المغرب: حملة لإحياء ضريبة الثروة بسبب كورونا

المغرب: حملة لإحياء ضريبة الثروة بسبب كورونا

19 نوفمبر 2020
الأزمة الصحية تسببت في صعوبات مالية (فرانس برس)
+ الخط -

أعادت تداعيات جائحة فيروس كورونا على الطبقات الهشة في المغرب مطالب برلمانية بفرض ضريبة على الثروة إلى الظهور مجدداً، بينما كانت الحكومة قد تجنبت مؤخراً إدراج تعديل بشأنها في مشروع قانون مالية العام المقبل 2021 (الموازنة العامة).

فقد دعا أعضاء في مجلس النواب، مرة أخرى، إلى سن هذه الضريبة في سياق الجائحة التي تقتضي تضامناً أكبر، رغم لجوء الحكومة إلى إدراج مساهمة اجتماعية تضامنية في مشروع قانون المالية، ينتظر أن تضخ بموجبه 500 مليون دولار، وهو المبلغ الذي سيأتي من مساهمة شركات وموظفين وعمال يحققون دخلاً في حدود 24 ألف دولار في العام.

ووفق مصادر برلمانية ينتظر أن تثار قضية الضريبة مرة أخرى في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) الذي سيعكف على دراسة الأمر بالمشاركة مع اتحادات عمالية وأحزاب وممثلين لرجال الأعمال.

وبينما يعتبر البعض أن ضريبة على الثروة لن تكون لها مردودية مالية كبيرة في المغرب، يتصور المدافعون عن سنها أن لها بعداً رمزياً واجتماعياً مهماً في سياق اتساع دائرة الفوارق الاجتماعية.

وقدم الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية تعديلاً من أجل البحث عن موارد جديدة لتمويل التكاليف العمومية وتوسيع الوعاء الجبائي.

ويتصور نواب الحزب أن استحداث ضريبة على الثروة، والتي طرحت في مناسبات سابقة دون أن تستجيب لها الحكومات المغربية، يراد منه الحد من الفوارق الاجتماعية وتجسيد مبدأ التضامن الوطني، في أفق الإصلاح الجبائي الأكثر عدالة ومساواة.

ويرى نواب الحزب الذي أضحى جزءاً من المعارضة البرلمانية، أنه يفترض أن يذهب جزء من عائدات تلك الضريبة لتمويل "صندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي".

ويشيرون إلى أنه يجب أن يخضع لهذه الضريبة الأشخاص الطبيعيون، الذين تتجاوز القيمة الإجمالية لممتلكاتهم مليون دولار، وفق نسب محددة بشكل معقول يتم سدادها سنوياً لخزانة الدولة.

ويقترح أن تقتطع من العقارات والأموال والقيم المنقولة والأصول التجارية والودائع في الحسابات المصرفية والسندات والحصص والأسهم في الشركات والممتلكات الآتية من الإرث والتحف والمجوهرات.

كما أيد النائبان عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج ومصطفي الشناوي، مشروع الضريبة، لكنهما قالا إنه يجب أن تتحملها شركات توزيع واستيراد الوقود، والأشخاص الذاتيون الذي يتوفرون على ممتلكات تفوق قيمتها 500 ألف دولار.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

في المقابل، لم يخض حزب الاستقلال، الذي يعتبر أعرق حزب سياسي في المغرب، في مسألة الضريبة على الثروة، إلا أنه يعتبر أنه يتوجب زيادة الضريبة على الفاعلين في قطاع البترول والاتصالات، حيث يرى أن تلك الشركات يجب أن تخضع، كما هو سارٍ بالنسبة للمؤسسات المالية، لضريبة على الشركات في حدود 37% بدلاً من 30% حالياً.

ويتصور مراقبون أن فكرة الضريبة على الثروة ستكون مطروحة في سياق تراجع إيرادات الدولة، غير أنهم يرون أنه يجب أن تأتي تلك المساهمة، بشكل أساسي، من شركات البترول والاتصالات التي تتمتع في السوق بوضعية تستفيد فيها من حماية الدولة.

ويقول خبراء إن سن ضريبة على الثروة يقتضيه تكريس مبدأ الإنصاف في المغرب، حيث يفترض وفاء جميع الملزمين بالضرائب القائمة مثل الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات.

ويؤكد طارق موتقي، الباحث في العلوم السياسية، أن مساهمة الأثرياء في المجهود الإنفاقي للدولة في الظروف الحالية مطلوب، خاصة بالنسبة للثروات النائمة مثل العقارات، غير أنه يرى أن الأزمة الصحية وتداعياتها المالية، يجب أن تدفع إلى الانخراط في إصلاح جبائي مبني على مبدأ المساواة والإنصاف.

وكانت الضريبة على الثروة قد أُثيرت بمناسبة مؤتمر الجباية في العام الماضي 2019، من دون أن يتم تبني المقترح الخاص بها. فقد أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (استشاري)، بسن إطار للضريبة على الذمة المالية يكون أكثر عدلاً وإنصافاً.

وأكد المجلس أنه يجب فرض ضريبة على الثروة غير المنتجة، من قبيل الأراضي غير المبنية والممتلكات العقارية غير المأهولة، حيث يرى أن ذلك سيشجع على ضخ موارد إضافية في خزانة الدولة ويحفز على إدماج الممتلكات ضمن دورة الإنتاج.

كذلك أوصى بتوسيع هذه الضريبة لتشمل بعض السلع الفاخرة التي تعد من مظاهر الثراء مثل اليخوت والطائرات الخاصة والسيارات الفاخرة وخيول السباق، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن على السلطة التنفيذية سن ضريبة على التركة، لضمان أدائها على رأس كل جيل.