ترقب نتائج اجتماعات "أوبك+" وسط توقعات بارتفاع النفط إلى 70 دولاراً

ترقّب نتائج اجتماعات "أوبك+" اليوم وسط توقعات بارتفاع النفط إلى 70 دولاراً

04 مارس 2021
كورونا يحرم الوزراء من السفر ومبنى منظمة أوبك في فيينا فارغ
+ الخط -

وسط توقعات متفائلة لمسار السوق النفطية وارتفاع أسعار النفط فوق 70 دولاراً خلال الشهور المقبلة، تبدأ منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" والدول المتحالفة معها بقيادة روسيا، اليوم الخميس، اجتماعاً مهماً، عبر "الفيديو كونفرنس"، لتقييم السوق النفطي وتحديد الكمية الجديدة التي من المتوقع أن تضيفها الدول المنتجة لسقف الإنتاج. ويأتي هذا الاجتماع في وقت شهدت فيه أسعار النفط تحسناً كبيرًا أكسبها ارتفاعاً بنحو 75% منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي و26% منذ بداية العام الجاري، وفقاً لبيانات نشرة "أويل برايس" الأميركية. وحلّقت عقود خام برنت لشهر إبريل/نيسان، في نهاية فبراير/شباط الماضي، لأول مرة فوق 66 دولاراً. ويتوقع محللون أن تكون لنتائج اجتماع "أوبك+" تداعيات رئيسية على مسار السوق النفطي خلال العام الجاري، خاصة في حال لجوء المنظمة إلى إقرار زيادة متواضعة في سقف الإنتاج الحالي وتقيّد الأعضاء بالحصص المقررة.

وتراوحت التوقعات المتفائلة لأسعار النفط التي نشرتها مصارف استثمارية رئيسية، خلال الأسبوع الماضي، بين 70 و75 دولاراً، بينما رجحت بعضها ارتفاع الأسعار إلى مائة دولار للبرميل في العام المقبل. في هذا الشأن، راجع مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، توقعاته لأسعار النفط خلال الأسبوع الماضي، إذ رفعها إلى 75 دولارا للبرميل في الربع الثالث من العام الجاري. وفي ذات الصدد، توقّع كل من مصرف "بنك أوف أميركا" ومصرف "مورغان ستانلي" أن ترتفع الأسعار إلى 70 دولاراً في الربع الثالث. ولم يستبعد مصرف "بنك أوف أميركا" أن تواصل أسعار النفط مسارها الصعودي لتصل إلى 100 دولار لخام برنت في العام المقبل.
ويرى محللون أن السؤال الجوهري الذي يواجه التحالف النفطي "أوبك+"، خلال هذا الاجتماع، هو عما إذا كانت أسعار النفط ارتفعت بمعدلات كافية تجعل السوق النفطية تتحمل زيادة كبيرة في سقف الإنتاج من دون حدوث تراجع ملحوظ في الأسعار. في هذا الصدد، وصف الاقتصادي في مجموعة "تشاينيز بانكنغ غروب" المصرفية، هاوي لي، اجتماع اليوم، بأنه "مهم لسوق النفط" ولكن ذكر أن من غير الواضح حتى الآن كم ستضيف أوبك+ إلى سقف الإنتاج. وأضاف أنه لا يعتقد أن السعودية ستعيد كامل كمية الخفض النفطي الطوعي البالغ مليون برميل يومياً التي أقرتها في اجتماع المنظمة الأخير إلى السوق في إبريل/نيسان المقبل. وتشير توقعات خبراء النفط إلى أن الاجتماع سيقر زيادة تتراوح بين 500 و750 ألف برميل يومياً لسقف الإنتاج الحالي، ولكن من المرجح أن توافق المنظمة في النهاية على زيادة متواضعة تقدّر بنحو 500 ألف برميل. ويرجح مصرف "بنك أوف أميركا" في مذكرة للعملاء، أن تقر المنظمة، في اجتماعها اليوم، رفع الإنتاج بمستويات بنحو 500 ألف برميل يومياً، وهو ما يعتبره محللو السوق النفطية زيادة معقولة بالنسبة لظروف السوق الحالية، ويعتقدون أنها ستحافظ على الأسعار المرتفعة، وربما صعود خام برنت إلى 70 دولاراً في الربع الثالث.
ويتوقع محللون أن تتركز مناقشات "أوبك+"، اليوم الخميس، حول قضيتين رئيسيتين وهما: ما إذا كان الأعضاء سيوافقون على زيادة الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يومياً ابتداء من أول إبريل/نيسان المقبل، أم سيطالبون بزيادة أكبر. والقضية الثانية هي الكيفية التي ستعيد بها السعودية الخفض الطوعي البالغ مليون برميل يومياً للسوق. ومن المتوقع أن تلجأ السعودية إلى ضخ الخفض الطوعي بالتدريج وعلى دفعات في السوق، حتى لا تؤثر على المسار التصاعدي للأسعار. وهنالك تباين في وجهات النظر بين السعودية وروسيا حول مستويات الأسعار، إذ يرتكز المنظور السعودي على تحديد مستويات المعروض النفطي بما يحقق سعرا مرتفعا للنفط، بينما يرتكز المنظور الروسي على زيادة المعروض النفطي بغض النظر عن مستويات الأسعار. وعادة ما تبني موسكو ميزانيتها على مستويات متدنية جداً لأسعار النفط، إذ أنها تضع في اعتبارها الضغط على شركات النفط الصخري عبر الأسعار المنخفضة. وفي الغالب تقود أسعار النفط المرتفعة إلى زيادة الإنتاج الأميركي الذي بات أكبر مهددات انتعاش الأسعار في السنوات الأخيرة.

