المقاطعة تتجدد في تونس: جهود لكبح تأثير الإعلانات خلال رمضان

المقاطعة تتجدد في تونس: جهود لكبح تأثير الإعلانات خلال رمضان

09 مارس 2024
ارتفاع الإقبال على الشراء (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

تتوالى الاختبارات الصعبة في تونس لصلابة مقاطعة الشركات والعلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي مع اقتراب شهر رمضان وبدء العلامات التجارية المشمولة بالمقاطعة في حملات إعلانية كبرى وتخفيض الأسعار لجذب الزبائن، يأتي ذلك في ظل استمرار الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، بالتزامن مع نجاح المقاطعة في التأثير على عدد من الشركات الداعمة.

وشهر رمضان من أكثر أشهر السنة استهلاكاً لدى التونسيين، مع الإفراط في المشتريات الغذائية والمشروبات، وتزايد الإقبال على بعض السلع بنسبة تصل إلى 100 بالمائة أحياناً، ما يجعله تحدياً جدياً أمام حركة المقاطعة.

ويقابل الناشطون في مجال المقاطعة زيادة الإعلانات بحملات ميدانية مكثفة تستهدف كل المرافق التجارية والعلامات الداعمة للكيان المحتل لتجنّب انهيار الجهود المبذولة في التأثير على سلوك التونسيين، من خلال زيادة الوعي بأهمية مقاطعة المنتجات والمساحات التجارية التي أظهرت ولاء للاحتلال.

يقول الناشط في حملات المقاطعة وائل نوار إن شهر رمضان سيكون التحديّ الأهم منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تاريخ انطلاق عمليات طوفان الأقصى، وذلك بعدما مرت حملة المقاطعة باختبار أول خلال موسم التنزيلات الشتوي. ويرى نوار أن الاستهلاك في شهر رمضان يختلف عن موسم التنزيلات أو غيره من المواسم الأخرى، حيث تصعد فاتورة اقتناء المواد الغذائية بأكثر من النصف، يليها ارتفاع في فاتورة شراء مستلزمات العيد خلال النصف الثاني من شهر الصيام.

قلق على حدة المقاطعة

ولا يخفي نوار في تصريح لـ"العربي الجديد" مخاوفه من تراجع حدة المقاطعة في ظل لجوء المساحات التجارية والعلامات المدرجة على القائمة السوداء إلى الإعلان المكثف للتأثير على سلوك التونسيين، مؤكدا أنه لوحظ خلال هذه الفترة ضخ المعلنون أموالاً طائلة لتسويق منتجاتهم في وسائل الإعلام وأيضا وسائل التواصل الاجتماعي.

ويستأثر شهر رمضان وفق بيانات إحصائية للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بـ40 في المائة من الاستثمارات الإعلانية، ما يعرّض المستهلك خلال النصف الأول من الشهر إلى معدل ساعتين و20 دقيقة يوميًا من الإعلان. أما على مستوى توزيع حصص البث حسب القطاعات، فتغطي الإعلانات حوالي 170 خدمة ومنتجا وتستحوذ 3 قطاعات للخدمات على 74 في المائة من زمن البث منها 45 في المائة لقطاع الإنترنت والاتصالات.

وبالإضافة إلى الإعلان المكثف يقول نوار إن المساحات التجارية الكبرى تستعمل المواد التموينية المفقودة في السوق لاستقطاب الزبائن، حيث يضطر التونسيون للإقبال على هذه المساحات مع إعلان جلب كميات من السكر أو الدقيق. ووفق دراسة لمعهد الاستهلاك الحكومي يشتري التونسيون 45 في المائة من المواد الطازجة من المساحات التجارية الكبرى خلال شهر رمضان.

في المقابل يشير المتحدث إلى أن الناشطين سيلجأون إلى كل الأسلحة الممكنة من أجل صد إمكانية انهيار المقاطعة في رمضان، عبر تحويل شهر الصيام إلى مسار إيجابي في التأثير على المستهلكين.

ويتابع: "سنستعمل الوازع الديني والأخلاقي في رمضان للتأثير على المستهلكين الذين يقبلون على المساحات التجارية الداعمة أو يستهلكون مشروبات وأغذية يذهب جزء من أرباحها لتمويل العدو المحتل الذي يقتل الفلسطينيين في غزة بأموال تخرج من جيوب مستهلكين عرب".

مساع لاستقطاب الناشطين

وفي غياب أرقام محلية عن خسائر الشركات المستهدفة بالمقاطعة، يقول نوار إن الناشطين يقيمون نجاح الحملات من عدمه بالملاحظات الميدانية وأيضا حجم ارتباك هذه الشركات التي تلجأ تارة للوساطات لاستقطاب الزبائن وطورا إلى مقاضاة الناشطين في المحاكم.

وخلال الأشهر الماضية، بادرت علامات على غرار "كارفور" و"دليس دانون" بإظهار دعمها للقضية الفلسطينية عبر بيانات أصدرتها على مواقعها الرسمية، أو عن طريق التبرعات المالية، حيث تستمر في تونس منذ 4 أشهر الدعوات إلى مقاطعة سلع ومحلات العلامات التي تصطف إلى جانب الكيان المحتل.

ويستغل العديد من المؤسسات التونسية علامات الامتياز التجاري لشركات دولية تنحاز لإسرائيل في حربها على غزة، ما يجعلها في مرمى المقاطعة رغم تأكيد إداراتها أنها أُنشئت برأسمال تونسي وتتمتع بالاستقلالية التامة في مواقفها وسياساتها التجارية والاتصالية.

وكانت دراسة للمعهد الوطني للاستهلاك صدرت عام 2021 أكدت ارتفاع استهلاك المواد الغذائية في شهر رمضان بمعدلات متفاوتة، بلغت بالنسبة للمشروبات الغازية 155 في المائة.

وبهدف حماية مسار المقاطعة يجدد الناشطون في المقاطعة بشكل دوري تحركاتهم الميدانية في المساحات التجارية الكبرى لتحفيز المواطنين على التمسك بمواقفهم الرافضة للعلامات المدرجة ضمن قائمتهم السوداء. ويعتبر نوار، أن التحركات الميدانية أمام المحلات وتوعية المستهلكين تساعد في الحفاظ على تقيم المسار وتدارك نقاط الضعف، مؤكدا أن النساء هن الأكثر تقيدا بهذه التدابير وهو أمر جيد، بحسب قوله.

المساهمون