قانون البيوع العقارية: عبء جديد على السوريين لجمع موارد للخزينة

قانون البيوع العقارية: عبء جديد على السوريين لجمع موارد للخزينة

30 مارس 2021
زيادة التكاليف على السوريين (Getty)
+ الخط -

يشكل قانون البيوع العقارية، الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد الاثنين، عبئاً جديداً على السوريين لتأمين موارد للخزينة العامة، بعد تراجع الموارد الرئيسية "النفط، الضرائب وفوائض المؤسسات الاقتصادية" كما يقول مختصون لـ"العربي الجديد".
ولجأ النظام السوري إلى القانون الجديد لتعديل الضريبة بناء على ما أسماه "القيمة الرائجة للعقارات"، ما شكل امتعاضاً وتشكيكاً بتحديد نسبة الضرائب، بعد إيلاء الأمر للجان متخصصة وعدم اعتماد السعر الذي يحدده البائع أو تقدره المكاتب العقارية المتخصصة.
واقع دفع وزير المال كنان ياغي للتوضيح، اليوم، بأن هدف القانون الجديد" تحقيق العدالة ما أمكن بين المكلفين، إضافة إلى معالجة التهرب الضريبي في مجال بيع وشراء وتأجير العقارات"، وهو ماكان يؤدي، برأيه، إلى فوات المنفعة والإيرادات على الخزينة العامة للدولة.
وأشار ياغي إلى أن الضريبة المتوجبة حسب القانون الجديد، أصبحت تقدر بنسبة محددة من القيمة الرائجة للعقار، لأن قانون البيوع الذي أصدره الأسد يحد من تدخل العامل البشري في تحديد الضريبة على البيوع العقارية بالاعتماد بشكل أساسي على نظام المعلومات الجغرافية (جي آي إس).

ولفت إلى أن القانون الجديد يراعي مسألة الارتفاع الكبير في أسعار العقارات التجارية والسكنية وتغيرها المستمر، ولا سيما أن الضريبة المفروضة حالياً على عمليات البيوع العقارية لم تعد تتلاءم مع الواقع الفعلي لأسعار العقارات، وهو ما يؤدي إلى الانتقاص من حق الدولة في فرض الضريبة المناسبة والعادلة، كون استيفاء الضريبة يتم حالياً استناداً إلى القيمة المالية الموجودة لدى الدوائر المالية وفقا للقوانين ذات الصلة الموجودة منذ ما قبل عام 1997.
وبحسب القانون الذي أصدره رئيس النظام السوري، بعد إقراره من مجلس الشعب في 25 آذار/مارس الماضي، فإن لجانا "متخصصة وخبيرة" هي التي تحدد القيمة الفعلية للعقارات، ما سيحقق "عدالة ضريبية غير مسبوقة".

وبحسب القانون، فإن اللجان المتخصصة ستستند خلال تقييم السعر، وبالتالي الضريبة، إلى بيانات وتخمينات رقمية وواقعية ومؤتمتة لا يتدخل فيها العامل البشري، وهو ما "يمنع الفساد في تحصيل الضرائب المستحقة على بيع العقارات.
وسيتم، بحسب بيان الرئاسة السورية الذي تلا إصدار القانون، تحديد سعر المتر المربع للعقار السكني والتجاري في جميع المدن والمناطق والبلدات عبر لجان مختصة، ويتم تثبيت هذه القيم في نظام مؤتمت لتكون مرجعا عند تحديد الضريبة على البيع وفق النسب الضريبية الواردة بوضوح في القانون، وعندها يُلغى دور العنصر البشري في تحديد الضريبة من خلال ربط عقود البيع مع القيمة الرائجة للعقارات والمسجلة في بيانات مؤتمتة مسبقا.
وأشارت الرئاسة إلى أن تطبيق القانون يحقق زيادة في الإيرادات الضريبية للخزينة العامة، بما يتلاءم مع الأرباح التي تتحقق من عمليات البيع العقاري بمختلف أنواعها وأشكالها، لتعود بالنفع العام على المواطنين وتنعكس إيجابا على الخدمات المقدمة لهم. كما أن القانون، وفق رؤية نظام الأسد، سيضمن تحقيق مستوى عال من الشفافية والدقة بالتحصيل الضريبي، بشكل يميز بين ما هو مطلوب ضريبيا على بيع العقار باهظ الثمن ومنخفض الثمن، وهو ما يحقق عدالة ضريبية بين مختلف العقارات، والكل يدفع الضريبة العادلة وفق قيمة عقاره بما يحفظ حق الأفراد وحق الدولة.
وفي مدحها لعدالة وعصرية وشفافية القانون، أضافت الرئاسة السورية، في بيانها، إن القانون يعتمد بدرجة رئيسية على استخدام التقنيات الإلكترونية الحديثة، بحيث يمكن لصاحب العقار أن يحصل على القيمة التخمينية لعقاره والضريبة المطلوبة من بيعه، أينما كان هذا العقار وأينما كان مالك العقار في سورية، ما يسهل عمليات الفراغ العقاري ويرفع كفاءة العاملين في القطاع الضريبي تحت مظلة العدالة ومنع التهرب.

ويقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار غزوان قرنفل: "واضح الهدف العام من القانون، وهو تأمين موارد جديدة للدولة، فعادة، الدول التي تقتصر مهامها على الجباية تلجأ إلى جيوب المواطنين حينما تضعف أو تتراجع الموارد العامة".

