رئيس الحكومة الجزائرية يقدّم اعتذاره لـ"كل ربّ عائلة لم يجد سلعاً"

رئيس الحكومة الجزائرية يقدّم اعتذاره لـ"كل ربّ عائلة لم يجد سلعاً"

06 أكتوبر 2022
الحكومة الجزائرية في موقف صعب بسبب اختفاء العديد من السلع (مواقع التواصل)
+ الخط -

قدّم رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمن، الخميس، اعتذاره للشعب الجزائري من تحت قبة البرلمان، بسبب أزمة ندرة السلع المسجلة في الأيام الأخيرة في بلاده، وتعهد بإنهاء أزمة نقص بعض الأدوية.  

وقدم رئيس الحكومة اعتذاراته إلى العائلات الجزائرية بسبب ندرة بعض المواد الاستهلاكية، كالزيت والحليب.

وقال بن عبد الرحمن، في جلسة نقاش في البرلمان لبيان السياسة العامة (حصيلة الحكومة): "أعتذر من كل رب بيت وعائلة وجدوا صعوبة في وجود بعض المواد واسعة الاستهلاك، ونعدهم بأن الدولة ستضرب بيد من حديد ضد المهربين، وكل من يريد أن يدفع الدولة للعودة إلى الاستيراد الوحشي لاستنزاف الخزينة العمومية".

وطمأن بن عبد الرحمن الجزائريين إلى "توفر كافة المواد، مع وجود مخزون استراتيجي من كل السلع"، وتعهد باتخاذ الحكومة التدابير المناسبة لتوفير السلع ومحاربة المضاربة والاحتكار.

 وهذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها رئيس حكومة جزائرية اعتذارا علنيا للشعب، في مشهد غير مألوف في الساحة السياسية في البلد. وبدا رئيس الحكومة متأثرا عند تقديمه الاعتذار، حيث توقف لبرهة عن الحديث.

وتعاني الجزائر في الفترة الأخيرة من أزمة حليب وزيت، حيث يضطر الجزائريون إلى الوقوف في طوابير للحصول عليهما، وتتهم الحكومة المضاربين بافتعال الأزمة، وكانت أصدرت قانونا جديدا يشدد العقوبات على جرائم المضاربة تصل إلى السجن خمس سنوات.

واليوم الخميس، طلبت نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد، وسط العاصمة الجزائرية، من نيابات الجمهورية المحلية إحالة مجموع القضايا المتعلقة بالمضاربة في السلع والرفع غير المبرر للأسعار، لمعالجتها على مستوى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة غير الوطنية، بصفتها "وقائع ذات خطورة ارتكبت خلال نفس الفترة الزمنية بمناطق مختلفة عبر الوطن، ووجود قرائن قوية على طابعها التخريبي والماس بالاقتصاد الوطني، وكذا الظروف التي ارتكبت فيها تلك الأفعال من جماعات إجرامية منظمة عابرة للحدود".

وأكدت الهيئة القضائية، في بيان لها، أنها سجلت "تنامي ظاهرة المضاربة غير المشروعة في السلع، خاصة بعض المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع والرفع غير المبرر للأسعار، بصورة تمس القدرة الشرائية للمواطن، رغم المجهودات المستمرة التي تقوم بها الدولة لتوفير هذه المواد، وهي أفعال إجرامية تعتبر ضربا للاقتصاد الوطني، وإجراما منظما متعمدا يقتضي التصدي له بسلطان القانون وصرامته".

وشددت الهيئة على أن "النيابة ستقدم التماسات بتسليط عقوبات مشددة ضد كل الأشخاص المتورطين، وفقا للقانون".

وفي السياق نفسه، أقر رئيس الحكومة الجزائرية بوجود بعض المشكلات في قطاع الصحة وندرة الأدوية. وقال: "هناك نقائص في قطاع الصحة ومشكلات في الخدمات الصحية، لكن لن نقول إن الصحة ماتت"، وأكد أنه "تم ضبط خطة لتوفير الأدوية، بشكل منتظم"، خاصة تلك التي تخص بعض الأمراض، مثل السرطان.

