فجوة الدخل قنبلة موقوتة تهدد الديمقراطيات الغربية

فجوة الدخل قنبلة موقوتة تهدد الديمقراطيات الغربية

10 ابريل 2023
تظاهرة في مدينة مانهاتن ضد السياسات المالية في أميركا (Getty)
+ الخط -

تواصل فجوة الدخل في الدول الرأسمالية الاتساع وباتت من القضايا الملحة التي تهدد الاستقرار السياسي في الديمقراطيات الغربية بأميركا وأوروبا.

وتمثل عدم المساواة في الدخل والتفاوت الكبير بين الأثرياء والفقراء ومتوسطي الدخل إشكالية كبيرة في اقتصاد السوق في الوقت الراهن وقدرته على تحقيق العدالة المالية للمجتمعات الغربية، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وما أفرزه من تضخم وغلاء في الدول الغربية. 
في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي فيليب مانو، في ورقة بمعهد الشؤون الخارجية البريطاني "تشاتام هاوس"، أن أزمة الفجوة بين الدخول أفرزت التيارات "الشعبوية اليمينية" في دول مثل المجر وبولندا، بينما أفرزت" الشعبوية اليسارية" في دول مثل اليونان وإسبانيا.

وفي أميركا أفرزت فجوة الدخول احتجاجات "وول ستريت" كما أحدثت انقسامات عنصرية داخل المدن الكبرى وباتت الأحياء قائمة على " الجنسيات". ففي نيويورك تجد "السود" يتركزون في أحياء معينة وكذلك" الهسبانك"، أما الأوروبيون فيتوزعون في سكنهم حسب الدخول. 
في هذا الصدد، لاحظ البنك الدولي في دراسة أن إجمالي حجم الثروة الأميركية زاد بنحو 42 تريليون دولار بين ديسمبر/كانون الأول 2019 وديسمبر 2021 وأن 26 تريليون دولار منها كان من نصيب نسبة الواحد في المائة الأغنى في الولايات المتحدة، بينما ذهبت الـ 16 تريليون دولار لبقية المجتمع الأميركي، أي إلى حصة 99% من سكان البلاد. ووفقًا لمصرف "كريدي سويس" يعرف نسبة الواحد في المئة من فئة الأغنياء هم الذين تزيد ثروة الفرد منهم عن مليون دولار.
ويرى معهد " تشاتام هاوس"، أن أزمة الفجوة في الدخل بين الأثرياء والفقراء تقود إلى أربع مخاطر رئيسية تهدد النظم الديمقراطية الرأسمالية. وهذه المخاطر هي عدم الاستقرار السياسي والاحتجاجات المستمرة التي ربما تنتهي إلى الفوضى وتفاقم الأزمات المالية لدى الحكومات وتدهور الأسواق وارتفاع حجم الديون السيادية ومعدلات التضخم. ولا يستبعد محللون أن تكون هذه المخاطر مقدمة لانهيار بعض المجتمعات في الدول الغربية.
وحسب دراسة "تشاتام هاوس" فإن المجتمعات التي تعاني من تفاقم فجوة الدخول تتقلص فيها الطبقة الوسطى التي تعد من أهم أعمدة ثبات النظم الرأسمالية الديمقراطية والرفاه الاجتماعي وترقية الوعي. وعادة ما تعزز الطبقة الوسطى القوة الشرائية، وبالتالي تعد الماكينة الدافعة للنمو الاقتصادي في الدول الرأسمالية..
وتشير الدراسة إلى أن الدول التي تعاني من تضخم فجوة الدخل بين أفراد المجتمع عادة ما تعاني كذلك من تدني معدل النمو الاقتصادي وارتفاع معدل الجريمة وتراجع الصحة العامة والتعليم وتفشي الفساد السياسي. وعلى الرغم من أن نظرية السوق قائمة على أن يكون هناك دائمًا رابحون وخاسرون في المجتمع الرأسمالي. ولكن هنالك حدود تحكم فجوة هذا التفاوت، فالتفاوت الكبير عادة ما يقود إلى تفكك المجتمعات وتفشي الفوضى والجريمة.