تونس: تقييد شراء المعجنات لمواجهة شح الإمدادات بسبب أزمة أوكرانيا

تونس: تقييد شراء المعجنات لمواجهة شح الإمدادات بسبب الأزمة الأوكرانية

01 مارس 2022
خباز تونسي يحمل كيساً من الدقيق، أول من أمس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت المتاجر الكبرى في تقييد شراء المعجنات والدقيق المعلّب، بهدف التحكم في مخزوناتها، وتواصل استمرارية العرض، بينما يتصاعد نقص التموين في المواد الأساسية من الأسواق التونسية.

وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد من أزمة شح إمدادات القمح والدقيق وتلقي بتداعياتها السلبية على هذا القطاع. وتطالب المساحات التجارية الكبرى (المجمعات التجارية) عملاءها بالاكتفاء باقتناء كيسين فقط من المعجنات (المعكرونة والكسكي والدقيق)، فيما تغيب عن الرفوف أكياس السكر والأرز المدعم، مقابل توفير بدائل من الأرز الأميركي الذي يصل سعره إلى 16 دينارا للكيلوغرام الواحد، مقابل 1.8 دينار لسعر الأرز المدعم (الدولار = نحو 2.9 دينار).
وتضع المساحات الكبرى على رفوف المعجنات علامات تقييد الشراء لواحد من أهم المنتجات الغذائية التي يقبل عليها التونسيون، ما يزيد من قلق المواطنين بشأن قدرة الحكومة على تأمين غذائهم في الأشهر القادمة، لا سيما في شهر رمضان الذي يرتفع فيه استهلاك بعض الأصناف بأكثر من 30 بالمائة، على غرار البيض والخبز غير المدعم والزيت النباتي.
ويفسر مسؤول المبيعات بإحدى المساحات التجارية الكبرى، أنور الطليبي، تقييد الشراء بمساهمة الفضاءات التجارية في استراتيجية حوكمة المبيعات والتصدي للمضاربة والاحتكار التي قد تتسبب في نقص في معروض المعجنات.

وأقر الطليبي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بوجود نقص في التزود من الدقيق والزيت، فضلا عن اختفاء السكر والأرز، مؤكدا على وجود شبكات مضاربة تعمل على تجفيف السوق من أجل تهريب المعجنات أو خلق أزمة تموين.
وقال: "هناك مخاوف من استمرار نقص التموين مع اقتراب شهر رمضان"، مرجّحا أن يستمر الوضع على ما هو عليه في الأسابيع القادمة، عبر تقييد الشراء خوفا من استفحال المضاربة والاحتكار.

والعجائن لا تغيب عن موائد التونسيين، وهي الغذاء الرئيسي لكل الطبقات الاجتماعية، ولا سيما الأسر ذات الدخل الضعيف والمتوسط. وفي محلات البيع بالتجزئة وبقالات الأحياء، لا يقيّد التجار المبيعات، لكنهم يشتكون من نقص في التزويد من قبل تجار الجملة.

ويقول صاحب بقالة في حي شعبي، الناجي عطواني، إن تاجر الجملة خفض مستويات التزويد من عجائن المكرونة، فيما يواجه صعوبة في توفير الدقيق والأرز والسكر والزيت الذي اختفى تماما من مسالك التوزيع، بحسب حديثه لـ"العربي الجديد".

ويحتل التونسيون المرتبة الثانية عالميا في استهلاك "عجائن المكرونة" بمختلف أصنافها، بمعدل 17 كلغ للفرد الواحد سنويا، ويزيد اللجوء إليها كلما تفاقمت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية بسبب غلاء البروتينات والخضار وأصناف أخرى من الغذاء لا تتمتع بالدعم الحكومي.

ويفسر احتلال التونسيين مرتبة عالمية متقدمة في استهلاك العجين بالعلاقة التاريخية التي تجمعهم بأحد أبرز مكونات الغذاء في الثقافة الغذائية للتونسي، إذ هم غالبا ما يربطون بين العمل والخبز بالقول "نخدم على الخبزة".

ووفق معطيات نشرها اتحاد جمعيات مصنعي المكرونة الغذائية في الاتحاد الأوروبي، تخص تقييم عام 2015، فإن التونسيين يعدون الشعب العربي الوحيد العاشق لهذه المواد الغذائية بهذا الشكل الكبير، مبتعدين بشكل كبير عن الليبيين الذين يأتون في المركز الثاني عربيا بكيلوغرامين للفرد، وبعدهم يأتي المصريون بـ1.2 كيلوغرام للفرد الواحد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ولكن مهتمين بالشأن الاقتصادي يؤكدون أن تقييد مبيعات الغذاء المصنوع من الحبوب مردّه ضعف المخزون، ومخاوف الحكومة من فقدان القدرة على توفير التموين اللازم للأسواق، بينما تقول وزيرة التجارة فضلية الرابحي، إن كميات القمح اللين والصلب المتوفرة لدى ديوان الحبوب تغطي حاجيات البلاد إلى غاية شهر مايو/أيار المقبل.

وأكدت الرابحي عمل الوزارة على استراتيجية تهدف إلى ترشيد استهلاك المواد الأساسية والتركيز على القمح الذي تمثل نفقات دعمه 80 بالمائة من جملة نفقات دعم المواد الأساسية لسنة 2022.

وأفادت بأن نسق توريد الحبوب شهد ارتفاعا بلغ 20 بالمائة خلال سنة 2021، حيث تورد تونس 80 بالمائة من حاجياتها من القمح اللين وما بين 20 و30 بالمائة من حاجيات القمح الصلب. ويعاني ديوان الحبوب المملوك للدولة مشكلات مالية حادة، مثل أغلب الشركات العامة في البلاد.

لكن العاملين في قطاع الحبوب وشركات المطاحن يبدون قلقا كبيرا من تراجع إمدادات القمح، مؤكدين أن المخزون لدى ديوان الحبوب ضعيف، وأن بواخر القمح الموردة قد تغيّر وجهتها نحو البلدان التي ستدفع أكثر ولها القدرة المالية على سداد التجار وفق السوق العالمية التي تعيش على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.

وأفاد مصدر مسؤول في الغرفة التونسية للمطاحن، فضل عدم الكشف عن اسمه، بأن حوكمة جديدة في مخزون الحبوب قد تفرض نفسها بسبب نقص الإمدادات، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن المهنيين يعملون على توفير حاجيات السوق وتجنّب أي نقص في الإمدادات.

واعتبر أن حوكمة التوزيع والمبيعات تقلص المضاربة وتعيد تنظيم السوق إلى حين نضج المحصول الجديد في شهر يونيو/حزيران القادم.

المساهمون