حاكم مصرف لبنان ينكر فساده: ثروتي نمت بسبب استثمارات حكيمة

حاكم مصرف لبنان ينكر فساده: ثروتي نمت بسبب استثمارات حكيمة

17 نوفمبر 2021
خلال تحرك احتجاجي أمام مصرف لبنان (Getty)
+ الخط -

قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم الأربعاء إنه طلب من مكتب مراجعة معروف التدقيق في عمليات واستثمارات كانت مثار "تكهنات إعلامية متوالية". وشرح سلامة في بيان: "سوف يتم تقديم التقرير المعد من مكتب التدقيق إلى السلطات القضائية وأشخاص آخرين عند الاقتضاء".

وهناك تحقيقات بشأن سلامة في ثلاثة بلدان أوروبية، من بينها تحقيق سويسري بدأ في يناير/كانون الثاني بخصوص اتهامات بعمليات كبيرة لغسل الأموال في المصرف المركزي تتضمن مكاسب بقيمة 300 مليون دولار حققتها شركة يملكها شقيق سلامة.

وقال سلامة في بيانه إن التدقيق أوضح أنه "لا يوجد قرش واحد مستعمل من أموال عامة من أجل دفع أتعاب وعمولات" لشركة فوري أسوسيتس المحدودة التي يملكها شقيقه.

وأضاف سلامة في البيان: "مصدر ثروتي هو واضح وموثق"، مضيفا: "لقد كنت مصرفيا ناجحا في شركة ميريل لينش لمدة تقارب 20 عاما". وأشار إلى أن راتبه الشهري كان حوالي مليوني دولار قبل أن يغادر الشركة عام 1993.

وتابع: "إن ثروتي كانت تقدر في عام 1993، أي منذ 28 سنة، بـ 23 مليون دولار إضافة إلى موجودات موروثة"، مشيرا إلى أن ثروته "استُثمرت بشكل حكيم ولقد نمت بشكل كبير".

ويواجه سلامة تدقيقا متزايدا في فترة توليه المنصب الممتدة منذ 28 عاما في أعقاب انهيار النظام المالي والنقدي في لبنان. ويعد التحقيق المالي الجنائي في حسابات البنك المركزي شرطا لحصول لبنان على صفقة إنقاذ هو في حاجة ماسة إليها من صندوق النقد الدولي.

فضائح وخسائر

وآخر الفضائح التي ارتبطت بسلامة تم الكشف عنها أخيراً، وهي طلبه من صندوق النقد الدولي إخفاء معلومات عن العجز في احتياطاته ما أدى إلى التغاضي عن إعلان الأزمة النقدية وصولاً إلى الانهيار الكبير في العام 2019. 

فقد كان مصرف لبنان المركزي يعاني من عجز قدره 4.7 مليارات دولار في احتياطياته بنهاية العام 2015 ولم يسبق الكشف عنه، فيما كان يمثل علامة تحذيرية من الانهيار المالي الذي محا تقريبا مدخرات الكثيرين. ورد هذا الرقم في تقرير بتاريخ إبريل/ نيسان 2016 أعده صندوق النقد الدولي للسلطات المالية اللبنانية.

وجاء في التقرير السري أنه رغم أن إجمالي احتياطيات مصرف لبنان كان مرتفعا، إذ بلغ 36.5 مليار دولار "صافي الاحتياطيات، بعد احتساب مطالبات المصارف التجارية من المصرف المركزي، والذهب كان سالبا 4.7 مليارات دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2015".

ويتولى رياض سلامة منصب حاكم مصرف لبنان المركزي منذ 1993. وفي أواخر العام 2016 بدأ المصرف تنفيذ ما وصفه بعبارة "الهندسة المالية"، وذلك بتمويل العجز المالي المتضخم والحفاظ على أداء البنوك بدفع أسعار فائدة متصاعدة على الدولار.

وظلت خسائر البنك المركزي تتضاعف بمرور الوقت حتى تبددت ثقة المستثمرين وسط احتجاجات شعبية على النخبة الحاكمة في 2019.

وقد دفعت الأزمة بحوالي 74 في المائة من سكان البلاد إلى صفوف الفقراء، وفقا لما قالته الأمم المتحدة. ووصف البنك الدولي الأزمة بأنها "من أسوأ حالات الركود في التاريخ الحديث".

وقال توفيق كسبار، الاقتصادي الذي كان مستشارا لصندوق النقد الدولي ووزير مالية سابقا، في حديث سابق مع "رويترز" إنه لو أتيحت المعلومات الواردة في تقرير 2016 لصندوق النقد، لعامة الناس، لكانت وطأة الأزمة أقل ضررا بكثير على المودعين. وأضاف أنه كان سيتعين تطبيق سياسات من شأنها وقف الخسائر التي وصفها بالنزيف.

ملاحقات دولية

وإضافة إلى استدعائه أمام الجهاز القضائي اللبناني، طلبت النيابة العامة الفدرالية في سويسرا في يناير/كانون الثاني الماضي مساعدة قضائية من السلطات اللبنانية التي أرسلت في فبراير/شباط "النتيجة الأولية" لديها بعد الاستماع لإفادات سلامة وشقيقه ومساعدته.

ويشتبه الطلب، الذي أرسله المدعي العام السويسري إلى لبنان بأن سلامة وبمساعدة شقيقه قاما منذ 2002 "بعمليات اختلاس لأموال قُدرت بأكثر من 300 مليون دولار أميركي على نحو يضرّ بمصرف لبنان".

كذا، انطلقت تحقيقات حول الثروة الكبيرة التي يملكها سلامة في أوروبا، أمام قضاة تحقيق في نيابة مكافحة الفساد في باريس، في مطلع يوليو/تموز، بتهم تبييض أموال في عصابة منظمة وتآمر جنائي.

وكانت هذه الأخيرة تجري تحقيقاً أولياً، منذ نهاية مايو/أيار، بعد شكويين تقدمت بهما جمعيات ضد سلامة وأوساطه.

والمدعيان هما منظمة "شيربا" التي تنشط في مكافحة الجرائم المالية الكبرى و"جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان" التي أنشأها مودعون خسروا أموالهم في الأزمة.

موقف
التحديثات الحية

وتستهدف شكاوى المنظمات أيضاً عدداً من أقرباء سلامة، هم شقيقه وابنه وابن شقيقه بالإضافة إلى مساعدته. وتطالب بالنظر في مسؤوليات الوسطاء والمصارف المشاركة في عملية وضع الترتيبات المالية الدولية المعقدة لهذه الثروة.

أيضاً، باشرت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا (إن.سي.إيه) النظر في تقرير رفعته إليها مجموعة محاماة مقرها لندن يتهم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وشركاء له بغسل الأموال وممارسات فساد.
يكشف التقرير، المؤلف من 76 صفحة ما يقول إنها أصول وشركات وأدوات استثمارية في بريطانيا قيمتها مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية ويزعم أن سلامة وأفرادا من أسرته وأشخاصا مرتبطين به استخدموها على مدى سنوات لتحويل أموال إلى خارج لبنان.

المساهمون