حرب الغذاء والطاقة: أوروبا تحت ضغط بدائل قمح أوكرانيا والغاز الروسي

حرب الغذاء والطاقة: أوروبا تحت ضغط بدائل قمح أوكرانيا والغاز الروسي

04 ابريل 2022
ارتفاع كبير في تكلفة تصدير القمح الأوكراني بسبب الحرب (بافلو باخومينكو/Getty)
+ الخط -

كلما طال أمد الحرب الروسية على أوكرانيا تفاقمت خسائر مختلف الأطراف لا سيما أوروبا التي باتت في مواجهة حرب غذاء وطاقة عاصفة، خصوصاً بعد توقف تصدير القمح الأوكراني واكتشاف فداحة تكلفة بناء طرق بديلة لاستيراد الطاقة من روسيا.
وفي الوقت الذي تعاني فيه روسيا من أضرار بالغة ترتبت على العقوبات الاقتصادية والمالية الغربية، دفعت أوروبا أثماناً باهظة للحرب التي مر عليها نحو 8 أسابيع، إذ قفزت فواتير استيراد المواد الأولية بشكل متسارع.
ويأتي توقف صادرات أوكرانيا من القمح بشكل شبه كامل إلى أوروبا ليهدّد القارة العجوز بعجز غذائي حاد وارتفاع كبير في تكلفة استيراد الحبوب، لا سيما أنّ البدائل باتت محدودة في ظل ضعف سلاسل توريدات الغذاء العالمية بسبب تواصل الحرب التي بدأت في 24 فبراير/ شباط الماضي وما زالت مستعرة حتى الآن.

توقف صادرات القمح الأوكراني
تواجه سكك حديد أوكرانيا صعوبات كبيرة في ظل تكدس العربات المحملة بالحبوب على الحدود الغربية للبلاد، إذ يبحث التجار عن طرق تصدير بديلة بعد الغزو الروسي الذي أغلق الموانئ الرئيسية المطلة على البحر الأسود، حسب بيان لشركة الاستشارات الزراعية "إيه.بي.كيه-إنفورم" صدر أول من أمس.

وصدّر التجار شحنات من الذرة الأوكرانية إلى أوروبا بالقطار في 27 مارس/ آذار. وكانت أوكرانيا رابع أكبر مصدر رئيسي للحبوب في العالم في موسم 2020/ 2021، وفقاً لبيانات مجلس الحبوب الدولي حيث يتم شحن معظم سلعها عبر البحر الأسود.
وأضافت "إيه بي كيه-انفورم" أنّ تكلفة إيصال الحبوب الأوكرانية إلى ميناء كونستانتا الروماني تتراوح من 120 إلى 150 يورو (133 إلى 166 دولاراً) للطن. وقبل الحرب كان التجار يدفعون حوالي 40 دولاراً لنقل الحبوب إلى موانئ أوكرانيا عبر البحر الأسود.
وأكد محللون أنّ أوكرانيا التي صدرت 43 مليون طن من الحبوب منذ بداية الموسم في يوليو/ تموز وحتى الغزو في أواخر فبراير/ شباط لن تتمكن من تصدير سوى مليون طن تقريباً في الأشهر الثلاثة المقبلة بسبب صعوبات تتعلق بالنقل. وارتفع مؤشر أسعار الحبوب في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) 14.8 بالمائة على أساس سنوي، وقال البنك الدولي إنّ العقود الآجلة للقمح زادت 60 في المائة منذ بدء الصراع.

ثمن الابتعاد عن الطاقة الروسية
ويستمر في أوروبا ارتفاع ثمن محاولات الابتعاد عن الغاز الروسي، إذ يواجه الجدول الزمني الطموح للقارة العجوز من أجل بناء طريق للخروج من الاعتماد على الطاقة الروسية، تأخيرات محتملة وتكاليف إضافية بمليارات الدولارات لأن الحرب في أوكرانيا تجعل مواد الصلب والنحاس والألمنيوم نادرة وأكثر تكلفة، وهي مواد تستخدم في بناء بنية تحتية للطاقة المتجدّدة.

وحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس الأحد، يدفع الاندفاع لاستبدال الوقود الأحفوري الروسي القارة العجوز إلى التركيز على تعزيز تدفقات الغاز الطبيعي المسال على المدى القريب وزيادة التوليد من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
وفي هذا الإطار، تتعهد ألمانيا ببناء محطتين للغاز الطبيعي المسال، وتريد فرنسا استئناف المحادثات مع إسبانيا حول خط أنابيب، وتسعى المملكة المتحدة لمزيد من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والنووية المحلية.
ومع هذه التوجهات للدول الأوربية، تستمر أسعار المواد الضرورية في اتجاه صعودي إذ لامس كلٌّ من الصلب والنحاس والألمنيوم أرقاماً قياسية في الاثني عشر شهراً الماضية. وقفز مؤشر "بلومبيرغ" للسلع الأساسية بنسبة 46% خلال نفس الفترة.
وتهدد الارتفاعات المفاجئة بإبطاء خطط الاتحاد الأوروبي لمضاعفة طاقة الرياح والطاقة الشمسية ثلاث مرات تقريباً هذا العقد، وهو استثمار ضخم قد يتطلب حوالي 52 مليون طن من الفولاذ وحده.

تكلفة باهظة على المستويات كافة
قال الرئيس التنفيذي لشركة "SIF Holding NV" التي تصنع منصات فولاذية لتوربينات الرياح، فريد فان بيرز، إنّ "الوضع الحالي قلب حالة العمل لدينا رأساً على عقب".
وأضاف: "قبل الغزو، كان الغاز الروسي رخيصاً نسبياً، وسهل النقل ومتوفرا بكثرة. هذه العوامل، بالإضافة إلى أن الافتتاح الذي كان متوقعا لخط أنابيب نورد ستريم 2 إلى ألمانيا، ساعدت في إقناع أوروبا بخفض إنتاجها من الوقود الأحفوري والبدء في إغلاق محطات الفحم والمفاعلات النووية للتركيز على مصادر أنظف.

وحسب وكالة الطاقة الدولية، استورد الاتحاد الأوروبي نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز من روسيا العام الماضي، وفي أعقاب الحرب يريد الاتحاد خفض التبعية بمقدار الثلثين هذا العام.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة إنّه يمكن استبدال حوالي 30 مليار متر مكعب بموردين آخرين، مع تعويض الفارق عن طريق مصادر الطاقة المتجددة والنووية والتغيرات في الاستهلاك.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، قد يكون السعر المرتقب للبنية التحتية أعلى بنسبة 20% مما كان عليه قبل بدء الحرب، حسب، المحلل في "بلومبيرغ إنتليجنس" رانت سبوري، الذي قال: "البناء سيكون أكثر تكلفة مما تنوي الحكومات، وقد نشهد تأجيل بعض المشاريع مع استمرار ارتفاع الأسعار".
وتتضمن خطة الانتقال الخاصة بالمفوضية الأوروبية توليد 290 غيغاوات من الرياح و250 غيغاوات من الطاقة الشمسية.

وتبلغ فاتورة الصلب فقط 65 مليار يورو (72 مليار دولار) بأسعار السوق الحالية، وتعد روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدري الألواح الفولاذية المستخدمة في بناء التوربينات وخطوط أنابيب الغاز. ومما يزيد المشكلة تعقيداً قرار الصين إغلاق مركزها لصناعة الصلب في تانغشان مؤقتاً، في محاولة للسيطرة على تفشي فيروس كورونا.

المساهمون