"لبنان يغرق"... تقرير للبنك الدولي يحذر من تداعيات الأزمة الاقتصادية

"لبنان يغرق"... تقرير البنك الدولي يحذر من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية

01 يونيو 2021
حذر التقرير من التأثير الاجتماعي الوخيم للأزمة (حسين بيضون)
+ الخط -

وصف تقرير للبنك الدولي لبنان، اليوم الثلاثاء، بأنه "يغرق"، مرجّحاً أن تحتل الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان مرتبة من الثلاث الأولى من الأزمات الأكثر حدة على مستوى العالم منذ منصف القرن التاسع عشر.

ووفقاً لتقرير "المرصد الاقتصادي اللبناني" لربيع 2021 الصادر عن البنك الدولي، فإنّ الناتج المحلي الإجمالي للبنان انخفض من نحو 55 مليار دولار عام 2018 إلى 33 مليار دولار في 2020، كما انخفض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة 40% تقريبًا. 

وأشار التقرير إلى أنّ هذا الانكماش السريع في الناتج المحلي الذي حدث وقت السلم هو عادة ما يرتبط بالصراعات أو الحروب، حيث يعتبر لبنان من وجهة نظر البنك منذ فترة طويلة "دولة هشة تسيطر عليها النزاعات والعنف".

 

وحذر التقرير من أنّ الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها لبنان "تخاطر بفشل وطني شامل له عواقب إقليمية وعالمية محتملة".

ويرى التقرير أنّ "حجم الكساد الاقتصادي الذي يعاني منه البلد، مع عدم وجود نقطة تحول واضحة في الأفق، هو بسبب التقاعس الكارثي المتعمد في السياسة".

 

تأثيرات اجتماعية
وأشار التقرير إلى "التأثير الاجتماعي الوخيم للأزمة، والذي يمكن أن يتحول بسرعة إلى كارثة؛ حيث من المرجح أن يكون أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر الوطني، إذ يواجه لبنان، الذي له تاريخ من الحروب الأهلية والصراعات، تهديدات واقعية لسلامه الاجتماعي الهش بالفعل".

حذر التقرير من أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها لبنان تخاطر بفشل وطني شامل له عواقب إقليمية وعالمية محتملة

 

وأكد التقرير أنّ الطبقة العاملة التي تتقاضى راتبها بالليرة هي الأكثر تأثراً بالتراجع البالغ في قدرتها الشرائية، وقد أظهرت مسوحات أجراها برنامج الأغذية العالمي عبر الهاتف في أواخر 2020 أنّ 41% من الأسر يصعب عليها الحصول على المواد الغذائيّة وسدّ حاجاتها الأساسيّة الأخرى.

وارتفعت نسبة الأسر التي تواجه صعوبات في الحصول على الرعاية الصحيّة من 25% إلى 36%، كما أن معدّل البطالة ارتفع في صفوف المشمولين بالمسح، فانتقل من 28% قبل كوفيد 19 إلى حوالى 40% في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وأثّرت تقلّبات سعر صرف الليرة اللبنانية على الأسعار، ممّا أدّى إلى زيادة التضخّم ليبلغ 84.3% في عام 2020. ووصل سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، في تعاملات الأسبوع الماضي، بالسوق الموازية إلى 13000 مقابل الدولار الواحد.

وقدَّر التقرير تقلّص نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 20.3% في عام 2020، إثر تقلّص بنسبة 6.7% في عام 2019، كما تعرّض قطاع السياحة إلى ضربة قويّة بشكل خاص، ناجمة إلى حد بعيد عن كوفيد 19؛ وتراجع عدد المسافرين الوافدين بنسبة 71.5%.

الطبقة العاملة التي تتقاضى راتبها بالليرة هي الأكثر تأثرا بالتراجع البالغ في قدرتها الشرائية

 

وفي موازاة ذلك، شهدت تراخيص البناء وعمليّات تسليم الإسمنت، وهي من مؤشرات أنشطة قطاعي البناء والعقارات، تراجعًا سنويًا قدره 26.9 و44.7% على التوالي، خلال الأشهر العشرة الأولى من 2020.

 

هشاشة لبنان
زادت الأزمة المالية والاقتصاديّة من هشاشة لبنان وتفكّكه، مما زاد من خطر الاضطرابات المدنية والاجتماعية. وزادت الأزمة من أوجه الخلل الطويلة الأمد، بما في ذلك مكامن الضعف المؤسسيّة، والسياسة الاجتماعيّة والاقتصاديّة الفاشلة، والخدمات العامة السيئة.

وفي هذا السياق، وفقاً للتقرير، فإنّ القلق يزداد في لبنان، من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية.

 

ويسلّط التقرير الضوء على محركين اقتصاديين محتملين قيد التدقيق المتزايد، يمكن أن تكون لهما انعكاسات اجتماعيّة ملحوظة، وهما دعم الصرف الأجنبي في لبنان للواردات الأساسيّة والمهمّة، والذي يشكّل تحديًا اجتماعيًّا وسياسيًّا جدّيّاً.

والثاني هو وقع الأزمات على أربع خدمات عامة أساسيّة وهي الكهرباء، وإمدادات المياه، والصرف الصحي، والتعليم.

ويهدد الافتقار الحاد للعملات الأجنبيّة بإنهاء عقود القطاع الخاص لصيانة محطات توليد الطاقة الكهربائيّة وتوليد الطاقة المؤقت. وفي الوقت نفسه، تتقلّص إيرادات شركة كهرباء لبنان، التي هي بالليرة اللبنانيّة، بسبب الخسائر الفنية والتجاريّة المتزايدة وتلك المرتبطة بالجباية.

ويُتوقَّع أن تزيد مؤسسة كهرباء لبنان من فترات التقنين في التغذية بالتيار الكهربائي لإدارة القصور في تدفقاتها النقديّة.

وفي عام 2020، افتقرت مؤسسات المياه إلى الإمدادات والإيرادات والموارد البشرية والماليّة بشكل خطر، في ما شهدت زيادة مضطردة في التكاليف. وبسبب تراجع إمدادات المياه من مؤسسات المياه في العام 2020، كان على المواطنين الاعتماد على بدائل أخرى أكثر كلفةً وأقل ملاءمةً، على غرار صهاريج المياه وقوارير المياه، التي ارتفعت أسعارها.

المساهمون