الجزائر: رهان على تنشيط القطاعات الاقتصادية في الحكومة الجديدة

الجزائر: رهان على تنشيط القطاعات الاقتصادية في الحكومة الجديدة

07 يوليو 2021
تنتظر رئيس الوزراء الجديد ملفات اقتصادية ملحة (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلنت الرئاسة الجزائرية، مساء الأربعاء، تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة أيمن بن عبد الرحمن، وهي الثالثة في عهد الرئيس الجديد عبد المجيد تبون. واللافت في التشكيلة الحكومية الجديدة، هو تولي رئيس الحكومة، لوزارة المالية، التي يقودها منذ يناير/كانون الثاني 2020، في سابقة هي الأولى في تاريخ الجزائر، تترجم سعي تبون على إحداث إصلاحات اقتصادية عميقة، ومواجهة الأزمات المالية التي تعصف بالبلاد، خاصة أزمتي نقص السيولة وتهاوي الدينار.

وعصفت رياح التغيير، للمرة الثانية في ظرف ستة أشهرٍ بوزارة الصناعة، حيث أقال الرئيس تبون، محمد باشا، وحسب معلومات حصلت عليها "العربي الجديد" فإن الإقالة تعود لسوء تسييره لملف استيراد السيارات بالإضافة لتسجيل سوء إنفاق فيما يتعلق بمصاريف التنقل والإيواء والأكل.

وعوض محمد باشا على رأس الصناعة، محمد زغدار، أستاذ في العلوم الاقتصادية بجماعة الجزائر، ونائب برلماني سابق، عن حزب جبهة التحرير الوطني.

كما هبت رياح التغيير على قطاع العمل والضمان الاجتماعي، بعد إقالة الهاشمي جعبوب المحسوب على حركة مجتمع السلم (التيار الإخواني)، بعد رفض الحركة المشاركة في الحكومة الجديدة، وتم تعويضه بعبد الرحمن لحفاية المدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي (التغطية الصحية).

كما تم تعيين عتو بن زيان أستاذ في العلوم الطبية والباحث في الطاقات المتجددة، على رأس وزارة الانتقال الطاقوي خلفاً لشمس الدين شيتور الاستاذ الجامعي في الطاقات التقليدية.

وعين الرئيس عبد المجيد تبون، وزير التجارة الخارجية سابقاً، عيسى بكاي، على رأس قطاع النقل الذي كان يترأسه وزير الأشغال العامة كمال ناصري، بالنيابة، منذ مطلع السنة، بعد إقالة الوزير الأسبق لزهر هاني، في أعقاب تفجير فضيحة فساد تتعلق بصفقات أبرمتها الخطوط الجوية الجزائرية دون استشارة الحكومة.

وفي المقابل، حافظ وزير الطاقة محمد عرقاب، بالإضافة لوزير الأشغال العامة كمال ناصري، والسكن محمد بلعريبي، ووزير الفلاحة عبد الحميد حمداني، والرقمنة والإحصاء حسان شرحبيل على مناصبهم.

وعكس كل التوقعات، نجح وزير التجارة كمال رزيق، في الاحتفاظ بمقعده في حكومة أيمن بن عبد الرحمن، رغم فشله في تسيير قطاعه الذي شهد عدة أزمات منها أزمة الحليب المتكررة وندرة مواد واسعة الاستهلاك عند بداية تفشي كورونا، بالإضافة لانفلات الأسعار في الأسواق الجزائرية.

وكان الرئيس الجزائري، قد كلف الأسبوع المنصرم، أيمن بن عبد الرحمن، وزير المالية، بتشكيل حكومة جديدة بعد التشاور مع الأحزاب التي حصدت غالبية المقاعد في البرلمان الجديد، في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 يونيو المنصرم.

وسيكون وزير المالية ومدير بنك الجزائر السابق أمام تحدي التوفيق بين الطابع التكنوقراطي لحكومته وبين الشراكة الشكلية التي أضفاها الرئيس تبون على المشهد مع حلفائه السياسيين الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وبالتالي فهو مطالب بإيجاد التوافق والانسجام بين الأسماء التي اختارها للقطاعات التقنية، وبين الأسماء التي جاءت من الأحزاب السياسية.

ويعتبر رئيس الحكومة الجديد، بن عبدالرحمن تكنوقراطياً لم ينتم الى أيّ حزب سياسي ولم يسجل له أيّ ميل سياسي أو أيديولوجي معين، وتفرغ طيلة مساره المهني في مناصب قطاع المالية بحكم دراسته القانون والمالية، وتخرجه من المدرسة الوطنية للإدارة، التي تمثل الخزان الأول لإنتاج الكوادر التي توجه للمؤسسات الرسمية للدولة، ومنها تخرج معظم المسؤولين وعلى رأسهم الرئيس تبون.

ولد رئيس الحكومة الجديد عام 1966 بالجزائر، نشأ ودرس في المدارس المحلية، إلى غاية تخرجه بشهادة عليا في الاقتصاد والمالية، كما يحمل شهادة ماجستير في العلوم الاقتصادية والمالية، فضلاً عن العديد من الشهادات في الإدارة والتدقيق، كما يقوم حالياً بتحضير شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية.

وبدأ مساره المهني بوزارة المالية مطلع التسعينات حيث شغل على التوالي منصب مفتش مالي على مستوى المفتشية العامة للمالية، وأصبح مفتشاً عاماً للمالية، ثم تولى منصب نائب مدير للرقابة على مستوى المفتشية العامة للمالية.

وتم تعيين بن عبدالرحمن بعد ذلك كرئيس قسم مراقبة ببنك الجزائر المركزي ثم محافظاً للبنك، وعينه الرئيس تبون وزيراً للمالية خلفاً لعبدالرحمن راوية. ومن أكبر المهام التي أسندت إليه في قطاع المالية رقمنة قطاعي الجمارك والضرائب، وإعداد مخطط للتعامل مع التداعيات الناجمة عن جائحة كورونا، وخلال فترة تولّيه مسؤولية القطاع، أطلق برنامجاً وطنياً ضخماً لتعميم الصيرفة الإسلامية بمختلف البنوك العمومية.

وتنتظر الحكومة الجزائرية الجديدة تركة إقتصادية ثقيلة، فاقمتها أزمة مزدوجة لفيروس كورونا وانهيار أسعار النفط، دفعت بالسلطات الجزائرية إلى تقليص الإنفاق الحكومي، بواقع النصف تقريباً وتجميد مشاريع في عدة قطاعات. كما ستجد الحكومة المقبلة نفسها في مواجهة بطالة متفاقمة، إذ تشير بيانات رسمية جزائرية إلى أن البلاد فقدت نحو نصف مليون وظيفة بسبب الجائحة.
وامتدت آثار الأزمة لتطاول أسعار المواد الاستهلاكية على اختلافها، وستكون الحكومة أمام رهان إطفاء لهيب الأسعار التي اشتدت وطأة غلائها منذ أشهر وخصوصاً مع حلول شهر رمضان الماضي، تدهورت معها القدرة الشرائية ولم تسلم العملة الجزائرية، من تبعات الأزمة، إذ بلغت مستويات قياسية من الانهيار أمام الدولار واليورو.
ويتوقع قانون الموازنة العامة لعام 2021، أن يبلغ متوسط سعر الصرف بـ142 ديناراً لكل دولار، و149 ديناراً في عام 2022 ووفقاً للوثيقة ذاتها تتوقع السلطات انخفاضاً بواقع 5 في المئة في قيمة الدينار خلال كل عام  من الأعوام الثلاثة المقبلة. 

المساهمون