الأسواق الناشئة تستنزف احتياطياتها بأسرع معدل منذ 2008

وول ستريت جورنال: الأسواق الناشئة تستنزف احتياطياتها بأسرع معدل منذ 2008

25 اغسطس 2022
الدولار القوي ضغط على عملات واحتياطات الاقتصادات الناشئة (Getty)
+ الخط -

أكد تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" اليوم الخميس، أن الأسواق الناشئة تستنزف احتياطاتها من الدولار الأميركي والعملات الأجنبية الأخرى بأسرع معدل منذ عام 2008، مما يزيد من مخاطر موجة من التخلف عن سداد ديون أكثر اقتصادات العالم هشاشة.
وأشارت الجريدة إلى أن الاحتياطيات الأجنبية للدول الناشئة والنامية تقلصت بمقدار 379 مليار دولار هذا العام حتى يونيو / حزيران الماضي، وفقًا لبيانات من صندوق النقد الدولي. 
وقالت إنه باستثناء آثار تقلبات أسعار الصرف والأصول الضخمة من العملات الأجنبية للصين ودول الخليج المصدرة للنفط، تشهد الأسواق الناشئة أكبر تراجع منذ عام 2008 وفقًا لـ JPMorgan Chase & Co.

وأوضحت الصحيفة أن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تستخدم الاحتياطات للدفاع عن عملاتها ضد ارتفاع الدولار ولتغطية فواتير استيراد الغذاء والوقود المرتفعة. 

وقالت إنه في حين أن الأسواق الناشئة الأكبر مثل الصين والهند والبرازيل في وضع جيد للتغلب على العاصفة باحتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية، فإن دولًا أخرى أوشك رصيدها على النفاذ.
وضربت المثل بسريلانكا، التي تخلفت عن سداد مدفوعات سنداتها الخارجية في مايو / أيار الماضي، فقالت إن احتياطاتها من الدولار الأميركي نفذت بشكل أساسي، وكانت تحتاجها لسداد تكاليف الوقود والواردات الأساسية الأخرى.

وأكدت أيضاً أن نقصاً حاداً في العملات الأجنبية يظهر في نيجيريا، حيث منع البنك المركزي شركات الطيران الأجنبية من استرداد 464 مليون دولار، في محاولة للحفاظ على الدولار ، وفقًا لرابطة النقل الجوي الدولي.
وأشارت إلى أن خبراء اقتصاديين يحذرون من أن باكستان ومصر وتركيا وغانا معرضة أيضًا لخطر أزمة العملة. 

أزمة الاقتصادات الناشئة 

وأشار التقرير إلى أن دول ناشئة، فقدت جزءا مهما من احتياطي النقد الأجنبي، مثل التشيك التي استنزفت 15٪ من احتياطاتها هذا العام، والمجر، حيث تراجعت الاحتياطيات بنسبة 19٪، وفقًا لشركة البيانات "مركز الإحصاء والمعلومات الاقتصادية" CEIC، وكلتاهما تضررت بشدة من الغزو الروسي لأوكرانيا وخفض موسكو لإمدادات الغاز إلى أوروبا. وانخفضت عملة المجر بنسبة 30٪ تقريبًا مقابل الدولار هذا العام.

وقال أليخاندرو أريفالو، رئيس ديون الأسواق الناشئة في شركة جوبيتر أسيت مانجمنت/لإدارة الأصول، إن هذا العام جلب "عاصفة شديدة" للعديد من دول الأسواق الناشئة.
وأوضحت وول ستريت جورنال أن الدولار ارتفع إلى أعلى مستوى في 20 عامًا، مما أجبر البنوك المركزية على استنزاف الاحتياطيات في محاولة لوقف انخفاض قيمة عملاتها. 

