القصيدة الطويلة

13 مايو 2016
يوسف الخال (1916- 1987)
+ الخط -
لا أرى سيداً في الجمع.

البجع يتمطّى في البحيرة، ولا نسر في الأفق.

المياه راكدة، والضفاف أقرب من الأنف. الهواء ثقيل. النور ثقيل. الحمار ينطق، لا بأعجوبة. الأعمى يبصر، لا بأعجوبة. الميّت يقوم، لا بأعجوبة. الأعجوبة رقم في آلة، والسماء بقيت في المجاهل.

كنت صامتاً وأنا أتكلم. المرأة إلى جانبي رداء قاحل. سأجرع الكأس. والكأس فارغة. سأبتسم وفمي بلا شفاه. سأحصد حقلاً زرعته في الظلمة.

أنا الليل واللصوص ينتظرونني.

لا ترقصوا على قبري، أنا لم أمت بعد. أتلفّت منذ الفجر، فلا من سيّد في الجمع. الجرذان عسكر في دولة الملك، سلاحها أرجل غرقت في سرير من الوحل.

لمن العيون الفستقية. لمن الكسل في الأرداف. لمن البطون العامرة بالهز. المترنحة كقصبة في الريح.

أنا الغابة الوديعة، يقول الجبان. أنا مفرق الطريق، يقول المقعد الكسيح.

كلماتي يابسة كالفحم، سوداء كعربات الموتى. والمعرفة التي سرقتها للناس ستهوي معي إلى الهاوية.

للهوان هذه الثمرة الصادقة. للهلاك هذه التربة الزائفة.

في حضرة العميان نحصي أصابعنا، وأمام السلطان نسكت كالسجاجيد.

النسور تبني أعشاشها في الرمل. وفي الوحل يصلي القديسون.

ارفعوا قبعاتكم أيها العاطلون عن العمل.


* مقطع من قصيدة طويلة للشاعر بالعنوان نفسه

المساهمون