"سقط صدفةً": الراهن المصري من خلال داريو فو

"سقط صدفةً": الراهن المصري من خلال داريو فو

17 يونيو 2019
(من العرض)
+ الخط -

ألّف الكاتب المسرحي الإيطالي داريو فو (1926 - 2106) عمله "موت فوضوي بالصدفة" مستنداً إلى واقعة حقيقية حدثت عام 1969، حين انفجرت قنبلة داخل المصرف الوطني الزراعي في ميلانو، وقتلت 16 شخصاً وجرحت العشرات.

وللغرابة، تسبب هذا الحدث ليس فقط في اعتقال الجناة، بل بحملة اعتقالات فورية للسياسيين اليساريين وعدد كبير من أعضاء "الحزب الشيوعي"، ومن بينهم عامل سكة حديد من سكان ميلانو، يُدعى جيوزيبه بنيلي.

ظلّت الشرطة تستجوب بنيلي بأساليب وحشية لثلاثة أيام، وفجأة سقط العامل من نافذة الطابق الرابع لمقر الشرطة، وأُعلن وقتها أنه اعترف بمسؤوليته عن التفجير ثم انتحر، كما اعتُقل أناركي يدعى بييترو فالبريدا وبقي في السجن لأربعة أعوام بلا محاكمة.

تصاعدت الأحداث، وكشفت أحزاب اليسار أن التفجيرات التي حدثت في موقع البنك، تم التخطيط لها وتنفيذها من قبل منظّمة فاشية جديدة، مما يثبت براءة الأناركي السجين والشيوعي "المنتحر" وعامل السكة الحديد الذي مات بدم بارد.

لم يكن داريو فو ليفوّت هذه القصة، فألف مسرحية "موت فوضوي صدفة" (صدرت نسختها العربية عن "دار المدى" بترجمة توفيق الأسدي ومراجعة نبيل حفار) في العام التالي للقضية، وكانت ما تزال ساخنة، لكنه وضع في مقدمتها أنها تستند إلى واقعة حقيقية جرت في أميركا عام 1921، حيث انتحر عامل إيطالي أناركي مهاجر أثناء التحقيق معه في أميركا.

هذا النص الذي كثيراً ما ينطبق على واقعنا يتبناه المخرج المصري إسماعيل إبراهيم ويعده للعرض على الخشبة عند الثامنة من مساء الخميس 20 من الشهر الجاري على مسرح "روابط الفنون" في القاهرة، تحت عنوان "سقط صدفة"، ليقدمه بصورة جديدة تحاكي واقع مصر اليوم، ويظهر البطل مريضاً نفسياً، في غرفة الجميع فيها يجلس على كرسي الاعتراف.

من الجرأة العودة إلى نص داريو فو في مصر اليوم، فهو يتناول إساءة استخدام السلطة، والقوانين الجائرة، وعنف البوليس، وانهزامية الإنسان أمامها، ودور الإعلام في تكريس السلطة.

كوميديا داريو فو السوداء، ما زالت قريبة من واقعنا، وقد يكون الكاتب الإيطالي، بأسلوبه الفكاهي الذي يعتمد المفارقات، من أكثر كتّاب النصوص المسرحية الذيين يعود إليهم المخرجون العرب، ففي نصوصه مخارج ملائمة للحديث عن الفساد والدكتاتوريات بأسلوب تهريجي إلى حد ما.

سبق للعرض المصري أن حاز جائزة أفضل عرض في "مهرجان أفانسين" 2017، ويؤدي أدواره كل من إيهاب عشماوي، وأحمد مهران، ومينا سامي، ومروة محمد، ومحمد حسن، وأيمن عبد العزيز.

المساهمون