الأدوية في سورية تحلق بعيداً عن المرضى والأطفال أكثر تضرراً

الأدوية في سورية تحلق بعيداً عن المرضى والأطفال أكثر تضرراً

09 ديسمبر 2023
الأدوية في سورية تزيد مشكلات المواطنين (Getty)
+ الخط -

أصدرت وزارة الصحة التابعة للنظام نشرة جديدة حددت فيها أسعار الأدوية في سورية، رُفعت خلالها أسعار جميع الأصناف الدوائية بنسب تتراوح بين 70 و100 بالمئة، في حين زاد ارتفاع البعض منها عن 110 بالمئة. 

وبرر عضو نقابة الصيادلة السورية نبيل القصير القرار بأنه لضمان توافر الأدوية للمواطنين، ولارتفاع تكاليف صناعتها، وكذلك ارتفاع سعر الصرف، مؤكداً أنها لن تتراجع إلا مع هبوط سعر صرف الدولار. 

وقد أثار هذا الارتفاع المفاجئ موجة من الاحتجاج عبّر عنه السوريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها المكان الوحيد المتبقي للتعبير، حيث قارن العديد منهم بين راتبه التقاعدي الذي لا يصل إلى مبلغ 200 ألف ليرة وبين ثمن أدوية القلب والضغط التي تزيد عن راتب شهر.  

أحد المواطنين علق على موقع "اللاذقية بيتنا" بالقول إن ارتفاع أسعار الأدوية في سورية رسالة للمرضى الفقراء بأنه لا يحق لهم العيش. وتابع: "بلغ ثمن احتياجاتي الشهرية من الدواء 360 ألف ليرة بينما راتبي التقاعدي 182 ألف ليرة".

صعود سريع

وكانت هذه هي المرة الرابعة خلال هذا العام الذي ارتفعت فيه أسعار الأدوية في سورية بشكل كُلّي أو جزئي، وفي كل مرة تتراوح نسب الارتفاع بين 50 بالمئة و100 بالمئة، ليصل ارتفاع سعر البعض منها إلى نسبة 300 بالمئة خلال أشهر قليلة.

وارتفعت أسعار الأدوية في سورية في بداية العام بنسبة 80 بالمئة، ثم في شهر أغسطس/ آب الماضي بنسب تراوحت بين 50 بالمئة و100 بالمئة، لتعود في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني لترتفع أسعار معظم أدوية المضادات الحيوية والعصبية بنسب مشابهة.

وتشهد الصيدليات عادة إقبالاً كثيفاً على أدوية الأمراض الموسمية التي تصيب معظم الناس، وخاصة الأطفال، في بداية فصل الشتاء مثل أمراض الالتهابات والرشح التي يرافقها ارتفاع في درجات حرارة الجسم، حيث ارتفع سعر المسكنات الَمعلقة، مثل سيتامول الأطفال من 4500 ليرة إلى 7000 ليرة والبخاخ الأنفي من 9000 إلى 17000 ليرة، في حين وصلت أسعار بعض أدوية الرشح المعلقة إلى 70 ألف ليرة بحجة أنها مصنوع من الأعشاب أو مُستوردة. 

بسام نيساني المتحدر من محافظة اللاذقية علق على فيسبوك: "الذي وافق على ارتفاع أسعار الأدوية بهذه النسبة التي لا يتقبلها عقل، دون مراعاة الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه المواطن السوري من أجل إرضاء جشع أصحاب المعامل، هو ضد المواطن وضد الشعب الذي صمد وضحى وصبر وما زال يضحي ويقدم أغلى ما يملك من أجل عزة الوطن  وكرامته".

ووضع المشكلة في سلة حكومة النظام السوري بالقول: "إن النتيجة هي القهر والحرمان في ظل حكومة لا ترحم، لأنها منذ ثلاث سنوات وأكثر وهي تحارب الفقراء بكل الوسائل". 

علاقة شركات الأدوية في سورية

الصيدلاني نورس حسون أكد لـ"العربي الجديد" "أن هذا الارتفاع الجنوني للأسعار غير مبرر، فليس من المعقول أن ترتفع أسعار حوالي 14000 ألف صنف دوائي دفعة واحدة بهذه النسب لأكثر من مرة خلال هذا العام، في الوقت الذي تحافظ فيها الليرة السورية على قيمتها معظم هذه الفترة، وإلا كيف كانت تنتج وتبيع هذه الشركات قبل هذا، وفي رأيي الشخصي أجد أن ثلة من تجار المواد الأولية، خاصة الصناعات الطبية، قد وضعت يدها على طرق الاستيراد والتهريب وفرضت هذا الشكل من الأسعار، ولا أستبعد أن تزيد مرة أخرى". 

ورأى حسون أن هذا الارتفاع سينعكس سلباً بشكل مباشر على المرضى المياومين على أدوية الأمراض المزمنة، مثل القلب والضغط وأمراض الدم، وستضطر غالبيتهم التقليل من الجرعات وربما الاستغناء عنها، وبالنتيجة ستؤدي هذه الزيادة إلى مخاطر على حياة الكثير من المرضى. 

فيما ذهب الدكتور سيف الجمال، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن هذه الزيادة سيرافقها ارتفاع كبير لأجور المعاينة والعلاج في العيادات والمشافي الخاصة، فقد طاولت كل أنواع الأدوية والسيرومات والمستحضرات الخاصة بالأعمال الجراحية، فمعظمها غير متوفر في المستوصفات والمشافي العامة.

وأكثر ما يخشاه أن يقتصر عمل المشافي العامة على الحالات الإسعافية والفحوصات السريرية والمنامة فقط من دون توفر العلاج، كما قال.

المساهمون