تونس تكابد تداعيات الإغلاق: مخاوف معيشية وأزمة تمويل

تونس تكابد تداعيات الإغلاق: مخاوف معيشية وأزمة تمويل

28 يوليو 2021
الإغلاقات تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تتواصل حالة الخوف لدى عموم التونسيين من تأثير الانقلاب والأزمة السياسية في وضعهم المعيشي وقدرة الدولة على تأمين أجورهم والخدمات الأساسية في المدة المقبلة.

ويأتي ذلك في وقت يطالب فيه خبراء اقتصاد الرئيس قيس سعيّد بالكشف عن خريطة طريق واضحة للخروج بالبلاد من أزمتها المالية في أقرب وقت لضمان عدم انزلاق البلاد في الإفلاس أو التخلف عن سداد ديونها الخارجية.

وتتسارع الأحداث السياسية في تونس عقب الإجراءات الانقلابية التي أعلن عنها سعيّد في ظرف مالي صعب تواجه فيه البلاد شحّ التمويلات وتراجع الاستثمار وتعطّل صناعة السياحة، فضلاً عن التداعيات المرتقبة لقرارات تمديد ساعات حظر التجول والحجر الشامل على العاملين في القطاعات التجارية والخدماتية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويعيش اقتصاد تونس في الفترة الأخيرة أزمة غير مسبوقة، مع تسجيل انكماش في النمو خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 3 في المائة وارتفاع البطالة إلى 17.3 في المائة، وانهيار عائدات السياحة نتيجة الأزمة الوبائية، وتفاقم المديونية التي بلغت نحو 35 مليار دولار.

مخاوف معيشية
رغم تجاوز الساعات الأولى الصعبة في البلاد وتواصل الحركة التجارية والخدماتية وتموين السلع بشكل عادي عقب إعلان 25 يوليو/ تموز، يسيطر القلق على التونسيين بسبب مخاوف من عدم قدرة الدولة على تأمين الأجور في الأشهر المقبلة وتواصل تداعيات الجائحة الصحية وقرار تمديد ساعات الحجر الصحي الشامل وحظر التجول.

يقول محزر الزديني، وهو صاحب متجر صغير في العاصمة تونس، إنّ الحجر الصحي أصبح قاتلاً لكلّ القطاعات التجارية والخدماتية، مرجحاً أن يجبر أصحاب المحلات على تسريح عمالهم.

وأضاف الزديني في حديثه لـ"العربي الجديد": "نحن في موسم الحر ونحتاج إلى تمديد ساعات العمل لا إلى مزيد من التضييق"، مشيراً إلى أنّ كلّ العوامل الدافعة للإفلاس التقت على التجار، لا سيما ضعف القدرة على الإنفاق، وجيوب التونسيين الفارغة، ومحدودية ساعات العمل.

ويطالب بمراجعة قرارات الحجر ومنع تنقل العربات والأشخاص وإفساح المجال أمام التجار للعمل لساعات متأخرة من أجل تنشيط الحركة التجارية في البلاد والحفاظ على أكبر قدر ممكن من مصادر الرزق ووقف نزيف تسريح العمال.
والاثنين، أصدر سعيّد أمراً رئاسياً يقضي بحظر تجول الأشخاص والعربات بكامل البلاد من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة السادسة صباحاً لمدة شهر.
ضغوط التمويل
وبسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها البلاد، تحتاج تونس إلى تمويلات عاجلة لضمان سداد أجور أغسطس/ آب المقبل وقسط دين بقيمة 500 مليون دولار يحلّ أجله في الأسبوع الأول من الشهر المقبل.
وفي هذا السياق، شككت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" في تقرير لها، أول من أمس، في قدرة الرئيس التونسي على استخدام سلطته لاتخاذ تدابير صعبة لمعالجة ضغوط التمويل على غرار خفض فاتورة أجور القطاع العام بسبب لا شعبية مثل هذه القرارات وإمكانية تأليب الرأي العام ضده.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وقالت وكالة "فيتش" إنّ قرار الرئيس التونسي تعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء قد يضيف مزيداً من التأخير لبرنامج صندوق النقد الدولي الذي من شأنه أن يخفف من ضغوط التمويل الكبيرة في البلاد.

واعتبرت وكالة التصنيف في تقرير أصدرته أنّ تونس ستحتاج إلى الحصول على مبالغ كبيرة من تمويل الدائنين الرسميين قبل نهاية العام من أجل وقف التدهور في مركز السيولة الخارجية لديها.
أما اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية المنظمة الممثلة لقطاع الأعمال الخاص، فشدد في بيان له، أول من أمس، على أهمية أن تكفل كلّ الخطوات التي ستتخذ في الفترة المقبلة سيادة القانون وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والفردية لكلّ التونسيين بعيداً عن منطق تصفية الحسابات أو الانتقام أو التشفي.
خريطة إنقاذ
يعتبر خبير الاقتصاد، رضا شكندالي، أنّ التعجيل بوضع خريطة طريق اقتصادية واضحة المعالم يبعث برسائل طمأنة للداخل والخارج، مشدّداً على ضرورة إشراك المنظمات الفاعلة في البلاد من أجل ضمان تطبيقها والذهاب بها إلى صندوق النقد الدولي للحصول على التمويلات اللازمة.

يقول الشكندالي في تصريح لـ"العربي الجديد": "الوضع الخانق للمالية العمومية يستوجب حلولاً سريعة لإقناع صندوق النقد الدولي بتوقيع اتفاق مع تونس"، مؤكداً أنّ الاتفاق مع الدوائر المالية العالمية يتطلب حواراً اقتصادياً وطنياً تكون مخرجاته ملزمة لكلّ الأطراف.

يعتبر خبير الاقتصاد، رضا شكندالي، أنّ التعجيل بوضع خريطة طريق اقتصادية واضحة المعالم يبعث برسائل طمأنة للداخل والخارج

يتحدث الخبير الاقتصادي عن الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد العام التونسي للشغل في توفير الأرضية لصياغة خريطة طريق اقتصادية.

ويرى الشكندالي أنّ خريطة إنقاذ اقتصادي من دون قرارات تمس من الوضع المعيشي للتونسيين ممكنة، شرط الالتزام بتطبيقها.

ويكشف أنّ تنقية مناخ الاستثمار بمكافحة الفساد ستكون له أيضاً انعكاسات جيدة على وضع تونس في خريطة الاستثمار العالمي، مرجحاً أن تحظى تونس بدعم أميركي لدى صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على التمويلات.

المساهمون