الحرب تعري صناعات إسرائيل... ثغرات في قطاعات رئيسية

الحرب تعري صناعات إسرائيل... ثغرات في قطاعات رئيسية

20 فبراير 2024
القطاعات الإنتاجية قلقة من تداعيات الحرب (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عن ثغرات مخيفة للقطاعات الإنتاجية في دولة الاحتلال، إذ يعتمد الكيان الإسرائيلي في العديد من المجالات الأساسية على مصنع واحد في كل قطاع فقط، منها ما يتعلق بالأغذية مثل الزيوت وحليب الأطفال وحتى إنتاج مكونات السترات الواقية للجنود أثناء القتال، ما يعزز المخاوف من تعرض هذه المصانع لهجمات تشل إنتاجها.

حذرت وثيقة صادرة عن اتحاد المصنعين في إسرائيل، من تعرض هذه المصانع لهجمات صاروخية، لتجد دولة الاحتلال نفسها معتمدة فقط على الواردات في قطاعات أساسية، مشيرة إلى أن الوضع الحالي نتج عن سنوات من تشجيع الواردات.

وأكدت الوثيقة التي بحثت "الاستقلال الإنتاجي" لإسرائيل في مختلف المجالات، على خلفية الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي والأضرار التي لحقت بطرق النقل والاستيراد، وفق ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس الاثنين، أنه "لم يبق اليوم في إسرائيل سوى عدد قليل من المصانع للمنتجات الأساسية، والتي بدونها يصاب الاقتصاد الإسرائيلي بالشلل".

على سبيل المثال، لا يوجد سوى مصنع واحد لأغذية الأطفال هو "متيرنا" (Materna) الذي يوفر 50% من الاستهلاك، ومصنع زيت فول الصويا "Solver"، بحسب وثيقة المصنعين، التي أشارت إلى أنه "في السيناريو الذي يؤدي فيه الهجوم الصاروخي إلى إغلاق مصنع وموانئ حيوية، قد نجد أنفسنا بدون وقود وكهرباء وطعام الأطفال".

وفي مجال البنية التحتية يوجد مصنع إسمنت واحد فقط هو "نيشر"، حيث شجعت دولة الاحتلال، على فتح واردات الإسمنت من تركيا، ما تسبب في إغلاق العديد من المصانع التي لم تستطع منافسة الواردات، باستثناء مصنع "نيشر" في الرملة على بعد 38 كيلومترا شمال غرب القدس المحتلة، الذي يوفر نحو 45% من احتياجات الاقتصاد المحلي.

ويعد إنتاج الإسمنت بكميات كبيرة أمراً بالغ الأهمية بشكل خاص في زمن الحرب، عندما تكون البنى التحتية المدمرة نتيجة للهجمات بحاجة إلى إصلاح منتظم، بحسب جمعية المصنعين، التي أشارت إلى أهمية هذه السلعة لتلبية الاحتياجات المدنية والعسكرية على حد سواء.

وبحسب اتحاد المصنعين فإن "الوضع الحالي يشكل خطراً حقيقياً على استقلال إسرائيل الإنتاجي في حالة الطوارئ، حيث تجري تغطية الاحتياجات عبر الاعتماد على الاستيراد، وجزء كبير منه يأتي حالياً من تركيا، التي تهدد بوقف التجارة معنا".

كما يوجد في إسرائيل مصنع واحد فقط لإنتاج ألواح الحماية المنتجة من مكونات السيراميك في شمال فلسطين المحتلة، وهو قادر على إنتاج ألواح للدروع العسكرية المضادة للقذائف وكذلك سترات الجنود.

ومع اندلاع الحرب، ظهرت الحاجة الملحة إلى السترات الواقية التي تدخل مكونات السيراميك فيها، وقام المصنع بزيادة إنتاجه بشكل كبير وعمل على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع لتلبية احتياجات جيش الاحتلال منذ اندلاع الحرب على غزة.

ولم يكن الاستيراد خياراً مناسباً، حيث كان جيش الاحتلال بحاجة إلى السترات بين الحين والآخر، بينما كان الاستيراد بطيئاً للغاية بسبب مشاكل النقل، ولذلك فإن الإنتاج الإسرائيلي المستقل في هذه الحالة كان حاسماً وأنقذ المقاتلين، لأنه سمح لهم بدخول غزة بالسترات الجديدة، وفق وثيقة اتحاد المصنعين.

