تقليص الدعم يخيف التونسيين: موجة غلاء جديدة

تقليص الدعم يخيف التونسيين: موجة غلاء جديدة

10 ديسمبر 2020
ارتفاع أسعار السلع يرهق معيشة المواطنين (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت التعديلات الحكومية على مشروع قانون موازنة 2021 في تونس مخاوف من ذهاب الحكومة نحو الزيادة في أسعار المواد الأساسية بعد تقليص نفقات الدعم بنحو 300 مليون دينار (الدولار = نحو 2.8 دينار)، بهدف خفض الإنفاق العام والحاجة إلى القروض.
والإثنين الماضي، قدمت حكومة هشام المشيشي، تعديلات للأحكام العامة لمشروع الموازنة الذي يناقشه البرلمان بعد رفض لجنة التخطيط والمالية لـ11 فصلا تتعلق بالإنفاق والاقتراض.
وقدمت الحكومة تعديلات جديدة تضمنت خفضا في عجز الموازنة والاقتراض ونفقات الدعم، بعد أن كانت قد خصصت ضمن المشروع الأول نحو 4.1 مليارات دينار لدعم الغذاء والكهرباء والمحروقات والنقل.
ويخشى مهتمون بالشأن الاقتصادي أن تبحث الحكومة خلال العام الجديد عن تعويض لنفقات الدعم في جيوب المواطنين ببرمجة زيادات في أسعار المواد الأساسية والمحروقات، وهو ما قد يسبب ضغطا إضافيا على الطبقات الوسطى والضعيفة التي تضررت من موجات الغلاء المتعاقبة وتقلّص الدور الاجتماعي للدولة في السنوات الأخيرة.

كذلك شملت التعديلات تخفيضا في نفقات الميزانية بـ813 مليون دينار متأتّية أساسا من التّسريع في تفعيل برنامج إصلاح الدّعم ممّا سيمكّن من توفير 300 مليون دينار، والتّقليص في جملة فوائد الدّين العمومي تمّ احتسابه نتيجة لخصائص تمويل حاجيّات الميزانية التعديلية لسنة 2020، بالإضافة إلى مراجعة مخصّصات النّفقات الطارئة غير الموزّعة لسنة 2021، وذلك دون المساس بجملة نفقات الاستثمار المحدّدة في النّسخة الأصلية للمشروع.

وبحسب النسخة الأولى من مشروع الموازنة، تنوي الحكومة تقليص 6.1 في المائة من نفقات الدعم في ميزانية 2021 مقارنة بموازنة 2020.
ويستأثر دعم الغذاء والمواد الأساسية بالجزء الأكبر من النفقات في حدود 2.4 مليار دينار، إلى جانب 401 مليون دينار لدعم الكهرباء والمحروقات و600 مليون دينار لدعم النقل.
ورجّح الخبير المالي ووزير التجارة السابق، محسن حسن، أن تذهب الحكومة إلى خيار تقشفي وحوكمة التصرف في نفقات الدعم لتقليص المصاريف، مستبعدا الزيادة في أسعار المواد الأساسية لا سيما منها الخبز والمعجنات بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة في البلاد.
وقال وزير التجارة السابق في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تملك بعض مساحات التحرك لتقليص مخصصات الدعم دون المساس بأسعار المواد الغذائية الأساسية التي لها تأثير مباشر على حياة المواطنين، لكنه أكد أن الحكومة قد تزيد في أسعار المحروقات أو الكهرباء أو النقل من أجل تحقيق التوازنات. 
وفي نفس الاتجاه، أكد وزير النقل واللوجيستيك التونسي، معز شقشوق، أن الوزارة تنوي إجراء تعديلات في أسعار النقل بداية من 2021.
وأعلنت وزارة التجارة وتنمية الصادرات عن البدء بتنفيذ خطة حكومية لإصلاح منظومة الدعم وتوجيهها نحو مستحقيها الفعليين، بعد الكشف عن انتفاع رؤوس أموال وشركات تجارية بالمواد الاستهلاكية المدعمة؛ خصوصاً السكر والدقيق والزيت.

وقال وزير التجارة وتنمية الصادرات، محمد بوسعيد، لدى مناقشته ميزانية الوزارة مع نواب البرلمان التونسي، إن وزارة التجارة انطلقت في تنفيذ عدد من الإجراءات، من أجل توجيه الدعم إلى مستحقيه، ومنها ما يهم ترشيد دعم المواد الغذائية، على غرار تنظيم مادة الخبز.
وأقر بوسعيد بأن ملف منظومة الدعم كله يتجاوز صلاحيات وزارة التجارة، واعتبره عملاً مشتركاً يتدخل فيه العديد من الوزارات، مثل وزارة المالية. 
وتنوي الحكومة عبر برامج حوكمة الدعم رقمنة مسالك توزيع المواد الأساسية التي تتمتع بدعم حكومي، على أن تشمل المرحلة الأولى من استراتيجية الحوكمة مواد مثل السكر والدقيق وزيت الطعام.

ويعيش التونسيون تحت ضغط النفقات المعيشية المرتفعة وتراجع قدراتهم على الإنفاق مقابل زيادات متواترة في الأسعار وتدهور الخدمات العامة من نقل وصحة وتعليم، ما تسبب في احتجاجات اجتماعية بأغلب محافظات البلاد.
وحذّر الاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة الأكثر تمثيلا في تونس) من تداعيات الأزمة المعيشية التي يتخبط فيها التونسيون، معلنا عن مبادرة شاملة لحلحلة الوضع في البلاد. 
ودعا الاتحاد في مبادرة رفعها إلى الرئيس قيس سعيد، إلى فتح حوار وطني مؤسّس لمنوال تنموي بديل دامج ومستدام يكرّس العدالة الاجتماعية والجبائيّة والتّوزيع العادل للثّروات عبر تقييم واقع الاقتصاد الوطني وتحديد الفرص والمخاطر وتدقيق المالية العمومية، والوقوف نهائيّا على حقيقة الوضع، إلى جانب تنويع سبل تعبئة الموارد المالية واعتماد آليّات ذات بعد اجتماعي وبيئي وتثمين الاقتصاد الاجتماعي التضامني والإسراع بإصدار النصوص الترتيبية والإجراءات العملية الخاصّة به.
وتنوي الحكومة وفق أحكام الموازنة المعدلة النزول بنسبة عجز الموازنة العام القادم إلى 6.6 في المائة من الناتج الوطني الخام، عوضا عن 7.3 في المائة في النّسخة الأولى.

ويقدر مشروع قانون موازنة العام الجديد بـ19 مليار دولار، بزيادة 1.8 في المائة مقارنة بالنتائج المعدّلة لموازنة 2020.

المساهمون