وأضاف: "لكن في سورية الأسد انتقلت مهام الدولة من مشاركة الناس أموالها، كما في قانون البيوع العقارية، إلى "تشليح" الناس أموالها، كما نرى بالحجوزات الاحتياطية أو مصادرة الأموال بحجة التعامل بغير الليرة السورية، أو بإجراءات نظام الأسد مع من يصفهم بالإرهابيين".
وفي حين يقر المحامي السوري قرنفل بحقوق الدولة وضرورة تعديل القوانين القديمة، يلفت لـ"العربي الجديد" إلى أن الغاية من قانون البيوع الجباية وليست إعادة توزيع الثروة على السوريين، لافتاً إلى أن الاعتراض على نسبة الضريبة يجب أن يكون أمام جهة قضائية مستقلة وليس أمام وزارة المالية التي ستشكل أو تساهم بتشكيل اللجان، لأن المالية بهذه الحالة ستكون "الخصم والحكم"، مضيفاً، ما فائدة الاعتراض إن نص القانون على أن يكون بعد دفع الضريبة، وكأننا أمام نظام عسكري" نفذ ثم اعترض"، لأن الدفع قانونياً يعني الامتثال والقبول بالقانون.
ويتابع المحامي السوري "هذا إن لم ندخل بتفاصيل القانون الجديد، سواء لإطلاق يد اللجان بتخمين الأسعار وبالتالي الضرائب وظلم القانون لبيوع عقارات الهبة "15%"، أو زيادة العبء الضريبي على السوريين الذين يحتالون على غلاء العيش عبر بيع منازلهم، أو حتى دستورية القانون الذي يحظر على المحاكم إصدار الأحكام المتعلقة بتثبيت البيوع العقارية، أو حق الإيجار إلا بعد تقديم وثيقة من الدوائر المالية تشعِر بتسديد مبلغ الضريبة المفروضة، "هذا انتهاك خطير لمبدأ استقلالية السلطة القضائية".
وكان القانون الجديد قد حدد نسبة ضريبية 1% من القيمة الرائجة للعقارات السكنية والأراضي الواقعة خارج المخطط التنظيمي والأسطح والعقارات السكنية، ونسبة 2% للأراضي الواقعة داخل المخطط التنظيمي المصدّق، ونسبة 3% عن بيع العقارات غير السكنية.

ويرى الاقتصادي السوري محمود حسين أن نظام بشار الأسد، الذي يعاني "الإفلاس"، التفت خلال الفترة الأخيرة إلى "جيوب السوريين"، فبعد وعيد وزير المالية للتجار والصناعيين، وحجز العديد من المنشآت أو تجميد العمل بحجة التهرب الضريبي، ها نحن اليوم أمام طرح جديد لإسعاف خزينة الدولة الفارغة.
ويتابع حسين لـ"العربي الجديد" أنه من حق الدول تحصيل حقوقها الضريبية، إذ كانت ضريبة البيوع قبل عام 2011 بنحو 5 آلاف ليرة سورية، وباتت إعادة النظر بالمبلغ ضرورة، بعد تحول 5 آلاف ليرة من مئة دولار قبل عشرة أعوام إلى نحو 1.3 دولار اليوم، ولكن ليس على طريقة "التشليح" سواء بتخصيص لجان من المالية وإطلاق يدها بالتخمين، أو حتى بالنسب المرتفعة التي نص عليها القانون.
ويشير الاقتصادي السوري إلى أن ارتفاع أسعار العقارات بسورية اليوم، ولجوء كثير من السوريين لبيع ممتلكاتهم ليستمروا بالعيش بعد غلاء الأسعار، خاصة بواقع وجود شراة من إيران والعراق ولبنان، سيؤمن لخزينة بشار الأسد عائدات مالية "هائلة"، فالضريبة على المنزل السكني الذي يبلغ سعره مليار ليرة تقترب من 20 مليون ليرة سورية، وأما التجارية أو الصناعية فتساوي 30 مليوناً، وهذه المبالغ تموّل نظام الأسد لتسديد الأجور، وتؤجل إعلان الإفلاس بواقع انسداد كل أفق إعادة إنتاج النظام وتمويله، وحتى مساعي روسيا التي جابت دول الخليج لتأمين تمويل وحاولت فتح المعابر داخل سورية لإطالة عمر نظام بشار الأسد.
وبحسب مصادر متخصصة، ارتفعت أسعار المنازل والعقارات في سورية أكثر من 60% خلال الأشهر الثلاثة الفائتة من العام الجديد، بعد زيادة الطلب "الإيراني" وتوقف المشاريع العقارية وتراجع سعر صرف الليرة من 2900 مقابل الدولار إلى نحو 3900 ليرة اليوم.
وخلال اتصال مع "العربي الجديد"، يقدر تاجر العقارات من دمشق غياث جوخدار سعر المنزل بمساحة 150 متراً في العاصمة السورية بين 400 و600 مليون ليرة، ويزداد السعر حسب الحي ومواصفات المنزل، لأن الأسعار في مناطق استهداف الشراء، "المالكي وحي الأمين ودمشق القديمة"، وصلت إلى مليارات الليرات السورية.

المساهمون