كذلك يوجد في إسرائيل مصنع واحد فقط للبنية التحتية لأنظمة الكهرباء المتمثلة في كابلات الجهد العالي، والتي تعتبر ضرورية، وهو مصنع "Synergy" في مدينة "سديروت" شمال قطاع غزة، والذي أتاح إمدادات فورية بالكابلات لإصلاح البنية التحتية الكهربائية ومجمعات البناء المدمرة بفعل هجمات المقاومة الفلسطينية.

وفي مجال الصلب، لم يتبق في إسرائيل سوى مصنعين لإنتاج الحديد، الذي يعتبر ضرورياً لعمليات البناء المدنية والعسكرية، وهما مجموعة "يهودا للصلب" في أشدود، و"هود عساف" في مدينتي عكا (شمال) وكريات جات (جنوب تل أبيب). وتنتج هذه المصانع حوالى 30% من استهلاك قضبان الحديد في إسرائيل، أما باقي الحديد المخصص لأغراض البناء فيستورد بشكل رئيسي من تركيا.

وفي قطاع الطاقة، لم يتبق في إسرائيل سوى مصفاتين فقط، في حيفا وأشدود، وهما المسؤولتان عن إنتاج الوقود الإسرائيلي بأكمله المستخدم بما في ذلك وقود الطائرات.

وعلى الرغم من الأهمية الحيوية والبالغة لهذه المصافي لاستقلال الإنتاج في إسرائيل، إلا أن هناك تهديداً حقيقياً لمصادر الطاقة في ظل الاعتماد أيضا على استيراد الوقود المكرر من تركيا.

وبحسب تقرير يديعوت أحرونوت فإنه "رغم خوض إسرائيل سبع حروب لم يكن هناك تهديد للوقود، لكن يمكن لتركيا أن تقرر اللحظة التي تحرمنا فيها تماماً من الوقود والديزل، وستجد إسرائيل نفسها في أزمة طاقة مدنية وأمنية كارثية".

وتبدو إسرائيل متخوفة حتى من أقرب حلفائها وداعميها على رأسهم الولايات المتحدة الأميركية. إذ أشار التقرير إلى أن اعتماد كيان الاحتلال على الأسلحة الأميركية، خاصة الأسلحة الجوية، أوصل المؤسسة العسكرية إلى استنتاج مفاده أنه من الضروري توسيع استقلال إسرائيل في مجال التسلح وصياغة خطة لتوسيع الصناعات الدفاعية.

وقال رون تومر، رئيس اتحاد المصنعين في دولة الاحتلال، "لا يمكننا الاعتماد إلا على أنفسنا.. لقد أصبحت حكومتنا مدمنة على الواردات الرخيصة من دول مثل الصين وتركيا، وهذا وضع خطير".

وأشار إلى تحقيق تقدم في خطوط إنتاج الصناعات الدفاعية، و"لكن ماذا عن باقي القطاعات.. بدون طعام، وبدون أدوية، وبدون منتجات البناء، لن يكون هناك بلد هنا".

وبحسب تومر، فإن "دولة مثل إسرائيل لا يمكنها الاعتماد على الواردات، والحرب الحالية زادت من حدة هذه الحقيقة. عدد الدول التي توقفت عن تصدير المنتجات إلى إسرائيل أو خفضت الصادرات إلينا، إما بطريقة معلنة أو من خلال صعوبات تنظيمية" في تزايد منذ الحرب.

وقال: "حتى في الولايات المتحدة جرى سن قوانين لإعطاء الأولوية للصناعة المحلية تحت رسالة أميركا تعود إلى الصناعة.. لقد حان الوقت للحكومة الإسرائيلية لتغيير اتجاه سياستها، والبدء في العمل على تعزيز الصناعة المحلية، حتى نتمكن حتى في الحرب المقبلة من تلبية احتياجات الاقتصاد والقوات الأمنية بشكل كامل ولن يفتقر أي مواطن إلى أي شيء".

المساهمون