جنوب السودان: نقص حاد في الغذاء وزيادة الجوع

جنوب السودان: نقص حاد في الغذاء وزيادة الجوع

15 ابريل 2022
دولة جنوب السودان تستورد أكثر من 70 سلعة من الخرطوم (Getty)
+ الخط -

حذرت تقارير دولية ومحلية من أن يواجه حوالي 8.3 ملايين مواطن من سكان دولة جنوب السودان، جوعًا شديدًا خلال الأشهر المقبلة مع بلوغ موسم الجفاف في عام 2022 ذروته.
ووفقًا لآخر النتائج المنشورة في تقرير "نظرة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2022"، قد يصبح الغذاء نادرًا وتنفد الإمدادات من جنوب السودان الفترة المقبلة.
ويتعرض للخطر بشكل خاص عشرات الآلاف من سكان جنوب السودان الذين يعانون بالفعل من الجوع الشديد في أعقاب الصدمات المتتالية والمستمرة، وكان آخرها الأزمة الغذائية العالمية التي ترتبت على الحرب الروسية على أوكرانيا.
وتخوف مراقبون من تصاعد أزمات الغذاء خاصة في ظل تحذيرات أممية من تفاقم الأوضاع الغذائية في دولتي السودان رغم غناهما بالموارد، وأشاروا إلى أن جنوب السودان ظل يعتمد بشكل كبير على أكثر من 70 سلعة يستوردها من السودان.

ومع تزايد الأزمات الغذائية في جنوب السودان وتحذير برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة من أن أكثر من 70 في المائة من سكان دولة الجنوب معرضون للجوع، فإن خبراء اقتصاد يرون أن الخطر ربما يصل إلى مراحل متقدمة تصعب معها إيجاد حلول إذا لم تتحرك الحكومتان (السودان وجنوب السودان) في اتجاه البحث عن حلول واقعية ومقنعة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويرى المختص في الشأن السوداني، إبراهيم ياسين لـ"العربي الجديد" أن دولة جنوب السودان ظلت تعتمد على السودان بعد انفصالها في أكثر من 70 سلعة من بينها الغذائية، فإذا حدثت تعقيدات في المشهد الاقتصادي بدولة الجنوب في ظل الأزمات العالمية المتراكمة بالتأكيد سيكون لذلك تداعيات سالبة على شعبي البلدين لأنه حتى الآن لم تصل حكومتا جنوب السودان والسودان إلى استثمار زراعي وصناعي كبير يمكنه أن يسد الفجوة التي قد تنجم هنا وهنالك.
وبحسب ياسين: "إذا حدثت فجوة غذائية كبيرة في دولة الجنوب، فإن ذلك ينعكس على السودان عبر اللجوء من خلال الحدود المفتوحة، وهذا بالتأكيد سيزيد من أعباء السودان المأزوم اقتصاديا أساسا".
وشدد على ضرورة اتخاذ تدابير من الآن في كلا البلدين لمعرفة حجم المخزون من السلع الأساسية وضمان حصاد الحبوب الزراعية والعمل على تخزينها وإيقاف تصدير بعض المنتجات، الذي يؤثر سلبا على معاش الناس وضبط الحدود بصورة جيدة.
أما الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم فيطالب في حديثه لـ"العربي الجديد" جنوب السودان بالاستفادة من الموانئ السودانية والسعي لتوفير احتياجاته من عبر الاستيراد من الخارج من خلال تجارة ترانزيت أو البحث عن آليه أخرى، مضيفاً: "على السودان وجنوب السودان إنشاء لجنة لإدارة الأزمة بحكمة حتى لا يقع السودانيون في مزيد من التعقيدات".
ويقول متخصص في الشأن الجنوبي، جيمس كوال، لـ"العربي الجديد" إن كلتا الدولتين "جنوب السودان والسودان" من الدول الهشة التي لا تتميز بإنتاج الحبوب رغم وفرة الموارد "أراض، مياه"، وبالتالي من الطبيعي أن تتعرض لمثل هذه الحالات "فجوات غذائية"، خاصة وأن العالم الآن ما إن بدأ تدريجيا في الخروج من أزمة كوفيد- 19، لحقت به أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا وهذا يقلل من واردات الحبوب إلى هاتين الدولتين اللتين باتتا تعتمدان في الآونة الاخيرة بصورة كلية على الاستيراد رغم وجود بدائل.
وأضاف: هذا الأمر أصبح مقلقا وربما يؤدى إلى حدوث مجاعة في بعض دول القارة الأفريقية ومنها جنوب السودان، ويؤدي إلى مزيد من الهجرات ربما تؤثر سلبا على دول أوروبية وعربية.

وتابع: المطلوب تفعيل الموارد المحلية في جنوب السودان لأجل المواطن لأن الحروب دائما ما تستنزف المخزون الغذائي في أي منطقة.
وقال إن المساهمة في التخفيف من أزمة الجوع في جنوب السودان بطريقة متكاملة ومستدامة تمثل تحديًا كبيرًا، ورغم سوء الحال في السودان إلا أنه يعتبر أخف وطأة في المعالجة.
وحسب بيانات رسمية، فإن جنوب السودان تمتلك مساحات كبيرة من الأراضي الخصبة وأيضًا مناطق شاسعة للاستزراع السمكي يمكنها تغطية كل احتياجات السكان وتحقيق فائض للتصدير.
وتتميز أراضي جنوب السودان بالتنوع، إذ تشكل المراعي 40% والأراضي الزراعية 30% والغابات الطبيعية 23% والسطوح المائية 7% من مجموع مساحة الدولة.
إضافة إلى ذلك، لا يتجاوز عدد سكان جنوب السودان حاجز العشرة ملايين نسمة، ما يعني غياب ظاهرة الكثافة السكانية الأمر الذي يفسح المجال للاستفادة من مساحات شاسعة من البلاد المترامية الأطراف لقطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، حسب مراقبين.
ولدى جنوب السودان حدود مشتركة مع عدد من البلدان تمتد لنحو 2200 كيلومتر مع السودان و990 كيلومترا مع جمهورية أفريقيا الوسطى و439 كيلومترا مع الكونغو الديمقراطية.
وقد أدى تأثير أزمة المناخ والنزاع المستمر إلى نزوح واسع النطاق، وخسائر في سبل كسب العيش، وتدمير الأراضي الصالحة للزراعة والمحاصيل، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية مما يهدد بقاء المجتمعات التي تعيش في بعض المناطق الأكثر عزلة في ولايات جونقلي والبحيرات والوحدة وواراب.