لبنان: تحركات رافضة لقانون "الكابيتال كونترول" ودفاعاً عن الودائع

لبنان: تحركات رافضة لقانون "الكابيتال كونترول" ودفاعاً عن الودائع

19 ابريل 2022
نظّم عددٌ من النقابات وقفات احتجاجية اعتراضاً على القانون (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

تشهد الساحة اللبنانية، اليوم الثلاثاء، تحركات احتجاجية لـ"مواجهة قانون الكابيتال كونترول المشوَّه"، وذلك بالتزامن مع انعقاد الجلسة النيابية المشتركة للجنتي المال والموازنة والإدارة والعدل في مجلس النواب في وسط بيروت.
وانطلقت مسيرة من أمام جامع الأمين في العاصمة اللبنانية باتجاه مقرّ البرلمان رفضاً لقانون "الكابيتال كونترول" ودفاعاً عن ودائع اللبنانيين وجنى عمرهم، وتأكيداً أن المواجهة ستكون بوجه كلّ من يريد سرقة أموال المودعين وشرعنة تجاوزات المصارف بقانون "مسخ" هو بمثابة صك براءة للمنظومة المصرفية والطبقة السياسية.
ونظّم عددٌ من النقابات منها المحررين والأطباء والمحامين، وقفات تحذيرية احتجاجية اعتراضاً على القانون بصيغته المقترحة والمزمع إقراره من قبل مجلس النواب بعدما أحيل إليه من مجلس الوزراء الذي أقرّه أواخر شهر مارس/ آذار الماضي مع إدخال تعديلات غير جوهرية عليه.

وفي 30 مارس، وافق مجلس الوزراء اللبناني في جلسة عقدها في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون على قانون "الكابيتال كونترول" مع إضافة بعض التعديلات عليه وذلك بعدما كانت اللجان النيابية المشتركة أوصت بصوغ مشروع متماسك يؤتى به إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره ويأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا للمودعين.

والصيغة التي تدرس اليوم برلمانياً لا تلحظ كيفية حماية حقوق المودعين إنما تضع صلاحيات مطلقة بيد حاكم مصرف لبنان المركزي بالدرجة الأولى.

احتجاجات لبنانية على قانون الكابيتال كونترول (حسين بيضون/العربي الجديد)
نقابات عدة أكدت رفضها القانون بصيغته الحالية (حسين بيضون/ العربي الجديد)

وشملت التعديلات التي أعلن عنها نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي تكوين اللجنة التي أصبحت تتألف من مصرف لبنان ووزارة المال وخبيرَيْن اقتصاديَيْن وقاضٍ من درجة 18 وما فوق وذلك بعدما كان يترأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه، وتضمّ وزير المال، وزير الاقتصاد والتجارية، حاكم مصرف لبنان.
ومن أبرز التعديلات التي لحظتها الصيغة بشقيها القانوني والتقني مدة القانون الذي يرمي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية بسنتين قابلة للتجديد مرة واحدة بعدما كانت محددة بخمس سنوات.

كذلك يحيل المجلس المركزي لمصرف لبنان إلى النائب العام لدى محكمة التمييز جميع مخالفات احكام القانون الذي يعود له تحريك الادعاء وفقاً لما يراه مناسباً بحسب الصلاحيات الممنوحة له.

احتجاجات لبنانية على قانون الكابيتال كونترول (حسين بيضون/العربي الجديد)
المحتجون يرفضون سرقة أموال المودعين وشرعنة تجاوزات المصارف (حسين بيضون/ العربي الجديد)

وأكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أن من اولويات  الحكومة في المعالجة الاقتصادية هي الحفاظ على حقوق المودعين وليس التفريطبها.
وقال خلال اجتماعه مع وفد من جمعية المصارف اليوم إن "خطة التعافي تعطي الاولوية للحفاظ على حقوق الناس واعادة تفعيل مختلفالقطاعات الانتاجية وايضاً المحافظة على القطاع المصرفي الذي يشكل عنصراً اساسياً في التعافي الاقتصادي".

