استثمارات مكبّلة في الجزائر: "الإذن المسبق" يخنق رؤوس الأموال

استثمارات مكبّلة في الجزائر: "الإذن المسبق" يخنق رؤوس الأموال

29 ابريل 2021
التخلي عن 610 مشروعات خلال 3 سنوات (Getty)
+ الخط -

ظلت منظمات أرباب العمل، والمستثمرون الأجانب، ينادون بإلغاء "الإذن المُسبق" المفروض من طرف السلطات الجزائرية على طالبي الاستثمار في البلاد، والذي كان يشكل عائقا "إداريا" بالنسبة لهم.
وإذا وجدت طلبات المستثمرين الأجانب آذانا صاغية لدى الحكومة الجزائرية، التي قررت رفع هذا الشرط عن رؤوس الأموال القادمة من الخارج في قانون الاستثمار الجديد، فإن هذا الشرط، أي "الإذن المسبق"، لا يزال مفروضا على المستثمرين المحليين، حيث ظلت السلطات العمومية صماء حيال المطالب المنادية بإلغاء هذه العقبة "الإدارية"، بل بالعكس أضافت الحكومة سلطات إدارية جديدة، تعطي لها صلاحية أكبر في "قبول أو رفض" طلبات الاستثمار، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.
يقول مستثمر ومالك لمصنع مشروبات غازية، كمال غبريني، لـ"العربي الجديد" إن "الجزائر هي من بين الدول القليلة في العالم التي يحتاج فيها أي شخص يريد خلق ثروة ومناصب شغلٍ، إلى طلب "الإذن المسبق"، والذي ينتظره عدة أشهر دون أن يكون متأكدا من الحصول عليه".
"في الجزائر، يجب على المستثمرين الذين يريدون إقامة أي مشروع، إبلاغ "المجلس الوطني للاستثمار" إذا كان المشروع في القطاع الخاص، وإذا كان المشروع بالشراكة مع القطاع العام، يجب على المستثمرين إبلاغ "مجلس مساهمات الدولة"، وكل هذا المسار يترتب عليه ملف يفوق محتواه 100 ورقة و5 خبرات تقنية وبنكية"، حسب المستثمر الجزائري.

وتم إنشاء المجلسين من أجل تسهيل عمليات الاستثمار وإزالة العقبات "البيروقراطية" ولتحرير "المشاريع المجمدة" لأسباب سياسية، كون المجلسين يخضعان لقوة القانون وصلاحيات رئيس الوزراء الذي يترأس "مجلس مساهمات الدولة "، إلا أنهما تحولا مع مرور السنوات إلى عقبة "إدارية " بالنسبة لرجال الأعمال.
وبدأت الملفات بالتراكم على طاولة المجلس الوطني للاستثمار ومجلس مساهمات الدولة حسب الخبير الاقتصادي، مبارك سراي، الذي أكد لـ "العربي الجديد" أن "الكثير من المستثمرين فضلوا التخلي عن مشاريعهم، لأن تضييع الوقت تترتب عليه خسائر مالية بالنسبة لهم، فالمستثمر الذي يتحصّل على "الإذن المسبق" بعد عامين من وضع ملف الاستثمار، عليه إعادة دراسة مشروعه وتحديثه مع المعطيات الاقتصادية والمالية التي تتغير في فترة الانتظار".
ولفت سراي إلى أن "قيمة الدينار تنهار مع مرور الوقت، وأسعار العتاد ترتفع، كذلك تكلفة اليد العاملة، وعليه يفضل الكثير التخلي عن مشاريعهم التي ظلت حبيسة أدراج المجلس الوطني للاستثمار".
ورغم دق منظمات أرباب العمل الجزائرية لناقوس الخطر من تعاظم مظاهر "البيروقراطية" في البلاد، إلا أن الحكومة تبقى ساكنة وترفض تحرير الاستثمار أمام القطاع الخاص، عكس الخطاب الرسمي المروج لدعم الاستثمارات الخالقة للثروة ومناصب الشغل، في سياق تحرير الاقتصاد من التبعية لعائدات النفط ودفعاً للنمو الاقتصادي لمواجهة الأزمة الاقتصادية.

وفي السياق، ترى رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، سعيدة نغزى، في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "مؤسسات الدولة مغلقة ولا تستمع إلا للأصوات القادمة من الأعلى، مؤكدة على ضرورة توقيف هذه "الانتقائية" في المعاملة بين المستثمرين الأجانب والجزائريين، وحتى بين المستثمرين الجزائريين أنفسهم هناك من يستفيد من تسهيلات لأنه مقرب من دائرة الحكم، وآخرون ينتظرون لسنوات من أجل أخذ "ورقة" يحررون بها مشاريعهم". وتتساءل: إلى متى تبقى المشاريع الاقتصادية حبيسة الإداريين والسياسيين؟
إلى ذلك، يفسر الخبير الاقتصادي، جمال نور الدين، تعنت الحكومة في تحرير الاقتصاد من قبضتها بوجود أسباب سياسية محضة، فالسلطة في الجزائر حسب المتحدث، "تريد التحكم في حجم الاستثمارات الخاصة ورجال الأعمال، بسبب الرهانات السياسية، تحسبا لأي استحقاق محتمل، وللأسف البلد هو الخاسر الوحيد من هذه البيروقراطية الخانقة والمُضيعة للمال والوقت".
ويستشهد الخبير الاقتصادي في تصريح لـ"العربي الجديد" بحالة رجل الأعمال الجزائري، والذي ظلت مشاريعه حبيسة الملفات ومجمدة بسبب تعنت الإدارة على منحه الضوء الأخضر، وذلك بعد رفضه دعم ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة للعهدتين الرئاسية الثالثة والرابعة، واليوم نفس الشيء يحدث مع النظام الحالي الذي فضل رجل الأعمال معارضته".
وحسب آخر الأرقام الصادرة عن الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، فإن 2200 مشروع لم يتم إنجازها في السنوات الثلاث الأخيرة بالإضافة إلى 610 مشاريع تم التخلي عنها في نفس الفترة.
وكان آخر تقرير عن مؤشر مناخ الأعمال في العالم "دوينغ بيزنس" قد صنف الجزائر في المرتبة 162 من إجمالي 189 دولة من ناحية جاذبية الاستثمارات، متراجعة بذلك تسع مراتب إلى الوراء مقارنة بالتقرير السابق.

المساهمون