النظام السوري نحو بيع شركات حكومية لتمويل الموازنة

النظام السوري نحو بيع شركات حكومية لتمويل الموازنة

12 أكتوبر 2022
مخاوف من تسريح عمال الشركات التي يجري التخطيط لخصخصتها (فرانس برس)
+ الخط -

كشف مصدر مسؤول في دمشق، أن حكومة النظام السوري تبحث طرح شركات عامة للبيع بذريعة تكبد هذه الشركات خسائر، بينما الهدف الحقيقي هو الحصول على موارد مالية لأن خزينة الدولة خالية تماما، حسب وصفه.

وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن بعض الأطراف الحكومية تطرح فكرة الخصخصة الكاملة وأخرى تميل إلى التشاركية، لكن من المرجح طرح الشركات للبيع، خاصة في القطاع الصناعي الذي سيجري البدء به "قريباً"، لأن التشاركية لم تلق إقبالاً بعد طرح العام الماضي 38 منشأة للقطاع الخاص ليساهم في إدارتها ومشاركة الدولة في ملكيتها.

وكان وزير الإعلام في حكومة النظام السوري، بطرس الحلاق، قد أعلن في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، حل الشركة السورية لتوزيع المطبوعات التي تأسست عام 2009، بذريعة توقفها عن العمل، ما اضطر الحكومة لطرح طوابقها للتأجير لتؤمن موارد لتسديد أجور العاملين، بعد وقف التوزيع خارج سورية وتوقف الصحف السورية عن الطباعة الورقية.

البحث عن تمويل لنظام الأسد

ويقول الخبير الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح لـ"العربي الجديد"، إن حل شركة توزيع المطبوعات "هو أول اعتراف رسمي بحل شركة حكومية وسنرى، من خلال العذر نفسه، بدء طرح الشركات الحكومية الخاسرة أو التي انتفى مبرر وجودها للبيع، لكن الهدف هو البحث عن تمويل لنظام الأسد".

ويرى المصبح أن "نظام بشار الأسد يمهد للخصخصة منذ سنوات"، مشيرا إلى إصدار القانون رقم 5 لعام 2016 وقت طرحت الحكومة السورية 38 منشأة صناعية للاستثمار، لكن تلك الخطوة لم تلق إقبالاً من رأس المال المحلي أو الدول التي يصفها النظام بالصديقة.

ويضيف: "أعتقد أن موعد الطرح للبيع بات الحل الوحيد أمام النظام"، معربا عن تخوفه من بيع شركات رائدة ومتفردة، مثل شركة إنتاج الدواء تاميكو، لأن خروج الدولة من إنتاج بعض السلع، سيقلل من المنافسة ويزيد من تفرد القطاع الخاص بالسوق وتحديد الأسعار، وذلك سينعكس بشكل سلبي على السوريين، خاصة في ظل تراجع مستوى المعيشة وبلوغ نسبة الفقر 90% من السكان.

ويشير إلى أن المعضلة تكمن في أمرين، الأول من سيشتري الشركات وهل سيحافظ على طبيعتها الإنتاجية بآلات متطورة، أم ستتحول إلى قواعد ووجود لحلفاء الأسد في طهران أو موسكو؟ والأمر الآخر في كيفية استخدام عائدات بيع ممتلكات السوريين التي سيموّل منها النظام بقاءه وحربه، فتضيع الأصول ويجري تسريح العمال ويخرج الإنتاج الحكومي عن السوق.

في المقابل يكشف المدير العام السابق لمؤسسة النسيج السورية الحكومية، سمير رمان، أن حكومة بشار الأسد شكلت لجنة متخصصة لدراسة واقع الشركات الصناعية وطرح الخاسر منها للتشاركية والبيع، موضحا لـ"العربي الجديد" أن عدد الشركات الصناعية المدرجة على قائمة الخصخصة تضم 50 شركة، منها ست شركات تتبع المؤسسة الهندسية و8 شركات لمؤسسة الصناعات الكيميائية و7 شركات تتبع لمؤسسة الصناعات الغذائية.

أراض شاسعة وسط المدن الكبرى

وحول من يمكن أن يشتري شركات خاسرة بواقع ركود السوق وتراجع القدرة الشرائية واستمرار الحرب، يقول رمان: لننظر إلى الشركات على أنها أراض شاسعة وسط المدن الكبرى أو على أطرافها، فهي فرص استثمارية مهمة ورخيصة وعلى الأرجح أن تتحول إلى استثمارات عقارية "البيع مطروح حتى للدول الحليفة للنظام والتوقعات بإقبال إيراني على الشراء".

لكن الأمر الذي لم تناقشه حكومة الأسد برأي المدير العام رمان، هو مصير العمالة في تلك الشركات، فرغم أن أجورهم لا تصل إلى 100 ألف ليرة شهرياً، إلا أنها تسد ولو بعض النفقات. وتساءل: "ماذا يمكن أن يحدث فيما لو جرى تسريحهم ودفع التعويضات بالليرة السورية التي هوت إلى نحو 4775 ليرة مقابل الدولار، ولم يعد تعويض نهاية الخدمة أو الراتب التقاعدي يساوي شيئاً بواقع التضخم وغلاء الأسعار؟".

المساهمون