حيرة أميركية أوروبية حول سبيل حظر النفط الروسي بلا نتائج كارثية

حيرة أميركية أوروبية حول سبيل حظر النفط الروسي بلا نتائج كارثية

04 مايو 2022
إدارة بايدن تتوخى الحذر لعدم إيقاع الاقتصاد الأميركي في فخ الركود (فرانس برس)
+ الخط -

لا تدخر واشنطن وحلفاؤها جهدا لتفعيل حظر مشدد على مصادر الطاقة الروسية، لكن الحيرة لا تزال سيدة الموقف حيال سبل درء النتائج الكارثية التي قد تنتج عن إجراء كهذا، الأمر الذي ينعكس انقساما حادا تبعا لمصالح الدول المتضررة والبلدان الأكثر قدرة على التحمل.

جديد اليوم على هذا الصعيد، إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيبحث مع الزعماء الآخرين لدول مجموعة السبع الكبرى هذا الأسبوع إمكان فرض مزيد من العقوبات على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا.

وقال بايدن للصحافيين: "نحن دائما منفتحون على فرض عقوبات إضافية"، وذلك ردا على سؤال بشأن خطط الولايات المتحدة بعد أن اقترح الاتحاد الأوروبي مجموعة من أشد العقوبات صرامة على روسيا اليوم الأربعاء، ومنها فرض حظر على واردات النفط الروسي.

وأضاف بايدن: "سوف أتحدث مع أعضاء مجموعة الدول السبع هذا الأسبوع بشأن ما سنفعله أو ما لا نفعله".

وشملت الإجراءات الجديدة للاتحاد الأوروبي، التي أعلنتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، فرض عقوبات على أكبر بنك في روسيا وحظر قنوات تلفزيونية روسية من موجات الأثير الأوروبية، وكذلك فرض حظر على النفط الخام في غضون ستة أشهر.

بدورها، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إن العقوبات الأميركية ضد روسيا "فعالة جدا" والاقتصاد الروسي من الواضح أنه يسير نحو ركود، مضيفة أن "تحرك الاتحاد الأوروبي لقطع واردات النفط الروسي قد يدفع أسعار الخام للارتفاع.. نحتاج أن نتدبر كيف يمكن إنجاز هذا الأمر".

الصورة
(Getty)

ولفتت يلين إلى أن عوامل أساسية جيدة تدعم قوة الدولار، وبعض الزيادة في قيمة الدولار يرجع إلى ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، مشيرة إلى أن قرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على البنك المركزي الروسي لم يتم اتخاذه بسهولة، والعقوبات لقيت دعما من ائتلاف واسع.

واعتبرت أن الولايات المتحدة لديها القدرة على فرض عقوبات قوية لأن الدولار يستخدم على نطاق واسع كعملة للاحتياطي، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للرد بقوة على التخفيضات المتعمدة في قيم العملات.

وتابعت أن "من المهم أن تنهي أوروبا اعتمادها على روسيا كمصدر لإمدادات الطاقة"، لكنها حذرت من أن "تحرك الاتحاد الأوروبي لقطع واردات النفط الروسي قد يدفع أسعار الخام للارتفاع.. نحتاج أن نتدبر كيف يمكن إنجاز هذا الأمر".

كما قالت إن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيحتاج إلى أن يكون "حاذقا" و"محظوظا أيضا" لقيادة الاقتصاد إلى تفادي ركود بينما يكافح البنك المركزي تضخما عند مستوى مرتفع جدا.

وأبلغت مؤتمرا نظمته صحيفة "وول ستريت جورنال" أن لديها ثقة كبيرة في القوة الحالية للاقتصاد الأميركي، لكن التضخم الذي هو حاليا عند أعلى مستوى في 4 عقود، يمثل مشكلة ودفعه للانخفاض هو الوظيفة الأساسية لمجلس الاحتياطي الاتحادي. وجاءت تعليقاتها قبل ساعات من إعلان متوقع من مجلس الاحتياطي عن رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية.

رفض أوروبي هندي للحظر الشامل على النفط الروسي

وفي إطار المواقف المحذرة من نتائج حظر شامل على النفط الروسي، قال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك الأربعاء، إن فرض حظر أوروبي تدريجي على واردات النفط الروسي قد يؤدي إلى "اضطرابات" في الإمدادات وارتفاع الأسعار، لكنه أيد المشروع بوصفه خطوة ضرورية لمعاقبة موسكو.

