المغرب: مساع لمحاصرة "الكاش" المتمدد

المغرب: مساع لمحاصرة "الكاش" المتمدد

09 مارس 2021
محاولات لتشجيع المغاربة على استخدام وسائل الدفع الإلكترونية (Getty)
+ الخط -

أفضى التطور الكبير الذي عرفه التعامل بـ"الكاش" في المغرب، العام الماضي، إلى السعي لإقناع المغاربة باستعمال وسائل الدفع الإلكترونية في العديد من المجالات من أجل دعم الودائع لدى المصارف.
وتتجه فيدرالية مهن التوزيع والسلع واسعة الاستهلاك بمعية مؤسسة مركز النقديات، نحو إبرام اتفاقية بهدف تسريع رقمنة عمليات السداد لفائدة أعضاء الفيدرالية من الموزعين والتجار وعملائهم، بهدف تفادي العمل بالكاش (الدفع النقدي).
وأطلق المغرب من أجل محاصرة المعاملات بواسطة الكاش، وسيلة جديدة للدفع متمثلة في المحفظة الإلكترونية، التي تهدف إلى تمكين الأشخاص من تنفيذ العديد من العمليات بشكل إلكتروني، منها تحويل الأموال من شخص إلى آخر والدفع للتجار أو سحب أو إيداع الأموال.
وكان محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري قد عبر أخيراً عن انشغاله بظاهرة تداول الكاش، حيث بعث بخطاب إلى وزير الاقتصاد والمالية محمد بن شعبون حول ذلك الموضوع، حيث أبدت الوزارة التزامها بالانخراط في التوجه الرامي إلى تشجيع نظم الدفع الإلكتروني، خاصة في ما يتعلق بمعاملات التجار.
ويراد من تشجيع الدفع الإلكتروني، محاصرة الأموال التي تتداول خارج النظام المصرفي، التي قفزت إلى نحو 31 مليار دولار في العام الماضي، حيث سجل ذلك زيادة تجاوزت المستويات المسجلة في الأعوام السابقة، وهو مستوى يكشف عن أن الطريق ما زال طويلا من أجل إشاعة الاستعاضة عن الكاش بالوسائل الإلكترونية.
وزادت الأموال المتداولة خارج النظام المصرفي بحوالي 5 مليارات دولار خلال العام الماضي في سياق ظرفية متسمة بضغط الأزمة الصحية، بينما جرت العادة على أن تراوح تلك الزيادة بين مليار دولار وملياري دولار في العام الواحد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وساهمت جائحة كورونا في ارتفاع الأموال التي تتداول خارج النظام المصرفي، على اعتبار أن الدولة عمدت إلى توفير مساعدات وصلت إلى 1.6 مليار دولار للأسر العاملة في القطاع غير الرسمي، والتي لا تتوفر أغلبها على حساب في النظام البنكي.
وكانت الأسر الفقيرة والهشة، التي وفرت لها الدولة عبر صندوق مكافحة الجائحة مساعدات تراوح بين 80 و115 دولارا في الشهر منذ انتشار جائحة كورونا، قد سحبت تلك الأموال من المصارف ووكالات تحويل الأموال.
وكان عدد العاطلين من العمل قد قفز إلى 1.48 مليون شخص في الربع الثالث من العام الماضي، حيث وصلت نسبة البطالة إلى 12.7%، بعد فقدان فرص عمل في ظل الجائحة والجفاف الذي عرفته المملكة في الموسم الأخير، وفق بيانات رسمية.
غير أن هناك عاملا آخر ساهم في ارتفاع ذلك الرقم على اعتبار أن الأسر عمدت في ظل حالة الهلع التي واكبت انتشار الجائحة إلى سحب الأموال بكثافة من المصارف، وهو ما يلاحظه محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري.
وبلغت قيمة النقود التي تم سحبها من المصارف بين يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز الماضيين 7.2 مليارات دولار، حيث مثل ذلك أكثر من ثلاثة أضعاف ونصف ما سجل على مدى العام السابق، حسب بيانات البنك المركزي.

وليس تداول النقود التي لا تودع في المصارف ممارسة جديدة مرتبطة بالظرفية الحالية، فهي نوع من الظاهرة البنيوية التي تميز المعاملات بالمغرب في ظل انتشار القطاع غير الرسمي، ونزوع التجار الصغار، خاصة في القطاع التقليدي الذي يمثل 80% من النشاط التجاري، إلى التعامل بالنقد، فضلا عن شيوع ذلك النوع من التعامل في الريف.
ويتصور الخبير المصرفي مصطفى ملغو، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لكي يودع الأفراد مدخراتهم في المصارف، يتوجب على المصارف طرح أسعار فائدة جاذبة، كما أنه يفترض فيها العمل على تقليل العمولات التي تفرضها على العملاء.
ورغم تطور التعامل بالوسائل الإلكترونية في المعاملات التجارية، خاصة في ظل الحجر الصحي، والتي وصلت قيمتها إلى حوالي 15 مليار دولار، إلا أن ذلك لا يخفي، حسب ما لاحظه محمد صبيحي، رئيس فيدرالية مهن التوزيع والسلع الواسعة الاستهلاك، في ندوة حول التجارة الإلكترونية أخيرا، شيوع التعامل بالنقد، ما ينعكس في نظره على تحديث التجارة ومحاربة القطاع غير الرسمي.
ويعتبر خبراء اقتصاد أن تحاشي التعامل بالوسائل الإلكترونية التي يستعاض بها عن النقد، يفسر بالخوف، خاصة من قبل التجار، من أن يكونوا مكشوفين أمام الإدارة الجبائية التي يمكن أن تتابع عملياتهم، بما لذلك من تأثير على الضرائب التي يمكن استيفاؤها.
كما يتفادى مستهلكون نظم الدفع بالوسائل الإلكترونية بسبب عدم الثقة في هذا النوع من المعاملات، وإن كانوا قد بدأوا يعتادون عليها في ظل الحجر الصحي.

المساهمون