضمن تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 41%، كما ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور المحلية إلى 86%، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 95% بحلول عام 2023.

وحققت قطر اكتفاء ذاتياً تاماً من الألبان ومنتجاتها، بل فاقت النسبة حاجتها وبلغت 106%، إلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي من استهلاك الدواجن الطازجة بنسبة 124% بعدما بلغ الإنتاج 28 ألف طن.

تعزيز دور السياحة والسفر في قطر

يواصل جهاز قطر للسياحة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتعزيز دور القطاع السياحي في الاقتصاد الوطني، ويؤكد رئيس الجهاز، أكبر الباكر، أن الدولة تسعى إلى جذب أكثر من 6 ملايين زائر دولي سنوياً وزيادة مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 12% بحلول عام 2030.

ومع تخفيف قيود مواجهة كورونا، ارتفع عدد القادمين وتضاعف عدد الزوار الوافدين خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، 14 مرة، بزيادة تعادل 1374.3% على أساس سنوي، وبلغ عددهم أكثر من 66 ألف زائر، مقابل 4.53 آلاف فقط في سبتمبر/ أيلول 2020.

وتتواصل الأعمال في المرحلة الأولى من مشروع توسعة "مطار حمد الدولي" الذي سترفع طاقته الاستيعابية إلى أكثر من 58 مليون مسافر سنوياً والتي من المقرر أن تنتهي في عام 2022، وتحديداً قبيل استضافة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم، لتبدأ المرحلة الثانية من المشروع بعد انتهاء البطولة مباشرة، والتي ستساهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للمطار إلى 60 مليون مسافر سنوياً.

وفي إطار المشاريع السياحية، أطلق في إبريل/ نيسان 2021، مشروع "شاطئ شمال الخليج الغربي" الذي يقع على طول حي الأعمال في الدوحة، ويوفر 6 شواطئ للفنادق المحيطة لتنشيط حركة السياح، كمرحلة أولى، كما يضم شاطئاً عاماً و12 شاطئاً خاصاً تابعة لعدد من الفنادق، في موقع واحد على مساحة 60 ألف متر مربع، فيما من المقرر افتتاح الشاطئ لاستخدام الجمهور قبل انطلاق صافرة "مونديال قطر 2022".

دعم كبير للإنتاج الصناعي القطري

وارتفعت مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي من 7.3% العام الماضي إلى 8.7% في النصف الأول من 2021، بما جعلها تحتل المركز الرابع كأعلى الأنشطة مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

في السياق، شدد وزير التجارة والصناعة، محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني، على أن القطاع الخاص نجح في تطوير منتجاته وإحلال بعض السلع والمنتجات المستوردة في مختلف المجالات الصناعية، بما ساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي لعدد من المنتجات الغذائية والاستهلاكية والإنشائية.

وأظهر تقرير صادر عن "غرفة تجارة وصناعة قطر" أن قيمة صادرات القطاع الخاص، حتى نهاية الربع الثالث من 2021، بلغت نحو 20.9 مليار ريال، مقابل 11.1 مليار ريال للفترة ذاتها من 2020، محققة ارتفاعاً قياسياً بنسبة تزيد عن 88%.

ونمت الاستثمارات الصناعية بأكثر من 91 مليون دولار، ليبلغ مجموعها نحو 72.41 مليار دولار، مقارنة بـ72.32 مليار دولار بنهاية عام 2020.

مكاسب لافتة في بورصة قطر عام 2021

وحول أداء سوق الدوحة للأوراق المالية السنوي، يقول المحلل المالي رمزي قاسمية لـ"العربي الجديد" إن مؤشر بورصة قطر، حقق منذ بداية 2021 وحتى إعداد هذا التقرير، مكاسب قاربت نحو 11.5%، وسجل المؤشر خلال العام الحالي أداء مميزاً مع ارتفاع معظم قطاعات السوق المالي، ولامس المؤشر أعلى مستوياته منذ نحو 6 سنوات، عند حدود 12 ألف نقطة.

ولفت إلى أن هذا الدعم والأداء المميز جاءا نتيجة عدة عوامل، وعلى رأسها ارتفاع أرباح الشركات المدرجة عن فترة التسعة أشهر الأولى بنسبة 36% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، نتيجة استعادة النشاطات الاقتصادية عافيتها من تبعات القيود المفروضة لمكافحة كورونا.

أما أبرز محطات البورصة خلال عام، فيجملها قاسمية بقرار السماح بتملك الأجانب نسبة 100% من رؤوس أموال الشركات القطرية المدرجة في البورصة، بما يعزز جاذبية الشركات القطرية للاستثمار وزيادة تدفق السيولة الأجنبية إلى السوق القطري.

كما أنشأت البورصة سوقاً خاصاً لتداول الشركات الناشئة، وأدرجت شركتين خلال العام الماضي. نمو أكثر قوة للناتج المحلي وحقق الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر نمواً ناهزت نسبته 4% في الربع الثاني من عام 2021، مقارنة بالربع الثاني من 2020، كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي بنحو 0.7% في الربع الثاني، بينما زادت مساهمة الأنشطة غير النفطية بشكل كبير مسجلة نمواً بنحو 6.2% خلال الفترة ذاتها من عام 2021.

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى إمكان بلوغ نمو الاقتصاد القطري 3% بنهاية 2021، مع توقعات بتسارع وتيرته إلى نحو 4.1% في 2022 ثم إلى 4.5% في 2023. وتستقبل قطر عام 2022، بإصرار على جعله عاماً استثنائياً في مختلف المجالات، من خلال استضافتها لأول بطولة كروية عالمية في المنطقة، "مونديال قطر".

واعتمدت الدولة الغنية بالغاز الطبيعي موازنتها العامة بتقديرات إجمالية لإيرادات بقيمة 196 مليار ريال تمثل زيادة نسبتها 22.4% مقارنة بتقديرات موازنة 2021، وبُنيت الموازنة على أساس متوسط سعر نفط عند 55 دولاراً للبرميل، بحسب وزير المالية علي بن أحمد الكواري.

وارتفع إجمالي المصروفات المخطط لها في الموازنة بنسبة 4.9% لتبلغ 204.3 مليارات ريال خلال عام 2022، بما يُعزى أساساً إلى الارتفاع المؤقت في المصروفات التشغيلية المتعلقة بأنشطة استضافة البطولة الكروية، والتي تشمل تكاليف الأمن والتشغيل لكافة الفعاليات المتعلقة بكأس العالم قطر 2022.

المساهمون