الاستدانة من الخارج

وفي موضوع آخر، أعلن بن عبد الرحمن رفض بلاده التوجه نحو الاستدانة الخارجية، أو طبع النقود لتمويل الخزينة العمومية، والمشاريع، وخطط البنية التحتية "تحت أي ظرف"، وأكد حرص الجزائر على الحفاظ على "استقلال قرارها الوطني من أية ضغوط من المؤسسات المالية الأجنبية".

وقال رئيس الحكومة الجزائرية، في ختام مناقشات دامت أربعة أيام في البرلمان لبيان السياسة العامة للحكومة (الحصيلة السنوية)، إن "الجزائر تجاوزت الأزمة الحادة الناجمة عن مخلفات العهد السابق وتداعيات أزمة كورونا، بفعل تدابير وخيارات وطنية".

وتابع: "لم نتوجه إلى طبع النقود مثلما كان في السابق، ولم نتوجه إلى الاستدانة الخارجية مثلما فعلت بعض الدول، حفاظا على استقلال القرار الوطني السيادي"، مشيرا إلى أن الحكومة تمكنت من تنفيذ 42 التزاما من مجموع 54 التزاما كان أعلنها الرئيس عبد المجيد تبون، عند ترشحّه لانتخابات الرئاسة في ديسمبر/ كانون الأول 2019.

وكان تبون قد تعهد منذ توليه السلطة نهاية عام 2019 بعدم اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، مهما كانت الظروف، منعا لوضع البلاد تحت ضغوط المؤسسات الأجنبية والمانحين الدوليين، واعتبر أن اعتماد الجزائر على إمكاناتها الذاتية يجعلها أكثر استقلالية في مواقفها.

وتوجه بن عبد الرحمن إلى النواب بقوله: "انتقدونا وقوّمونا، لكن لا تنسوا المخلفات التي ورثناها من العهد السابق، الجميع يتقاسم إحساس الفرص الضائعة التي أهدرها البعض على الوطن، ويتقاسم أيضا أهداف الجزائر الجديدة التي كنا نحلم بها، وجاء بها برنامج الرئيس عبد المجيد تبون".

وكشف رئيس الحكومة عن ضبط الدولة لـ"الاستيراد الوحشي" الذي كان يستنزف الخزينة العمومية، وتسبب في فساد مالي كبير في العهد السابق، فـ"في عام 2014، بلغت قيمة السلع الموردة 64 مليار دولار لم نكن بحاجة لها، عبر تضخيم فواتير لتهريب العملة"، مشيرا إلى أن "بعض القرارات المتعلقة بوقف الاستيراد قد لا تعجب البعض في الداخل، وأغلبهم في الخارج".

وأكد المسؤول الجزائري أن الحكومة بصدد الانتهاء من استراتيجية تخصّ ملف تصنيع واستيراد السيارات، لمنع تكرار الجرائم التي وقعت في السابق، مضيفا أن "فاتورة المركبات التي تم توريدها بين عامي 2012 و2014، بلغت بين 6 و7 مليارات دولار لكل عام، وهو مبلغ كان بإمكان الجزائر أن تنشئ به عشرة مصانع.. أعرف دولة أنجزت مصنعا لصناعة السيارات بـ500 مليون دولار"، مشيرا إلى "تلاعب كبير كان يتم على حساب المواطن الجزائري، فكانت تورد السيارة بخمسة آلاف دولار، ويعاد بيعها للمواطن بـ14 ألف دولار، لذلك يجب وضع كافة التدابير الممكنة لمنع العودة إلى السابق".

وتحدث رئيس الحكومة الجزائرية عن مفاوضات متقدمة "ستنتهي قريبا" مع مصنعي ماركات عالمية للسيارات بهدف بناء صناعة سيارات وطنية.

المساهمون