وأشار إلى أن "كل ما يقال عن تفريط بحقوق المودعين وضرب القطاع المصرفي هدفه اثارة البلبلة وتوتير الاجواء".

بينما عتبر "رابطة المودعين" أن "المشروع الجديد جاء بالتفافة أقل ما يقال عنها إنها عبثية بحيث وسع دائرة متقاسمي النفوذ لتشمل ساسة هم مناصرون للمصارف وأجنداتها ومتهمون بملفات لم تصدر فيها أحكام بعد ببراءتهم وحاكم يحاكم في الداخل والخارج ووزراء صدفة بعضهم ظل للحاكم".

وتشير الرابطة إلى أن "هذا المشروع يشرّع لما هو تمييز واضح بين المودعين وأموالهم في مخالفة لشرعة حقوق الإنسان ويكرس بدعة الفرش دولار أو ما يعرف بالأموال الجديدة التي بدورها قسمت بين أموال جديدة بمعاملة مميزة وأخرى جديدة بمعاملة الأموال المحتجزة".

احتجاجات لبنانية على قانون الكابيتال كونترول (حسين بيضون/العربي الجديد)
رابطة المودعين اعتبرت أن القانون يشرّع ويكرّس مفاهيم تناقض القانون والدستور (حسين بيضون/ العربي الجديد)

وقالت المحامية دينا أبو زور من "رابطة المودعين" في لبنان لـ"العربي الجديد" إن "أي قانون يقرّ من دون خطة تعافٍ حقيقية شاملة وعادلة لمواكبتها يعني أننا نكون أمام قانون "لقيط" سيشرّع ويكرّس مفاهيم تناقض القانون والدستور، عدا عن الثغرات الكثيرة التي تعتريه وتجعل منه مشروعاً مسخاً هجيناً يهدف إلى اغتصاب سلطة القصاء وشرعنة المخالفات المصرفية الفاضحة لمصلحة مفسدي الدولة".
وأكدت أبو زور أن "الصيغة الحالية تهمّش دور القضاء، خصوصاً أنها تعتبر أحكام القانون جزءاً من النظام العام، ما يجعل كل القضايا التي لم تصدر فيها أحكام مبرمة ساقطة كأنها لم تكن، في حين يفترض أن يكون القضاء الفاصل في هذا النوع من الأزمات ويأخذ المبادرة للمحاسبة أو أقله يلعب دوره المراقب".

وأشارت إلى أن "اللجنة التي تم ابتداعها هي بمثابة تسليم البلد للمنظومة نفسها التي افتعلت الأزمات ولم تتمكن من حلّها بالأساس، عدا عن أنها تضم أشخاصاً مثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المدعى عليه في الداخل اللبناني والخارج، حتى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي عليه ملفات فساد موضوعة في الجوارير لا نعرف متى ستُخرَج أو إذا ما كان سيُنظر بها".
وأكدت أبو زور أننا "أمام الدوامة نفسها، لكن ضمن قانون يعطي براءة ذمة للمسؤولية على الفترة الماضية ويشرّع كل الممارسات ويضرب المساواة والدستور وكل القوانين ويحمّل المودعين الخسائر ويتحكم برقاب الناس وأموالهم وتحويلاتهم وسحوباتهم وهو مرفوض بكل المعايير إذا لم يلحظ تعديلات جذرية".
وتشدد الرابطة على أن تحديد السقوف للسحوبات هو من صلب قانون "الكابيتال كونترول" إلا أن مثل هذه السقوف يجب ألا تترك لاستنسابية لجنة تقوم بتعديلها من وقت لآخر من دون معايير علمية واضحة، مشيرة إلى أن من شأن ذلك أن يكمل النهج الهجين في التعاطي منذ بدايات الازمة ويفتخ باباً للاستنسابية والتأويل.

المساهمون