الاحتجاجات تطوّق برلمان لبنان و"ترحّل" مناقشة "الكابيتال كونترول"

الاحتجاجات تطوّق برلمان لبنان و"ترحّل" مناقشة "الكابيتال كونترول"

20 ابريل 2022
النائب قاسم هاشم خلال نقاش مع أحد المحتجين (حسين بيضون)
+ الخط -

أوقفت التحركات الاحتجاجية أمام مبنى البرلمان اللبناني مناقشة جلسة اللجان النيابية المشتركة صيغة "الكابيتال كونترول" (ضوابط رأس المال) النهائية بعد الاعتراضات التي طاولتها والتحذير من تصعيدٍ في الشارع في حال إقرار القانون.

واتسعت رقعة الغضب الشعبي بفعل تسريب خطة التعافي الحكومية التي تضمّنت تحميل المودعين خسائر بستين مليار دولار وذلك في تطورات من شأنها أن ترحّلَ الملف إلى ما بعد الانتخابات النيابية المنتظرة في 15 مايو/أيار المقبل.

واتخذت اللجان اليوم قراراً بوجوب أن ترسلَ الحكومة توضيحاً حول مشروع التعافي لتصار على ضوئه المناقشة بصورة سليمة وفق ما أكد نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.

وترافقت جلستا لجنتي المال والموازنة والإدارة والعدل اليوم وأمس الثلاثاء اللتان خصّصتا لمتابعة درس المشروع الرامي إلى وضع ضوابط مؤقتة واستثنائية على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية مع احتجاجات في محيط مجلس النواب في بيروت.

وتصاعدت وتيرة التحركات صباحاً لتسجل احتكاكات بين المعتصمين والنواب لدى دخولهم إلى الجلسة، واعتداء بعض مواكب المسؤولين على المحتجين للمرور بالقوّة، حتى أن سيارة الفرزلي قامت بتجاوز الحشد وكادت أن تدهسَ المحتجين. وتوقف النائب قاسم هاشم (ينتمي إلى كتلة التنمية والتحرير برئاسة نبيه بري)، للحديث مع المتظاهرين الذين انفجروا غضباً في وجهه، واصفين السياسيين بأنهم "نواب العار"، فكان أن أكد لهم أنه سيرفض المشروع، مع العلم أنّ الصيغة التي تناقش اليوم وافق عليها مجلس الوزراء الذي يمثل الأحزاب التقليدية التي يتألف منها البرلمان بأكثريته.

وأكدت جمعية "صرخة المودعين" وتحالف "متحدون" في بيان بعد الجلسة أن "المودعين والمحامين استطاعوا معاً تعطيل جلسة الكابيتال كونترول اليوم وسط بلبلة علّها تسببت في صحوة ضمير لدى عددٍ من النواب".

ويأتي التحرك تكملة لوقفات احتجاجية ومسيرات نفذت أمس، الثلاثاء، بالتزامن أيضاً مع انعقاد جلسة لجنتي المال والعدل النيابية التي لم تلحظ أي تقدم ملموس، في ظلّ تحذيرات تصدر من جمعيات وروابط المودعين ونقابات المهن الحرّة ومجموعات مدنية مستقلة بالتصعيد، ورفع سقف المواجهة في الشارع، لقطع الطريق أمام اقتراح قانون "الكابيتال كونترول" بصيغته الأخيرة، والدفع باتجاه إدخال تعديلات جوهرية عليه، بما يكفل ويضمن حقوق المودعين بالدرجة الأولى.

ويضع القانون ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية، لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة، في إطار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لوضع برنامج يمنح لبنان حزمة من المساعدات مقابل إصلاحات وعد بها، بعد الأزمة الاقتصادية وانهيار النظام المالي في 2019، ونجم عنها وضع قيود على الودائع في البنوك وتجميد أرصدة المودعين بالدولار.

ويواصل رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الدفاع عن الصيغة التي مرّرها نائبه سعادة الشامي رافضاً الاتهامات التي تطلق بأنها تفرّط بحق المودع، واضعاً إياها في إطار "إثارة البلبلة وتوتير الأجواء".

وأكد ميقاتي، خلال اجتماعه، أمس الثلاثاء، مع وفد من جمعية المصارف، أنّ "من أولويات الحكومة في المعالجة الاقتصادية هي الحفاظ على حقوق المودعين وليس التفريط بها"، مشدداً على أنّ "خطة التعافي تعطي الأولوية للحفاظ على حقوق الناس وإعادة تفعيل مختلف القطاعات الإنتاجية وأيضاً المحافظة على القطاع المصرفي الذي شكّل عنصراً أساسياً في التعافي الاقتصادي".

