غاز إسباني للمغرب... ما المصدر؟

غاز إسباني للمغرب... ما المصدر؟

29 يونيو 2022
إسبانيا المتعطشة للطاقة بدأت تصدير الغاز إلى المغرب - فرانس برس
+ الخط -

إسبانيا التي تعاني نقصاً في الغاز الطبيعي مثل باقي الدول الأوروبية بدأت اليوم الأربعاء تصدير الغاز إلى المغرب، بعد طي صفحة الخلافات السياسية الحادة بين البلدين.

وعقب إعادة الرباط سفيرها إلى مدريد بعد غياب دام نحو السنة، تدفق الغاز من إسبانيا باتجاه المغرب عبر خط أنابيب كان قد توقف عن الضخ في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وسط خلاف دبلوماسي بين المغرب والجزائر.

الخبر ملفت للأنظار لعدة أسباب، أولها أن إسبانيا متعطشة للغاز والطاقة شأنها شأن معظم الدول الأوروبية، وأنها تعاني من شح في الوقود الأزرق مع تراجع الغاز الروسي المتدفق عقب اندلاع حرب أوكرانيا منذ نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي وفرض عقوبات غربية قاسية بحق روسيا.

إسبانيا المتعطشة للغاز والطاقة شأنها شأن معظم الدول الأوروبية، وتعاني من شح في الوقود الأزرق، بدأت تصدير الغاز لجارتها الجنوبية

كما تشهد دول القارة قفزات في سعر الوقود الأزرق بسبب ندرة المعروض منه، وموجة التضخم العالمية، وزيادة الطلب على منتجات الطاقة بشكل عام بعد تراجع حدة متحورات كورونا.

ولذا وجدنا أن إسبانيا والبرتغال وألمانيا وغيرها من دول القارة تبحث عن مناشئ وأسواق جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي في ظل خطة جماعية تتبناها هذه الدول وتستهدف الاستغناء كلياً عن النفط والغاز الروسي بنهاية العام الجاري وقبل حلول الشتاء المقبل.

أما السبب الثاني في كون أن الخبر ملفت للأنظار فهو أن إسبانيا كانت تعتمد وبشكل كبير على الجزائر في تزويدها بالغاز، لكن هذا الاعتماد تراجع في الأشهر الأخيرة، على خلفية حدوث تطورات سلبية، منها تدهور العلاقات السياسية بين مدريد والجزائر في شهر مارس/ آذار الماضي بسبب قضية الصحراء، حيث دعمت إسبانيا خطة مغربية لمنح الحكم الذاتي للصحراء، وهو ما أغضب الجزائر مورِّدها الرئيسي من الغاز، وتسبب الخلاف في نشوب أزمة دبلوماسية لا تزال متفاعلة حتى الآن.

وقبلها، قررت الجزائر في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2021 عدم تمديد اتفاق لتصدير الغاز إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي كان يمر بالمغرب، مما أوقف تقريباً كل إمدادات المغرب من الغاز، مع تدهور العلاقات بين الرباط والجزائر، علماً بأن الغاز الجزائري، وعبر الخط، كان يزود أسواق المغرب وإسبانيا والبرتغال.

الجزائر حذرت مدريد من إعادة تصدير إمداداتها من الغاز إلى المغرب، وهددت بفسخ عقد نقل الغاز إليها إذا صدرته "إلى وجهة ثالثة"

وفي فبراير الماضي، أعلنت إسبانيا أنها ستعيد تصدير الغاز إلى المغرب عبر الخط الذي لم تعد تغذيه الجزائر باتجاه إسبانيا عبر الأراضي المغربية منذ نهاية شهر أكتوبر.

وخرجت وزيرة الطاقة الإسبانية، تيريزا ريبيرا، بالفعل لتعلن عن وجود خطط لإعادة تصدير الغاز إلى المغرب والتزود عكسياً عبر نفس الأنبوب الذي يمتد من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب.

لكن الجزائر خرجت في شهر إبريل/ نيسان الماضي، محذّرةً مدريد من إعادة تصدير إمداداتها من الغاز إلى المغرب. بل وهددت بفسخ عقد نقل الغاز الى إسبانيا إذا قامت مدريد بنقل الغاز الجزائري "إلى وجهة ثالثة" لا يتضمنها العقد المبرم في إشارة إلى المغرب.

كما علقت الجزائر مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري معاهدة صداقة مع إسبانيا منذ 20 عاماً، وأعلنت مؤسسة مصرفية رسمية في الجزائر فرض قيود على المعاملات التجارية مع مدريد.

ومع هذا التوتر لن تفقد إسبانيا الإمدادات الثابتة من الغاز الجزائري فحسب، بل خسرت أيضًا إمكانية أن تصبح مركزًا لبقية دول أوروبا في استيراد هذا الغاز سهل الشحن ورخيص السعر والقريب من سواحلها.

في ظل هذه المعطيات والأزمات السياسية المتلاحقة، يبقى السؤال: ما هو مصدر الغاز الذي بدأت إسبانيا تصديره إلى المغرب بدءاً من اليوم الأربعاء، وهل صحيح أنه غاز جزائري كما تردد؟

ولِم لم تكشف إسبانيا عن مصدر الغاز، ومن أين يتم استيراده، هل من الولايات المتحدة ودول أفريقية مثلاً، أم من دولة الاحتلال عبر طرف ثالث؟

المساهمون