"تحية إلى مجلّة شعر": استعادةٌ تُذكّر بالعدد الأخير

"تحية إلى مجلّة شعر": استعادةٌ تُذكّر بالعدد الأخير

31 يوليو 2023
لقاء يجمع بعض شعراء مجلّة "شعر" مع نقّاد وشعراء آخرين في منزل يوسف الخال
+ الخط -

بين عامَي 1957 و1969، أصدر شعراء عرب بارزون في ذلك الوقت مجلّة "شعر". وعلى الرغم من أنّ سنوات ثلاثاً من الانقطاع تخلّلت تلك الفترة، وأنّ الكثير من الانتقادات وُجّهت للمشروع، إلّا أنّ أحداً من نقّاد الأدب ومؤرّخيه لا يستطيع تجاهُل هذا الاسم الذي تجاوَز مؤسّسِيه، وتحوّل إلى تيّار فكري لا شعري فحسب، استمرّت آثاره في الشعر العربي أبعد بكثير من تاريخ صدور العدد الرابع والأربعين والأخير، في خريف عام 1969.

أكثر من نصف قرن إذاً مرّ على ذلك الإصدار. وها هي "دار نلسن" في بيروت تستعيده في كتابٍ يصدر هذه الأيام، تحت عنوان "تحية إلى مجلّة شعر: نصف قرنٍ مضى". استعادةٌ تُذكّر بجيل "قُل كلمتك وامض"، وفقاً لدعوة أحد أبرز شعراء المجلّة: أدونيس (كان قد غادر "شعر" قبل ذلك التاريخ)، بقدر ما تستبطن مقداراً من المساءلة أيضاً، من قِبَل قُرّاء جدد، لهُم طموحاتُهم ورؤاهم الخاصّة عن الشعر، وعن مشهده الراهن، وبالتالي يصبح النقد - لا الاطّلاع والحوار فحسب - واجباً بين أجيال ومشاهد مختلفة.

استحضارٌ يستدعي قراءة نقدية لتجربة المجلّة من قِبَل جيل جديد 

ويشير الناشر اللبناني، سليمان بختي، في مقدّمته للعدد، إلى أنّ "المجلّة قد توقّفت، ولكن لم تتوقّف المغامرة، توقّف الوقت ولم يتوقّف الشعراء، توقّف الكلام ولم تتوقّف القصيدة"، ويحيل في المقدّمة أيضاً إلى عامل سياسي، هو ما أدّى إلى نهاية المشروع؛ فنكسة 1967 كانت أكبر من مُجرّد خسارة عسكرية. وبالتالي لم تصطدم "شعر" بجدار اللغة فحسب، كما عبّر الشاعر يوسف الخال، وأكّده أُنسي الحاج أيضاً عندما أصر على أن يُكتب على الغلاف "العدد الأخير"، بل لأنّ مقولة الخال تلك لها تكملة لا بدّ منها، فـ"مع الهزيمة تَغيّر الجوّ تماماً، وانقلب المناخ وصار القارئ العربي لا يهتمّ بالشعر، ولا بأيّ أدب إبداعي. باختصار برزت اهتماماتٌ خارجة عن الأدب والشعر والفنّ تماماً". في المقابل، يبدو أنّنا، كقرّاء اليوم، مدعوّون إلى أن نأخذ مسافة نقدية من كِلا المقولتَين، وننظر في ما تُؤدّيانه بعد كلّ هذه السنوات.

الصورة
مجلة شعر - القسم الثقافي

يحتوي "العدد الأخير" افتتاحية بقلم الخال تحمل عنوان "الفكر والحرية"، وقصائد لـ أُنسي الحاج تحت عنوان "تحت حطب الغضب"، و"قصائد من مملكة اليأس" لمحمد عفيفي مطر، إلى جانب مقالات وكتابات فكرية؛ مثل "السيرة الطويلة" لكاتب ياسين، و"إحسان عبد القدّوس يُدافع عن نفسه" لغالي شكري، و"حريق ليلة العرس" لأحمد مرسي، و"نيكرولوجيا" لمحمد زفزاف، و"أولئك الراقصون ببلاهة" لباسيل عكولة، و"المضمون وحده لا يصنع فنّ الشعر" لروز غريب، و"عودة إلى إزرا باوند وأثره في الشعر" لسهيل بديع بشروئي، و"مع المعلّم سلفادور دالي في باريس" لنور سلمان، و"الطليعة في المغرب تبحث عن ميكروفون" لإدريس الخوري، و"حول الشعر السياسي المعاصر في ألمانيا" لهانز بندر، و"مشهد  دائرة الطباشير القوقازية"  لبرتولد بريشت، وفصل مترجم من رواية "البومة العمياء" للإيراني صادق هدايت. أمّا الغلاف والرسومات الداخلية فهي لوضّاح فارس.

المساهمون