"خبابل" لـ ظافر غريسة: خطوة رابعة في "الفوضى"

"خبابل" لـ ظافر غريسة: خطوة رابعة في "الفوضى"

12 مارس 2020
(ظافر غريسة في عمله السابق "المتاهة"، محمد كريم العمري)
+ الخط -

بداية من 2011، قدّم المسرحي التونسي ظافر غريسة (1988) مجموعة من المسرحيات تحت عنوان جامع؛ "فوضى"، بدأها بمسرحية "فوضى عارمة" (Chaos Calamitos) التي تناولت واقع المجتمع التونسي بعد الثورة بمفردات مسرح العبث، وحملت الثانية عنوان "فوضى في بلاد العجائب" (Chaos in wonderland) واهتمت تحديداً بسنة عرضها (2014) من خلال تصوير المشهد السريالي الذي طبع الواقع الاجتماعي والاقتصادي في تونس سنة 2014، ثم قدّم في 2017 مسرحية "المتاهة" واتخذ لها طرحاً غرائبياً في تناوله لمواضيع مثل التعذيب والإفلات من العقاب.

على خشبة مسرح "تياترو" في تونس العاصمة، يُقام، مساء اليوم الخميس، العرض الأول من مسرحية جديدة ضمن سلسلة "فوضى"، وتحمل عنوان "خبابل" (Asphyxia)، وبذلك يحتفظ بإيقاع الثلاث سنوات بين أجزاء السلسلة. يستند غريسة على نص من تأليفه، فيما يؤدّي العرض كل من: أميرة بليدي ومهران حمدي.

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يشير المخرج التونسي إلى أنه يذهب هذه المرة إلى تناول المعاناة اليومية ضمن الواقع الاجتماعي التونسي المستجدّ، ضمن مقاربة مسرحية تمزج بين مسرح العبث ومسرح القسوة. يضيف: "عادة ما تتمحور أعمالي حول مواضيع حقوقية أؤمن بها وأشتغل عليها في حياتي العامة؛ مثل دعم حقوق المرأة ومناهضة التعذيب وعقوبة الإعدام.

لكن هذه هي المرة الأولى التي أتطرق فيها إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في فترة أعتقد أنها الأنسب لطرح هكذا مواضيع على طاولة النقاش الجماعي وتحميل المسؤوليات لمن اعتادوا التهرّب منها، وهو ما أعتبره إضافة هامة لمشروعي المسرحي، بحيث لا أكرّر نفسي من عمل إلى آخر، ومن زاوية ثانية يستهويني اقتحام مغامرات إبداعية جديدة".

في نصّ تقديم المسرحية، اعتمد غريسة على مقولة الفيلسوف الألماني فريديريك نيتشه "لنا الوهم، كي لا تقتلنا الحقيقة"، فإلى أي حدّ يمكن لها أن تكون مفتاحاً للمتفرّج وهو يسبر العوالم الغرائبية التي يقترحها عليه صاحب "ورقة حمراء"؟

يجيب غريسة قائلاً: "أقرّ بأن لنيتشه بالغ التأثير في مختلف كتاباتي، وهذا النص لا يمثّل استثناء، والمقولة التي أدرجتُها في التقديم تمثّل إشارة إلى أن العمل يمزج ما بين عالمين متوازيين، بين الواقعي الحقيقي بكل ما فيه من قسوة وضيم، وبين العالم الموازي الذي يمثّل كل ما هو خيالي غرائبي نلجأ إليه هروباً من قسوة الحقيقة، وأعتقد بأن الفن بوابة هذا العالم البديل". يشير المخرج التونسي إلى أن نيتشه لا يحضر فقط ضمن التقديم، بل تحضر أكثر من مقولة له في نص المسرحية بصياغات مختلفة، إلى جانب حضور النَفَس النيتشوي بشكل عام ضمن مناخات المسرحية.

في نهاية حديثه، يشير غريسة إلى أن "فوضى" تتضمّن جزءاً خامساً سيكون الأخير، كما يكشف أن النص شبه جاهز، لكنه يعتبر أن الوقت ما يزال مبكراً لإخراجه من بين الرفوف، مع ضرورة التركيز على "خبابل" خلال هذه الفترة.

المساهمون