وأعلن أمام صحافيين عقب اجتماع حكومي "قلت مرات عدة إنه لا يمكننا أن نضمن في هذا الوضع عدم حصول اضطرابات، خصوصا اضطرابات إقليمية" مضيفا أن برلين تدعم خطوة الكتلة في إطار الرد على غزو أوكرانيا.

وأشار هابيك خصوصا إلى مصفاة "بي سي كاي" في مدينة شفيت في شرق البلاد معتبرا أنها قد تكون الأكثر تأثرا بذلك؛ فهي توفر حوالى 90% من النفط المستهلك في برلين والمنطقة المحيطة بها، بما في ذلك مطار برلين-براندنبورغ الدولي، حسبما نقلت عنه "فرانس برس".

وتعد مجموعة "روسنفت" العملاقة للنفط التابعة للكرملين، مساهما رئيسيا في الموقع، وهو وضع معقد قال هابيك إنه يجب "أن يحلّ سياسيا".

كما رفضت المجر مقترح الاتحاد الأوروبي حول فرض حظر تدريجي للنفط الروسي "بشكله الحالي" معتبرة أن من شأن ذلك أن "يدمر تماما" أمن إمدادات الطاقة لديها.

وقال وزير الخارجية بيتر سيارتو في رسالة بالفيديو على فيسبوك إن المقترح "لا يمكن دعمه بشكله الحالي، وبكل مسؤولية لا يمكننا التصويت لصالحه".

ويقضي اقتراح الاتحاد الأوروبي بحظر الخام الروسي تدريجيا على مدار الأشهر الستة المقبلة والوقود المكرر بحلول نهاية العام الحالي، لكن المجر وسلوفاكيا، وكلاهما تعتمدان بشدة على صادرات النفط الروسية، ستمددان مشترياتهما حتى نهاية العام 2023.

لكن سيارتو شدد على أن هذه الفترة التي تبلغ عاما واحدا ليست كافية. وقال إن "تسليم النفط الروسي الضروري لتشغيل المجر" سيمنع بدءا من نهاية العام المقبل".

والتقى سفراء دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الأربعاء لمراجعة الخطة التي ستحتاج إلى موافقة بالإجماع قبل دخولها حيز التنفيذ.

وأشار سيارتو إلى أن بودابست ستدعم الاقتراح إذ استُثني النفط الخام الذي يسلّم عبر خطوط الأنابيب من الحظر الأوروبي. وأوضح أنها "ليست مسألة نقص إرادة سياسية أو نية أو توقيت، بل ببساطة هي واقع مادي وجغرافي وبنية تحتية".

من جهتها، دافعت الهند اليوم الأربعاء، عن استمرار مشترياتها من النفط الروسي، قائلة إنها جزء من مسعى طويل الأجل لتنويع إمداداتها ومجادلة بأن وقفا مفاجئا للواردات سيرفع الأسعار العالمية ويلحق ضررا بالمستهلكين المحليين.

وتحت إغراء حسومات، اشترى ثالث أكبر مستورد للخام في العالم نفطا من روسيا منذ أن غزت أوكرانيا أكثر من ضعفي ما اشتراه في عام 2021 بكامله في الوقت الذي دفعت عقوبات غربية كثيرين من مستوردي النفط إلى تحاشي التجارة مع موسكو.

أوكرانيا تتهم رافضي حظر النفط الروسي بالتواطؤ في جرائم حرب

في مقابل هذه المواقف الرافضة. قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الأربعاء إن دول الاتحاد الأوروبي التي سترفض مقترح حظر النفط الروسي ستكون "متواطئة" في جرائم حرب.

وأضاف أنه "إذا استمرت أي دولة في أوروبا في معارضة فرض حظر على النفط الروسي، فسيكون هناك سبب وجيه للقول إن هذا البلد متواطئ في الجرائم المرتكبة من روسيا في أراضي أوكرانيا".

وأوضح كوليبا أن روسيا تستخدم عائدات النفط والغاز "لمواصلة تمويل آلتها الحربية". وأضاف أنه إذا عارض أي عضو في الكتلة الحظر "فهذا يعني شيئا واحدا: إنهم بجانب الروس ويتشاركون المسؤولية عن كل ما تفعله روسيا في أوكرانيا".

المساهمون