على صعيد الطلب العالمي على النفط، هنالك ثلاثة مؤشرات إيجابية تدعم ارتفاع أسعار النفط بين 70 و75 دولاراً للبرميل خلال العام، وهي مؤشرات تراجع إنتاج النفط الصخري، والانحسار التدريجي في موجة جائحة كورونا، والتوقعات بعودة النمو للاقتصادات الرئيسية المستهلكة للخامات النفطية. في هذا الشأن، تشير البيانات الطبية الصادرة من جامعة جون هوبكنز الأميركية، إلى أن عدد الاصابات بفيروس كورونا بدأ يتراجع في أميركا وآسيا، وهو ما يعني أن الاقتصادات العالمية ستبدأ عودة تدريجية إلى طبيعتها خلال العام الجاري. كما أن الطلب على الوقود بدأ يرتفع في العديد من الدول الكبرى المستهلكة للخامات. وأعلنت وزارة النفط الهندية أن الطلب على الوقود في الهند سيرتفع بمستويات قياسية خلال الـ12 شهراً المقبلة حتى عام 2022. وتشير بيانات شركة "آي أتش ماركتس" الأميركية للأبحاث إلى تراجع إنتاج الخامات الصخرية في أميركا بنحو 4 ملايين برميل، خلال شهر فبراير/شباط الماضي. وفي تصريحات متفائلة، قال الأمين العام لمنظمة "أوبك"، محمد باركيندو، يوم الثلاثاء: "لقد تجاوزنا الأيام التي كان فيها النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط في المنطقة الحمراء بسبب جائحة كورونا".
وتتوقع المنظمة في منظورها السنوي لمستويات الطلب العالمي على الخامات الصادر في منتصف فبراير/شباط الماضي أن يرتفع الطلب العالمي على الخامات النفطية بنحو 5.8 ملايين برميل يومياً خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي 2020. وتنتظر الدول الخليجية والعربية المنتجة للنفط بشدة ارتفاع أسعار النفط، بعد الأضرار الضخمة التي تعرضت لها من انهيار الأسعار في العام الماضي.
ولكن على الرغم من هذا التفاؤل، يشدد محللو "أوبك+" على ضرورة الانضباط وعدم ضخ كميات جديدة كبيرة من النفط في السوق، إذ أن التخمة النفطية لم تنته بعد. كما أن معهد البترول الأميركي أشار إلى أن المخزونات الأميركية ارتفعت بنحو 7.4 ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 26 فبراير/شباط الماضي، وهو رقم يفوق توقعات المحللين الذين وضعوا لها ارتفاعاً بنحو 928 ألف برميل. يضاف إلى ذلك أن المصارف وشركات الوساطة النفطية التي تضارب على النفط لا تزال تحتفظ بمخزونات في مستودعاتها والحاويات الضخمة المستأجرة العائمة في البحار وتنتظر ارتفاع الأسعار. كما يحذّر محللون من التجاوزات في الإنتاج التي عادة ما تفسد النتائج المتوقعة من خفض الإنتاج.

يُذكر أن أسعار النفط تعرضت لموجة تراجعات حادة، يوم الثلاثاء، بعد انتشار شائعات تفيد بأن منظمة "أوبك" تتجه لزيادة كبيرة في المعروض، ولكنها عادت لتعويض جزء من خسائرها في تعاملات أمس الأربعاء. وكسبت عقود شهر مايو/أيار، وهو الخام القياسي لخامات الخليج والمنطقة العربية، نحو 91 سنتاً في تعاملات الظهيرة ليرتفع إلى 63.61 دولاراً، كما كسب خام غرب تكساس الخام الأميركي الوسيط في عقود إبريل/نيسان 92 سنتاً، ليرتفع إلى 60.67 دولارا، وذلك وفقاً للبيانات التي نشرتها وكالة بلومبيرغ، ظهر أمس الأربعاء.

المساهمون