عقارات المكاتب اللندنية تواجه تحديات كورونا والانفصال

عقارات المكاتب اللندنية تواجه تحديات كورونا والانفصال

03 يناير 2021
كورونا تحول حي المال اللندني إلى مدينة أشباح
+ الخط -

تواجه المباني التجارية والمكاتب في حي المال البريطاني أكبر اختبار في تاريخها القريب بعد انفصال بريطانيا وخروجها من عضوية الاتحاد الأوروبي، إذ إن بريطانيا تدخل في المنطقة "الرمادية" بعد الانفصال وتفشي السلالة الجديدة من جائحة كورونا. ويراقب المستثمرون في قطاع العقارات وأصحاب البنايات الضخمة كيفية تأقلم حي المال البريطاني مع الواقع الجديد لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، قبل المغامرة بوضع استثمارات جديدة في إنشاءات المكاتب. وحتى نهاية العام الماضي 2020، سيطر عدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات البريطانية مع دول الاتحاد الأوروبي بعد الفترة الانتقالية واحتمال خروج بريطانيا دون ترتيبات في قطاع الإنشاءات. ولكن بعد توقيع الاتفاقية التجارية البريطانية، يراقب المستثمرون في قطاع المكاتب كيفية بناء بريطانيا الفضاء التجاري الجديد وكيفية تطور تجارة المصارف الاستثمارية وبورصة لندن مع البورصات الأوروبية والمشتقات المالية. وهذه العوامل ستكون حاسمة في تطور قطاع الإنشاءات في حي المال البريطاني وكذلك تطور الإيجارات والعائد المتحقق من الاستثمار. وتضاف إلى هذه التحديات مخاطر تفشي السلالة الجديدة لجائحة كورونا بسرعة، وأن تصبح خارج السيطرة، وسط عدم يقين حول ما إذا كانت اللقاحات الجديدة ستتمكن من محاصرتها أو القضاء عليها. كل هذه التحديات تلقي بظلالها على قطاع البنايات المكتبية والتجارية في لندن خلال الأعوام المقبلة.

وحسب تقارير عقارية، شهد حي المال البريطاني ارتفاع معدل المساحات المكتبية غير المشغولة في العام الماضي 2020 بنسبة ضئيلة لا تتجاوز واحداً في المائة. ووفق صحيفة "فايننشال تايمز"، ارتفع معدل مساحات المكاتب غير المشغولة من 5.5% في العام 2019 إلى 6.5% في العام الماضي 2020، أو ما يعادل 9 ملايين قدم مربعة. ولكن هذا الانخفاض الضئيل في نسبة الإشغال حدث بسبب حجز الشركات للمكاتب ترقباً لتراجع موجة كورونا وعودة الموظفين إليها. كما تراجعت كذلك أسعار الإيجارات المكتبية بنسبة ضئيلة خلال العام الماضي. يذكر أن المساعدات التي قدمتها الحكومة البريطانية لشركات حي المال خلال العام الماضي ساهمت في خفض نسبة الإشغال المكتبي. 
و

لكن خبراء يتوقعون حدوث تراجع كبير في أسعار إيجارات المكاتب خلال العام الجاري، بسبب الارتفاع المتوقع في المساحات المكتبية الفائضة عن حاجة السوق، والتي تقدرها "فايننشال تايمز" بنحو 15.5 مليون قدم مربعة بين العام الجاري 2020 والعام 2024. 
وفي الشأن ذاته، لاحظت شركة "جي جي أل"، العقارية اللندنية، أن العقارات المكتبية شهدت تنفيذ العديد من الصفقات في العام الماضي 2020. وتشير بيانات الشركة التي نشرتها في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى أن حجم الصفقات التي تم تنفيذها في منطقة حي المال ومنطقة "ويست أند"، بلغت 7.9 مليارات جنيه إسترليني بين يناير/ كانون الثاني الماضي وبداية ديسمبر/ كانون الأول من العام 2020، من بينها صفقات قيمتها 3.9 مليارات جنيه إسترليني تم تنفيذها في حي المال و4 مليارات جنيه إسترليني في منطقة "ويست أند" القريبة من حي المال البريطاني. ولكن حجم هذه الصفقات يقل كثيراً عن صفقات بنايات المكاتب التي وقعت في العام الماضي والبالغة 12.6 مليار جنيه إسترليني، حسب بيانات شركة "جي جي أل". من بين الصفقات التي وقعت بحي المال صفقة بيع بناية "لاند سيك" القريبة من البنك المركزي البريطاني، (بنك إنكلترا)، التي تستضيف بورصة لندن، وصفقة بناية "55 أولد برود ستريت" في حي المال التي بيعت بمبلغ 87 مليون جنيه إسترليني لشركة من سنغافورة. 
على صعيد الإنشاءات المكتبية، أكملت شركة أكسا البريطانية أطول ناطحة سحاب في لندن، وهي ناطحة سحاب "22 بيشوب غيت" في لندن التي ستنضم إلى بناية تشارد في تشكيل أفق لندن الجديد بعد الانفصال. وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت للبناية، التي توقف العمل فيها بعد استفتاء بريكست في العام 2016، إلا أن شركة أكسا تعتقد أنها ستنال حظها من الإيجارات خلال السنوات المقبلة. في هذا الشأن يقول رئيس قسم الانشاءات بشركة أكسا، هاري بادهام، إنه لا يتوقع إنشاء بنايات مكتبية جديدة بحي المال خلال العامين المقبلين. ويترقب العديد من المستثمرين في قطاع الإنشاءات المكتبية تطور حي المال البريطاني بعد الانفصال، ومدى قدرته على جذب المصارف والشركات المالية بعد خسارته لـ"جواز المرور التجاري" مع أوروبا وتقليص بعض المصارف عدد موظفيها في لندن.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وتشير شركة "إيرنست آند آند يونغ" إلى أن بريطانيا خسرت أصولاً مالية تقدر بنحو 1.2 ترليون جنيه إسترليني منذ استفتاء بريكست 2016. وتشير تقارير إلى أن هنالك رهانات استثمارية من قبل أثرياء في أميركا في العقارات البريطانية على أمل حصد عوائد ضخمة في المستقبل. في هذا الصدد يخطط الملياردير الأميركي تيلور ماكوليمز لإنشاء بناية في حي بريكستون جنوبي لندن. وحصلت البناية على موافقة مجلس حي "لامبث" حيث تقع بريكستون. وسيكون المبنى مؤلفاً من 20 طابقاً. ويتوقع خبراء عقارات أن تتمكن مدينة لندن من جذب مستثمرين كبار من الولايات المتحدة، في حال توقيعها لشراكة استثمارية ضخمة تشمل الخدمات المالية وترفع من التنسيق بين بورصتي لندن ووول ستريت.

المساهمون