وتوالت المواقف النيابية بعد الجلسة التي وضعت في خانة "الاستغلال الشعبي" قبيل الانتخابات ومحاولة استعادة ثقة الناس لتترجم في صناديق الاقتراع برفع شعارات حماية حقوق المودعين ومدخراتهم وجنى عمرهم باعتبار أن أكثرية النواب الذين يتسابقون على رفض المشروع علناً ومن مصلحتهم ترحيل الملف إلى ما بعد الاستحقاق ينتمون إلى الكتل نفسها التي يتألف منها مجلس الوزراء الذي أقر الصيغة المُعترَض عليها.

وقال رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان "مستعدون لمتابعة نقاش الكابيتال كونترول بعد تعديله من الحكومة بما لا يحمّل المودع مسؤولية هريان الدولة بل مصرف لبنان والمصارف والدولة".

وأضاف كنعان "صارحوا الناس بالحقائق، وسؤال الحكومة عن خطتها وماذا ستفعل بودائع الناس ليس جريمة بل حق في ضوء التسريبات التي جرت لخطة التعافي".

وقال النائب هادي أبو الحسن "المطلوب أن نناقش بالتزامن مع الكابيتال كونترول خطة التعافي ولا ننسى الانطلاق بالإصلاحات، فكيف نسرب خطة ولا نتحمل مسؤولية؟"، معتبراً أنه على الحكومة أن تعلن موقفاً واضحاً حيال ما سرب".

وشدد رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية جورج عدوان، في تصريح من مجلس النواب، على أنّ "أي بحث خارج مسار تحديد المسؤوليات وتوزيع الخسائر يعني أخذ البلاد نحو المجهول".

وقال عدوان "إننا كتكتل الجمهورية القوية (يمثل حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع برلمانياً) لن نشارك بأي نقاش، فالمشاركة شهادة زور" تجاه اللبنانيين، مشيراً إلى أنه، وفق الصيغة المقترحة، ستشطب 60 مليار دولار من ديون لبنان وسيتحمّلها المودعون، رافضاً البحث في "الكابيتال كونترول" قبل إقرار خطة التعافي الاقتصادي، واصفاً أي كلام عن حماية المودعين من قبل ميقاتي بأنه "غير صحيح".

وأضاف عدوان "هناك خطة مخفية ستظهر قريباً وفق تقييمي للموضوع وهي لا تخدم لا حقوق لبنان ولا الشعب".

وحذرت نقابة الأطباء في لبنان، أمس الثلاثاء، في بيان لها، من تمرير مشروع قانون "الكابيتال كونترول" بصيغته "الاستنسابية وغير القانونية" الحالية عبر وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية، وبمعزل عن رزمة القوانين والتدابير "الضرورية الملازمة والمكملة، ومن دون الكشف عن خطة التعافي التي تظهر الخسائر الحقيقية وكيفية سدّها"، وفق البيان.

من جهتها، شددت نقابة المحامين في بيروت على أنّ ملف المودعين في المصارف "هو ملف وطني وإنساني واجتماعي، ولا يمكن لمن تعب وكدّ وعمل واجتهد لسنوات أن يخسر جنى عمره بسبب هدر أو قلة مسؤولية"، معتبرة، في بيان لها، أنّ "ما يحصل اليوم هو سرقة منظمة في ظل محاولة تمرير المشروع بصيغته الاستنسابية وغير القانونية أو الدستورية، وبمعزل عن رزمة القوانين والتدابير الضرورية الملازمة والمكمّلة".

وحذرت النقابة من "نفاد صبر المودعين والتصعيد في الأيام المقبلة في حال عدم التجاوب مع دعوتهم"، مشيرة إلى أنّ جميع نقابات المهن الحرة "على استعداد للنزول سلمياً إلى الشارع وتحديداً أمام مصرف لبنان وجمعية المصارف".

بدوره، طالب المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان، في بيان له، البرلمان اللبناني بـ"مراعاة النظام الاقتصادي الحر الذي ساهم في نمو القطاع المصرفي اللبناني، وعدم إقرار أي قانون تحت أي مسمى يمسّ النظام الاقتصادي الحر، أو يشكّل عائقاً في إعادة الثقة بقطاعنا المصرفي".

على صعيدٍ آخر، ارتفع سعر صفيحتي البنزين 95 و98 أوكتان في لبنان، اليوم الأربعاء، 13 ألف ليرة لبنانية، بعد رفع مصرف لبنان سعر صرف الدولار وفقاً لمنصة صيرفة التابعة له التي تؤمن 100% من فاتورة الاستيراد وذلك من 22.200 ليرة إلى 22.850 ليرة، مع الإشارة إلى أنّ سعر صرف الدولار في السوق السوداء سجل، منذ مساء أمس الثلاثاء، مساراً تصاعدياً تخطى فيه عتبة الـ25 ألف ليرة.

ووفق جدول أعلنته وزارة الطاقة، أصبح سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 475 ألف ليرة، و98 أوكتان 485 ألف ليرة لبنانية، مع العلم أنّ أسعار المحروقات كانت قد سجلت أيضاً، أمس الثلاثاء، ارتفاعاً ربطاً بالتطورات الدولية الإقليمية.