كما قامت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة برفع أسعار الفائدة بشكل كبير خلال العام الماضي، لكن هذا لم يوقف نزوح النقد الأجنبي والضغط على عملاتها. وفي الوقت نفسه، تم استبعاد العديد من الدول النامية فعليًا من أسواق السندات العالمية، مما أدى إلى عزلها عن قناة مهمة لاقتراض الأموال.
وقال أريفالو، إن "بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي الأكثر تعرضاً للمخاطر، لأن العديد من هذه البلدان اعتمدت على معدلات الفائدة المنخفضة"، مضيفًا أن "الطلب القوي من المستثمرين الأجانب على ديون الأسواق الناشئة الأكثر خطورة قد جف".

وأدى الارتفاع في أسعار السلع الأساسية، التي بقيت عند مستويات مرتفعة رغم تراجع أسعارها مؤخراً، إلى تفاقم الألم في الدول الفقيرة ووضع البنوك المركزية في مواجهة خيارات صعبة بشأن كيفية استخدام احتياطاتها المتبقية.

ضغوط على احتياطي وعملة مصر 

وقال براد سيتسر، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية والمستشار السابق للممثل التجاري للولايات المتحدة في إدارة بايدن: "هناك خطر مباشر في مصر وباكستان إلى حد ما".

وأضاف أن "هذه دول لم يكن لديها احتياطيات كافية أصلاً. إنهم يعتمدون على احتياطاتهم لأنهم فقدوا القدرة على الوصول إلى التمويل وعليهم دفع ثمن واردات الغذاء والطاقة ومن الواضح إلى حد ما أنهم معرضون لخطر أزمة العملة أو الديون، إذا استمر هذا الوضع لفترة أطول ".

وأشار سيتسر: "إن دولًا مثل مصر وباكستان ليست في وضع سيئ مثل سريلانكا، لكن كلتاهما ... كانتا تستخدمان احتياطاتهما المحدودة المتبقية لدفع ثمن واردات الغذاء والوقود".
وقالت الجريدة إن "الاحتياطيات الأجنبية لمصر تراجعت بنسبة 26٪ هذا العام إلى 24 مليار دولار حتى نهاية يوليو/تموز"، وفق بيانات " مركز الإحصاء والمعلومات الاقتصادية"  CEIC .
وهو يكفي لتغطية ما يزيد قليلاً عن ثلاثة أشهر من فواتير الاستيراد، ويبدو أن الجريدة استبعدت جزءاً من الودائع الخليجية التي يضمها عادة البنك المركزي، حيث تقول أرقامه إن احتياطيات مصر في نهاية يوليو / تموز الماضي تزيد قليلاً عن 33 مليار دولار.

وأضافت أن " مصر تتعرض لضغوط لخفض قيمة عملتها للمرة الثانية هذا العام".
ويقول خبراء اقتصاد إن البنك المركزي المصري يتحكم في سعر الجنيه بدلاً من السماح له بالتعويم بحرية، وهو نظام أصبح مكلفًا بشكل متزايد مع ارتفاع قيمة الدولار. 
وتجري الحكومة مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، لكنها بدت حتى الآن مترددة في السماح للجنيه بالانخفاض.
ولم ترد وزارة المالية المصرية على طلب الجريدة بالتعليق.

وقال ديفيد هونر، اقتصادي الأسواق الناشئة في بنك أوف أميركا ، وفقاً للجريدة: "كانت الدول التي تعد من كبار المستوردين للغذاء والطاقة مترددة للغاية في السماح لسعر الصرف بالضعف". 
وقال "سياسياً هناك وضع شديد الحساسية، والتضخم مرتفع بالفعل" وإن خفض قيمة العملة سيجعل الواردات أكثر تكلفة.
وتتفاوض باكستان وغانا على حزم الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي، بعد أن شهدت الاحتياطيات انخفاضا بنسبة 33٪ و29٪ هذا العام، على التوالي، وفقًا "لمركز الإحصاء والمعلومات الإقتصادية" CEIC.
وقال سيتسر: "يوضح مثال سريلانكا خطر الانتظار طويلاً (قبل الذهاب إلى صندوق النقد الدولي). ووصول البلاد إلى نقطة لا يوجد فيها أي احتياطيات صالحة للاستخدام على الإطلاق".

المساهمون