عمال مصانع صينية في صربيا: "وكأننا داخل سجن"

عمال مصانع صينية في صربيا: "وكأننا داخل سجن"

20 نوفمبر 2021
حركة احتجاجية نادرة تشهدها الشركات الصينية في صربيا (فرانس برس)
+ الخط -

عندما غادر دونغ نغويين بلده فيتنام متوجها إلى صربيا، كان يظن أنه ذاهب للعمل في شركة ألمانية، لكن صودر جواز سفره لدى وصوله إلى موقع بناء مصنع صيني واجه فيه ظروفا معيشية مؤلمة.

تصدّر الوضع في موقع البناء عناوين الصحف هذا الأسبوع في صربيا الواقعة في منطقة البلقان، فقد أضرب مئات العمال الفيتناميين ومعهم دونغ نغويين جوين (37 عامًا) في حركة احتجاجية نادرا ما تشهدها الشركات الصينية في صربيا.

في السنوات الأخيرة، وظفت بكين استثمارات بالمليارات في البلقان، حيث ازداد نفوذها بشكل كبير، واختارت صربيا التي تلعب منذ فترة طويلة لعبة توازن بين الشرق والغرب، بلا تردد الاستفادة من "طرق الحرير الجديدة" الصينية.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

لكن المنظمات غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان تتهم بلغراد بتجاهل الأوضاع في الشركات الصينية.

ويعمل العمال الفيتناميون على بناء مصنع إطارات لشركة "لينغلونغ" الصينية، وهو مشروع يشكل رمزا لاستثمارات بكين في صربيا، في زرينيانين بشمال البلاد.

وقال دينغ نغويين إن ظروف المعيشة والعمل لا تحتمل، خلافا للوعود التي قُطعت عند توظيفه. وأضاف في رسالة بالفيديو من داخل المصنع "نعيش كما لو أننا في سجن"، مشيرا إلى أن "الصينيين أخذوا جميع جوازات سفرنا عندما وصلنا".

وتابع "لا يسعني قول المزيد، أخشى أن تكون لكلماتي عواقب على الآخرين".

بلا تدفئة

يمنع عناصر أمن من القطاع الخاص الصحافيين من دخول الموقع، لكن في مشاهد صورها التلفزيون المحلي "ان1" يظهر موظفون محشورون في مهاجع مؤقتة.
ونشرت المنظمتان الصربيتان غير الحكوميتين "ايه11" و"أسترا" تقريرًا، خلال الأسبوع الحالي، لمطالبة السلطات باتخاذ "إجراءات عاجلة". وقال التقرير إن "عددا كبيرا من الوقائع التي تم التحقق منها تتجه إلى إمكانية أن يكون العمال ضحايا اتجار بالبشر".
هذا الإضراب هو الثالث خلال ستة أشهر في الموقع، حيث كان دافع الإضرابين السابقين عدم دفع الأجور ونقص الطعام
وأضافت المنظمتان أن العمال الفيتناميين محرومون من التدفئة والكهرباء والمياه الساخنة.
قال دانيلو كورسيك، المحامي المتخصص في حقوق الإنسان، لقناة "ان1"، إن "الظروف بعيدة جدا عن متطلبات إيواء بشر. ليس من المبالغة القول إن بعض الناس لا يفرضون مثل هذه الظروف حتى على الحيوانات".
وذكرت منظمة "ايه11" أن هذا الإضراب هو الثالث خلال ستة أشهر في الموقع، حيث كان دافع الإضرابين السابقين عدم دفع الأجور ونقص الطعام.
وقالت النائبة فيولا فون كرامون، لوكالة فرانس برس "من غير المقبول أن تتساهل دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي مع ذلك على أراضيها، وتلزم الصمت بشأن حالات عمل قسري محتملة في أوروبا".
وأوضحت شركة "لينغلونغ" أنها على اتصال بالسلطات، مؤكدة أنها لم توظف الفيتناميين بشكل مباشر، بل وظفهم متعهد يعمل بعقد من الباطن.
 

صداقة حديدية

أكد بيان أن "التزام لينغلونغ الوحيد تجاه مقاوليها من الباطن هو دفع تعويض لهم عن العمل المنجز".
وقالت وزارة الخارجية الفيتنامية إنها لم تتلق أي معلومات عن "أعمال عنف أو مضايقات" لكنها أكدت أنها تراقب الوضع عن كثب.
ويتوجه المهاجرون الفيتناميون منذ فترة طويلة إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل.
وفي 2019 عثر على جثث 39 فيتناميًا في بريطانيا في شاحنة مبردة، مما كشف قنوات هجرة غير شرعية تزدهر على آمال العائلات الفقيرة.
ونفت السلطات الصربية الاتهامات بارتكاب انتهاكات.
وألمحت رئيسة الوزراء آنا برنابيتش إلى أنها مؤامرة لاستهداف الاستثمارات الصينية في صربيا، مع التأكيد على أنه سيتم نقل الفيتناميين إلى أماكن أخرى.
وخلال بضع سنوات، عزز الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش العلاقات مع بكين بشكل كبير، مؤكدا أن "صداقة من حديد" تربط بين البلدين.
وكانت صربيا واحدة من أوائل الدول التي تلقت لقاحات صينية مضادة لكوفيد-19. وقام الرئيس الصربي بتقبيل العلم الصيني في بداية تفشي الوباء في 2020 بعد تلقيه معدات طبية من بكين.
وقال فوسيتش بعد الإضراب إن الاستثمارات الصينية لا تزال تمثل أولوية. وصرح الجمعة "ماذا تريدون، تدمير استثمار قدره 900 مليون دولار؟". وأضاف "إذا احتاج الفيتناميون إلى مساعدة فسنساعدهم. لكننا لن نطرد المستثمرين".
(فرانس برس)
 
 
 

المساهمون