اليمن: أزمة الوقود تتفاقم وتعصف بالقطاعات الخدمية

اليمن: أزمة الوقود تتفاقم وتعصف بالقطاعات الخدمية

05 أكتوبر 2020
المحطات تعاني من نقص حاد في الوقود (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

تستمر أزمة الوقود التي تضرب العديد من المدن اليمنية، خصوصاً المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في التفاقم، في ظل انسداد أفق الحلول بين الأطراف المتصارعة، واشتداد الخلاف السياسي حول واردات الوقود إلى ميناء الحديدة، بعد تراجعها بشكل كبير منذ يونيو/حزيران الماضي.

وتنحدر الأزمة المتفاقمة إلى مستويات باتت معها عديد من القطاعات الخدمية مثل الكهرباء ومحطات معالجة المياه وخدمات الاتصالات وخطوط الإمداد الغذائي في وضع حرج يهددها بالتوقف، في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية متدهورة.
في السياق، قالت مصادر حكومية، رفضت ذكر اسمها، إن حل ملف واردات الوقود مرهون بتجاوب الحوثيين مع الحلول المقترحة من قبل اللجنة الاقتصادية الحكومية ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، في إطار تنفيذ الملحق الاقتصادي في اتفاق استوكهولهم الذي يلزم الحوثيين بتقديم وثائق تعكس الحجم الحقيقي للإيرادات والجبايات المحصلة من واردات الوقود المستوردة عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم.
وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن هناك مبالغة في تضخيم أزمة واردات الوقود وحجم ومستويات أضرارها، لأن هناك كميات مناسبة تدفقت إلى مناطق سيطرة الحوثيين، إضافة إلى أن هناك مخزونا كافيا لنحو شهرين متوفرا من قبل الأزمة الأخيرة في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، التي لجأ تجار محسوبون عليها طبقاً لهذه المصادر إلى انتهاج سياسة التهريب لتوفير الوقود.

برنامج الأغذية العالمي يخالف التقديرات الحكومية للأزمة، إذ يؤكد البرنامج التابع للأمم المتحدة أن الخلاف السياسي حول واردات الوقود إلى الحديدة أدى إلى نقص حاد في الوقود، وقد أثر ذلك على توصيل المواد الغذائية وكذلك الدعم الإنساني للمستشفيات، فيما إغلاق مطار صنعاء حالياً أدى إلى تقطع السبل بعمال الإغاثة داخل اليمن وخارجه.
وكان المدير التنفيذي لشركة النفط اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عمار الأضرعي، قد أكد، خلال وقفة احتجاجية لموظفي الشركة أمام مكتب الأمم المتحدة في صنعاء، مؤخرا، أن الأزمة متواصلة ومتفاقمة جراء استمرار احتجاز السفن المحملة بالوقود المتجهة إلى ميناء الحديدة.
وشدد على أن منع دخول السفن النفطية وتفاقم أزمة نقص الوقود ضاعفا من معاناة 26 مليون يمني، بعد الدفع بمواد بترولية غير مطابقة للمواصفات والمقاييس إلى البلد عبر المنافذ.
ويعيش اليمن على وقع أزمة وقود خانقة منذ منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي، في سيناريو مكرر للأزمات التي تشهدها البلاد منذ بداية الحرب قبل ما يزيد على خمس سنوات في المشتقات النفطية، والتي انعكست على شكل صدمات قوية أثرت بشدة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وألقت الأزمة بظلالها على حياة المواطنين ومختلف القطاعات التي أصيبت بشلل شبه كامل بسبب نقص الوقود. فيما لا تزال أسعار المشتقات النفطية تحقق مكاسب تصاعدية، بحيث بلغت ضعف مستوياتها بالمقارنة مع ما قبل الحرب، واستمرارها يزيد من التداعيات التي سوف تنعكس سلباً على الحياة والأنشطة المعيشية.
وطبقاً لمسؤول في شركة النفط بصنعاء، لـ"العربي الجديد"، فقد تسبب انخفاض الوقود في توقف ما يقرب من 2200 محطة وقود عن العمل نتيجة لنفاد مخازنها من المواد البترولية، وهي تشكل ما نسبته 70 بالمائة من المحطات العاملة في صنعاء ومناطق أخرى شمال اليمن، إضافة إلى توقف نحو 3500 ناقلة عن العمل بسبب استمرار احتجاز سفن المشتقات النفطية ومنع دخولها إلى ميناء الحديدة رغم حصولها على تصاريح دخول.

وأشار المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إلى استمرار احتجاز نحو 15 سفينة محملة بالوقود في عرض البحر كانت في طريقها إلى ميناء الحديدة وتحمل على متنها حوالي 400 ألف طن من مادتي البنزين والديزل.
وفي الوقت الذي تغرق محافظات جنوبية في الظلام لمعظم ساعات اليوم نتيجة نفاد الوقود الخاص بمحطات تشغيل الكهرباء، أفاد مواطنون وملاك مركبات وسيارات في صنعاء ومحافظات في شمال اليمن، صعوبة الحصول على الوقود الذي يتطلب الوقوف في طوابير تستمر لأيام أمام محطات تعبئة محدودة للغاية.
وقال سمير الغنام، وهو سائق شاحنة تجارية إن هذا الوضع يدفعهم إلى الاعتماد على السوق السوداء لتوفير البنزين بأسعار مضاعفة، مقارنة بالأسعار في محطات الوقود الرسمية.
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنهم أصبحوا مجبرين على تخفيض تعاقدات العمل التي ينتهجونها في نقل البضائع والسلع بين المحافظات اليمنية لمحدودية الوقود الذي بإمكانهم توفيره، مقارنة بالمسافات الطويلة عبر خطوط وعرة التي يقطعونها.
ونشّطت الأزمة الأخيرة في المشتقات النفطية وانخفاض المعروض المتوفر منها في بعض المناطق اليمنية، خصوصاً الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عمليات التهريب للوقود التي تنتهج مسارات متعددة تتركز معظمها في مناطق التماس للأطراف المتصارعة مثل الضالع وتعز جنوب غرب اليمن، إضافة إلى محافظة الجوف شمال شرق اليمن بعد استيلاء الحوثيين مؤخراً على عاصمتها ومساحة واسعة من المحافظة مترامية الأطراف والمحاذية للسعودية.
بدوره، يتطرق المواطن رمزي الزريقي، سائق باص نقل في صنعاء إلى نقطة مهمة في هذا السياق، إذ أن كثيرا من المركبات، خصوصاً باصات النقل داخل المدن، إلى تغيير ماكينة عمل مركباتهم من البنزين والديزل إلى الغاز المنزلي المخصص للطهو، لانخفاض سعره مقارنة بالبنزين الذي يباع في السوق السوداء، إضافة، حسب حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى تفادي الوقود المهرب والمغشوش الذي دفعت الأزمة المتفاقمة إلى انتشاره بشكل كبير.

المساهمون