بحر وجبل

بحر وجبل

04 مايو 2019
أندريا بوتنر/ ألمانيا
+ الخط -

زمان، قبل مئة وستين عاماً أو نحوها، كانت برشلونة المدينة تبدأ من البحر وتنتهي في ساحة كتالونيا فقط. كان سكّانها في الصيف يخرجون إلى "غراسيا" المجاورة ومنها إلى الجبل، ليُصيّفوا.

لم تكن غراسيا حياً من أحيائها، كما هي عليه الآن. بل كانت مدينة أخرى، تفصلها عن برشلونة أسوار.

أمّا ساحة كتالونيا، أشهر ساحات برشلونة وعموم كتالونيا، فنشأت عام 1860 فقط، وكانت هي الحد الفاصل بين المكانَين. أتأمّل كل هذه المعلومات ولا أستغرب. ذلك أن كل المدن نشأت هكذا: من نقطة، من قلب يتمدّد ويتمدّد حتى يضمّ الأطراف.

ميزة برشلونة، المدينة الكبيرة الآن، والثانية من حيث تعداد السكّان، بعد مدريد، أنها قامت على رقعة تمتد من البحر إلى الجبل. الجبل ينحني عليها بصورة قوس نصف الدائرة، وينتهي طرفاه على البحر. وهذا هو واحد من أهم الأسباب التي تجعل السيّاح يفدون إليها: حوالي 18 مليون سائح في السنة.

أمّا الفضل وراء ذلك كلّه، فيعود لأجدادنا الفينيقيين. فهم من أنشأ المدينة، وهم من تخيّروا لها هذا الموقع الاستراتيجي بين البحر والجبل. وبما أنها تتكوّن من سهل وجبل، فهي عملياً مدينتان في واحدة.

على الجبل أنت مع براءة الطبيعة، غاباتها وجمالاتها. في السهل، أنت مع أفق حضري آخر: مع الزحمة والعمران.

ميزتان ليستا متوفّرتَين سوى في عدد من مدن العالم.


* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون